الخليج أونلاين-
تشهد الكويت حراكاً رسمياً غير مسبوق بعد كشف وزارة التربية والتعليم العالي الكويتية، واحدة من كبرى عمليات تزوير شهادات جامعية في البلاد، بحسب وصف وسائل إعلام محلية.
القصة بدأت عندما أعلنت الوزارة، الأربعاء الماضي، اكتشاف تزوير أكثر من 400 شهادة جامعية، معظمها في تخصص الحقوق، في عملية ليست الأولى من نوعها.
وكشفت مصادر في وزارة الداخلية الكويتية أن وافداً مصرياً يعمل في وزارة التعليم العالي، تواطأ مع واحد من أبناء جاليته، للقيام بتزوير الشهادات في بلده، مقابل مبالغ مالية.
وعلى أثر ذلك، تصاعدت دعوات في مجلس الأمة (البرلمان) بضرورة محاسبة جميع من له صلة بهذه القضية، إذ وصف عدد من النواب تلك الحادثة بـ"الفضيحة المدوية".
بدورها، توعدت الجهات الحكومية بمحاسة جميع المتورطين، وفتحت تحقيقاً موسعاً مع عشرات العاملين في المرافق الحكومية، وممَّن حصلوا على شهادات مزورة وهم على رأس عملهم.
وعيد وتحقيق
أمس السبت (21 يوليو)، قالت وزارة التربية والتعليم إنها قدّمت 40 بلاغاً إلى النائب العام، بشأن شهادات جامعية جرى تزويرها خلال العام الجاري.
وقال وزير التربية والتعليم الكويتي، حامد العازمي: إن "اكتشاف الدفعة الأخيرة من الشهادات المزورة تم نتيجة تعاون بين الجهات الحكومية، وعلى رأسها وزارة الداخلية وديوان الخدمة المدنية".
وأضاف العازمي في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية (كونا): إن "الفحص الأولي لبعض الشهادات كشف عن حالات تزوير، ما استدعى مضاعفة جهود الوزارة في فحص المشكوك بصحتها".
وأكد أنه "يجري حالياً التحقيق داخل الوزارة بشأن حالات أخرى (شهادات) تبين أنها مزورة، وذلك بناء على إفادات الجامعات والمكتب الثقافي، لتتم إحالتها للنيابة العامة بعد استكمال التحقيق".
العازمي أشار أيضاً إلى أن "الوزارة أحالت مئات الحالات لشهادات وهميةإلى النيابة العامة من قبل قطاعات الوزارة، خلال السنوات السابقة".
غضب نيابي
وتفاعل عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي مع الحادثة التي اعتبروها "قضية أمن وطني"، إذ أشاد هؤلاء في تصريحات مختلفة بدور وزارتي الداخلية والتربية.
ودعا النواب إلى ضرورة فتح هذا الملف على مصراعيه، وكشف كل المتورطين ومحاسبتهم، وضرورة رد ما استفادوه إلى خزينة الدولة، وفرض الحبس والغرامة عليهم.
نائب رئيس مجلس الأمة، عيسى الكندري، قال إن جهود الجهات الرسمية في الكويت في التعامل مع هذا الملف تمت بكل شفافية ونزاهة.
وأكد الكندري أن وزير التربية يبذل جهوداً مضنية في سبيل إصلاح المنظومة التعليمة بمختلف مراحلها، وبدا ذلك في مكافحة ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات وصولاً إلى كشف الشهادات المزورة.
وشدد على ضرورة استعادة الحكومة لجميع الأموال التي حصل عليها الذين استفادوا من الشهادات المزورة أو الوهمية؛ لأنها أموال عامة .
مطالبات بإجراءات قانونية
الكندري دعا إلى تشكيل لجنة حكومية من الجهات المعنية بالقضية، من أجل حصر كل الذين حازوا هذه الشهادات، تمهيداً لاستردادها وتطبيق القانون كاملاً عليهم.
وحذر من استجابة المعنيين لأية ضغوط خارجية من أجل التغطية، أو المحاباة في هذا الملف الخطير الذي يعنى بالأمنين الوطني والتعليمي، مطالباً بـ"الضرب بيد من حديد".
كذلك، أكد النائب في مجلس الأمة الكويتي، نايف المرداس، ضرورة التعاطي بجدية مع الشهادات المزورة، وعدم التهاون في هذا الملف الذي وصفه بـ"الخطير والمؤثر في جميع مناحي الحياة".
وقال المرداس: "إن كشف هؤلاء سيكون الخطوة الرئيسية في طريق الإصلاح، وإعطاء الفرصة للكفاءات الوطنية الحقيقية في بناء البلد، بعد أن ظُلموا من مزوري الشهادات الذين أخذوا أماكنهم".
بدوره، اقترح النائب خالد العتيبي قانوناً لمعالجة ظاهرة تزوير الشهادات والدرجات العلمية، عن طريق تجريمها بعقوبات مشددة بالحبس والغرامة والعزل من الوظيفة.
وبيّن أن المقترح يتضمن أيضاً المعاقبة بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تتجاوز 3 آلاف دينار (كويتي)، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وطالب العتيبي بإنشاء هيئة مستقلة تحمل اسم هيئة الاعتماد والتفتيش الأكاديمي، تؤول إليها إدارة معادلة الشهادات العلمية التابعة لوزارة التعليم العالي.
خطورة صحية
وزارة الصحة الكويتية بدورها أكدت أن الأطباء الذين زوّروا شهادتهم، حصلوا عليها من جامعات دول عدة، منها باكستان والفلبين والأردن.
وقالت الوزراة في بيان لها: إن "تنسيقاً يجري حالياً بين وزارتنا ووزارة التعليم العالي، لجمع تفاصيل عن المتورطين في هذه القضية".
وأكدت أن "الشهادات المزورة تأخذ بعداً أشد خطورة في مهنة الطب والمهن المعاونة لها؛ لأن العاملين فيها يتعاملون مباشرة مع أرواح الناس".
الوزارة أوضحت أن "الأطباء غير المؤهلين يمثلون خطراً كبيراً على صحة الناس وسلامتهم، ويتسببون في أخطاء طبية قاتلة".
وذكرت أن التحقيقات ستبدأ قريباً، وفي حال أثبتت تورط أحدهم في التزوير فستبلغ العقوبات أشدها، وقد يصل بعضها إلى فصل المتورطين من أعمالهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها اكتشاف تزوير في الشهادات، إذ ألقت السلطات الكويتية العام الماضي القبض على شاب كويتي متخصص في بيع الشهادات المزورة.
وهذا الشاب يحصل على الشهادات من دول عربية، مقابل 12 ألف دولار للشهادة الواحدة، تدفع بالتقسيط، بحسب وسائل إعلام كويتية.
وأحالت الحكومة، في يوليو 2016، 270 مزوراً لشهادات طب وهندسة يعمل أغلبهم في القطاع الخاص، إلى النيابة العامة.