اقتصاد » احصاءات

الأزمة المالية البحرينية.. 5 أسئلة تلخص إجاباتها كل شئ

في 2018/09/05

وكالات-

بعيدا عن المفصليات المتشعبة لتطورات الأحداث في منطقة الخليج، تعيش البحرين حالة رتابة اقتصادية مضبوطة على وضع الأزمات، تطورت إحداثياتها على مدى الأشهر الماضية نحو الأسوأ، وهي الحالة التي أثارت تساؤلات حول السبب وراء ذلك، قياسا إلى حجم مملكة البحرين الصغير، وانخراطها في تحالف قوي حالي مع السعودية والإمارات، ما يستوجب حدوث تحسن في أزمتها بشكل سريع، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.

الواقع يشير إلى أن الأزمة المالية البحرينية لا تزال مفرداتها متواجدة بقوة، الدينار مستمر في الانخفاض، والأصول الأجنبية تترنح بالبنك المركزي والبنوك الأخرى، ودين عام متضخم للغاية.

قد يكون من المفيد هنا استعراض بعض الأسئلة وإجاباتها، لمحاولة إظهار أكبر جزء ممكن من الصورة..

كيف بدأت الأزمة المالية البحرينية؟

بدأت الأزمة المالية في البحرين بالتزامن مع الانخفاض الكبير الذي ضرب أسعار النفط العالمية في 2014، حيث يعد النفط هو الركيزة الأساسية لإيرادات المملكة البحرينية، ومع أن ثروتها النفطية تعتبر قليلة للغاية، مقارنة مع جيرانها الخليجيين، إلا أن عائدات النفط المنتعشة حينما كان السعر العالمي جيدا كفلت استقرار ماليا نسبيا للبلاد.

ما هي ملامح تلك الأزمة؟

وفقا لأرقام متداولة عن الموقف المالي للبحرين في يوليو/تموز الماضي، بلغ صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي حوالي 1.8 مليار دولار، وهو مبلغ يغطي واردات المملكة لنحو 40 يوما فقط، أي أنه دون المستوى الآمن للاقتصادات الناشئة (واردات 90 يوما على الأقل).
في سياق متصل، انخفض مجموع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي وبنوك التجزئة البحرينية إلى سالب 1.4 مليار دولار بنهاية مايو/أيار الماضي، وهو أدنى مستوى مسجل على الإطلاق، وفق ما أعلن البنك المركزي البحريني، في يوليو/تموز الماضي. (تعني القيمة السالبة أن مجموع الالتزامات يفوق مجموع الأصول)
تثار الشكوك، في ظل هذه الأرقام، حول قدرة البحرين على سداد سندات دين متوافقة مع الشريعة (صكوك) بقيمة 750 مليون دولار، يستحق سدادها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
انخفضت قيمة الدينار البحريني، متأثرة بهذا الموقف المالي المتأزم لأدنى مستوى لها منذ 17 عاما، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 0.382 دينار في 26 يونيو/حزيران الماضي.
ارتفع الدين العام للبحرين العام الماضي إلى ما يعادل 89% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشير تقديرات الأسواق إلى احتمال نسبته 30% لتخلف المملكة عن سداد سندات دينها في السنوات الخمس المقبلة، وفقا لمؤسسة "ماركت".
بلغ الدين العام بنهاية النصف الأول من العام الجاري 11.5 مليار دينار (30 مليار دولار) بزيادة قدرها 12%، فيما يتوقع أن يبلغ العجز مليار ونصف دينار وأن تصل فوائد الدين العام 500 مليون دينار.
أعلنت وكالة "موديز"، منذ أسابيع تخفيض تصنيفها للاقتصاد البحريني من "B1" إلى "B2"، مع إبقاء النظرة المستقبليّة "سلبية".
الوكالة توقعت أن يرتفع عبء الدين البحريني إلى نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي من أقلّ من 90% العام الماضي، ورأت أن البحرين فقدت إمكانية الوصول إلى أسواق الدين العالمية بكلفة معقولة وعلى الأقل بشكل مؤقت.

