سي إن بي سي-
لا يتوقع المحللون أن تتخذ المملكة العربية السعودية وحلفاؤها قرارا سياسيا رئيسيا في اجتماع الدول المنتجة للنفط "أوبك" نهاية هذا الأسبوع، لكن السعوديين يواجهون تحديا آخر، ألا وهو استرضاء الرئيس "دونالد ترامب"، مع الإبقاء على رؤية المملكة لمسار التحالف الكبير لمنتجي النفط الخام.
ويريد "ترامب" من السعوديين أن يعززوا الإنتاج لمنع أسعار النفط من الارتفاع، بينما تعيد إدارته فرض عقوبات على إيران، ثالث أكبر منتج في منظمة "أوبك"، ومنافس الرياض الإقليمي الرئيسي.
لكن السعودية تواجه تهديدات لقيادتها لنحو 24 دولة منتجة للنفط، إذا أدركت تلك الدول أن المملكة تقوم بإرضاء واشنطن على حسابها.
وخلال اجتماع، الأحد، في الجزائر، يأمل السعوديون في تحقيق هدفهم المتمثل في جعل التحالف، الذي تشكل قبل عامين لإنهاء التراجع المدمر في أسعار النفط، أكثر ديمومة قبل الاجتماع الكبير المقبل في ديسمبر/كانون الأول. وقد خفضت منظمة "أوبك"، التي تضم 15 دولة، ومجموعة من المنتجين الآخرين بقيادة روسيا، إنتاجها طواعية منذ عام 2017؛ لتعزيز أسعار النفط. والآن، يريد السعوديون و"أوبك" إضفاء الطابع المؤسسي على التحالف الجديد.
في مرمى نيران "ترامب"
وفي حين أن العمل على استرضاء "ترامب" قد يثير تساؤلات حول القيادة السعودية، فإن الإخفاق في إرسال إشارة واضحة إلى الرئيس الأمريكي قد يضع "أوبك" في مرمى نيران "ترامب".
ويأتي ذلك بعد أن أعاد "الكونغرس" إحياء تشريعات تهدف إلى منع "أوبك" من التلاعب بأسعار النفط. ويقول محللون إن السعوديين قلقون على الأرجح من أن "ترامب" سيدعم تشريع الحزبين، وهو أمر رفضه الرئيسان "جورج دبليو بوش" و"باراك أوباما".
وألقى "ترامب" اللوم أولا على "أوبك" لارتفاع أسعار النفط في أبريل/نيسان. ومما لا شك فيه أن مشاكل الإنتاج في بعض البلدان قد دفعت التحالف إلى خفض الإنتاج بشكل أعمق مما كان مقصودا، مما ساعد على تعزيز الأسعار، لكن المحللين يقولون إن سياسة "ترامب" تجاه إيران تلعب دورا رئيسيا في دفع النفط الخام إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014، في نطاق 70 إلى 80 دولارا للبرميل.
وقال تقرير إخباري، الثلاثاء الماضي، إن السعوديين مرتاحون الآن لأسعار خام برنت، التي تفوق 80 دولارا للبرميل، وهو ما دفع "ترامب" للتغريد مجددا لانتقاد "أوبك".
وقال "ماكنالي": "لا أعتقد أن السعوديين يشعرون بالارتياح حيال وصول سعر خام برنت لأكثر من 80 دولارا، لأن ذلك يجعل الرئيس ترامب غاضبا".
ومن شأن زيادة الإنتاج أن تؤذي العديد من منتجي النفط، لأن عددا قليلا من أعضاء المنظمة يملكون قدرة إنتاجية كبيرة. ويعني هذا أن الكثيرين سيشهدون تقلص عائداتهم النفطية، في حين يوسع حفنة من المنتجين، مثل السعودية وروسيا والإمارات العربية المتحدة، حصتهم في السوق.
الأكثر احتمالا
ويقول المحللون إن المسار الأكثر احتمالا لـ"أوبك" في نهاية هذا الأسبوع هو إعادة تأكيد سياستها الحالية؛ حيث تسعى إلى زيادة طفيفة في الإنتاج، للعودة إلى هدفها المتمثل في خفض الإنتاج بمقدار 1.8 ملايين برميل يوميا. ويمكن للسعوديين والروس بعد ذلك ممارسة ضغط هبوطي على أسعار النفط، بقولهم إنهم على استعداد لمواجهة أي نقص في العرض.
ويقول "جون كيلدوف"، الشريك المؤسس في صندوق تحوط للطاقة، إن الحفاظ على الوضع الراهن والفشل في زيادة الإنتاج سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع أسعار النفط.
ويتوقع "كيلدوف" أن يكون تأثير عقوبات "ترامب" على إيران أكثر وضوحا في الأسابيع التي تلي انتهاء الانتخابات النصفية. وبمجرد أن تنتهي الانتخابات، قد تكون الإدارة مستعدة لتحمل سعر أعلى للنفط.
كما تعتقد "هيليما كروفت"، رئيسة الاستراتيجية العالمية للسلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس"، أن بعض الجهات في السوق لا تفهم مدى جدية إدارة "ترامب" في معاقبة إيران. وتقول إن السؤال عن مقدار ما يمكن لإدارة "ترامب" تحجيمه من سوق النفط الإيراني هو جزء واحد فقط من المعادلة. ومن وجهة نظرها، لا يركز السوق بما فيه الكفاية على الكيفية التي سترد بها إيران.
وهدد الزعماء الايرانيون بالفعل بتعطيل شحنات النفط عبر مضيق "هرمز"، الذي يعد أكثر ممرات البحر ازدحاما في العالم بصادرات الخام النفطي. ويمكنهم أيضا استئناف برنامجهم النووي، أو زيادة العمليات في المسارح الخارجية، مثل اليمن وسوريا، وهو ما تحذر منه "كروفت". ومن شأن ذلك أن يلهب التوترات في المنطقة، ويزيد من تكلفة المخاطر الجيوسياسية التي تنعكس على أسعار النفط.
وبينما تقول السعودية إن لديها ما يقرب من مليوني برميل في اليوم من الطاقة الإنتاجية الفائضة التي يمكن استغلالها، يقول المحللون إنه من غير المحتمل أن تتمكن المملكة من جلب هذا الإنتاج للتداول بسرعة كافية، وأنها ستواجه صعوبات في الحفاظ على هذا المستوى من الإنتاج.
ويشكك "ماكنالي" أيضا في قدرة "أوبك" على إطفاء الحرائق في سوق تتعرض فيه إمدادات إيران للانهيار بفعل العقوبات الأمريكية، مع تضاؤل القدرات الاحتياطية، وعدم استدامة الإنتاج في العديد من الدول الأعضاء. وقد شبه الطاقة الاحتياطية بسيارات الإطفاء، و"أوبك" بمدينة مصنوعة من الخشب.
وأضاف: "إذا خرجت جميع سيارات الإطفاء لإخماد نيران إيران، فإن هذا يعني أنه لا توجد أية سيارات متبقية للتدخل إذا ما اشتعلت النيران في ليبيا أو فنزويلا أو العراق".