ما هي أسباب الأزمة المالية البحرينية؟

أولا: انخفاض أسعار النفط العالمي في 2014 بشكل مفاجئ.

ثانيا: فشل البلاد في تطبيق خطة تقشف واضحة للإصلاح المالي، بسبب خشية المعارضة الشعبية.

ثالثا: عدم وجود رؤية واضحة لتنويع مصادر الدخل، وبالرغم من أن هناك رؤية تسمى 2030 تتبناها الحكومة، إلا أن مراقبين يؤكدون أنه لم يتم تنفيذها بجدية حتى الآن.

رابعا: تفشي الفساد في البحرين بشكل كبير، حيث أشارت تقارير إلى عمليات فساد كبيرة في إدارة منشآت اقتصادية وتجارة (تسقيع) أراضي، لصالح العائلة المالكة، وهو ما كان محور تقرير مطول نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية.

خامسا: تضخم الإنفاق العسكري البحريني بشكل غير مبرر، منذ عام 2003 وحتى 2018 بما مقداره 302%، مما يعني نحو 23 مليار دولار، أي ثلثي الدين العام البحريني الذي يبلغ نحو 35 مليار دولار.

سادسا: ارتفاع غير مبرر لمصروفات جهات حكومية، وعلى سبيل المثال كشف الكاتب الصحفي البحريني "حسين يوسف" أن  ميزانية الديوان الملكي صارت تفوق 500 مليون دينار بحريني، ومصروفات ديوان رئيس الوزراء ارتفعت بما مقداره 900% بين عامي 2001 وحتى الآن، حيث باتت تبلغ 300 مليون دينار.

ما هو موقف دول الخليج من الأزمة؟

في 26 يونيو/حزيران الماضي، قالت السعودية والإمارات والكويت، في بيان مشترك، إنها تنظر في كافة الخيارات لدعم البحرين، وستعلن قريبا برنامج مساعدات مالية للمملكة، لكن البيان لم يتضمن أي تفاصيل.

وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، التقى وزراء مالية الكويت والسعودية والإمارات في العاصمة البحرينية المنامة، لـ"بحث تحفيز النمو الاقتصادي والتنمية" للبحرين، لكن البيان الصادر عن اللقاء لم يشر إلى أية خطوات عملية للتخفيف من الأزمة.

وبحسب تقرير نشرته "رويترز"، وأوردت فيه آراء خبراء ومصرفيين، فإن الموقف المالي للبحرين سيبقى مهتزا، حتى مع تقديم الدعم المالي من الجيران الخليجيين، دون اتخاذ المنامة خطوات تقشف صعبة لتقليص العجز في ميزانيتها.

ما سبق يقود لسؤال، هل ستقدم دول الخليج دعما مطلقا للبحرين أم مشروطا؟ وجزء من الإجابة قد يكمن في إعلان المنامة نهاية أغسطس/آب الماضي عن إصرارها على المضي قدما في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، في إطار الاتفاقية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يشير إلى بداية رضوخ المنامة لضغوط خليجية لحلحة أزمتها بشكل مستقل عن المساعدات من جيرانها.

هل هناك حلول أخرى؟

الحل الطارئ الذي قد تلجأ إليه البحرين خلال الفترة المقبلة، بحسب مراقبين، قد يتمثل في اتخاذها قرارا بتسييل بعض أصولها بالداخل واستثماراتها بالخارج.

وفي هذا السياق، يتوقع مراقبون أن يبيع صندوق الثروة السيادي لمملكة البحرين، ممثلا في شركة "ممتلكات" حصتها في شركة "نوبل ليرنينغ"، الرائدة في مجال تقديم خدمات التعليم الخاص في الولايات المتحدة، في إطار تسييل بعض أصولها لمواجهة الأزمة.

بالإضافة إلى ذلك، قالت مصادر حكومية كويتية إن الكويت تتجه لشراء حصص مملوكة من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في شركات بحرينية، ضمن خطتها لمساعدة البحرين للانقاذ المالي، بحسب صحيفة "الأنباء" الكويتية.

في النهاية، تعلم البحرين جيدا أن دواءها مر، لكن السؤال المهم هنا هو: "هل تستطيع تحمله؟".