الخليج أونلاين-
لا شك أن حالة الغرق التي تعاني منها أهم مؤشرات الاقتصاد البحريني أثّرت بشكل كبير على البلاد، خصوصاً مع استمرار غياب الإصلاحات، واستمرار التبعيّة الخالصة للسعودية، التي لم يجنِ منها أي فائدة.
فبعد 10 أعوام مضت على إطلاق المنامة رؤيتها التنموية لعام 2030، لا يزال اقتصادها يترنّح، ونسبة نموّه هي الأدنى بين بقية دول الخليج، حسب معطيات رسمية.
وبلغة الأرقام؛ فإن البحرين تعاني من ارتفاع دينها العام بنسبة 23% على أساس سنوي، صعوداً من 19.3 مليار دولار إلى 23.7 مليار دولار، ليكون هذا الرقم الهائل الأعلى في تاريخ البلاد.
وحسب صندوق النقد الدولي، يُتوقّع أن يتجاوز الدين العام 100% من الناتج المحلي في 2019، مع تقديرات بأن يصل عجز الميزانية إلى 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري، خاصة مع استمرار انخفاض أسعار النفط.
وتحتاج المنامة، حسب صندوق النقد الدولي، إلى أسعار نفط عند 99 دولاراً للبرميل الواحد من أجل تحقيق التوازن في ميزانيتها لعام 2018.
والبحرين تعتبر الأشد فقراً في الموارد النفطية بين دول الخليج، حيث تُنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً، منها 150 ألفاً كحصة من حقل "أبو سعفة" المشترك مع السعودية، ونحو 50 ألفاً من حقل البحرين.
وإضافة لكل هذه المؤشرات فإن احتياطات البنك المركزي البحريني من النقد الأجنبي انخفضت منذ عام 2014 بنحو 75%، لتبلغ مع نهاية 2017 قرابه 522 مليون دينار (نحو 1.39 مليار دولار)، فضلاً عن نسب بطالة وصلت إلى 20%.
انتشال من الغرق
وفي محاولة لإنقاذ المملكة الصغيرة من أزمة مالية حادّة، قرّرت دول السعودية والإمارات والكويت التدخّل عبر برنامج لدعم الإصلاحات الاقتصادية، من خلال مبلغ يصل إلى 10 مليارات دولار؛ "لضمان استقرارها المالي وحماية العملة البحرينية".
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية، نقلاً عن مصادر مطّلعة، الجمعة 28 سبتمبر، أن حلفاء البحرين الخليجيين يدرسون تقديم مساعدات مالية للمنامة على مدى 5 سنوات.
ولفتت إلى أن حزمة المساعدات تتضمّن ودائع لدى البنك المركزي البحريني بفائدة منخفضة، خاصة بعد انخفاض الأصول الأجنبية لأدنى مستوى لها خلال 5 سنوات، حيث تراجعت بنسبة 18.2% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
23 مليار دولار ديون
وشهدت الديون العامة للمنامة قفزات متتالية؛ فخلال 10 سنوات (2007-2017) نما الدين العام للبحرين بنسبة 1381%، حسب أرقام رسمية.
وفي 2017، أعلن مصرف البحرين المركزي ارتفاع الديون إلى 8.95 مليارات دينار (23.7 مليار دولار)، وذلك مقارنة بـ 7.3 مليارات دينار (19.3 مليار دولار) في 2016، بنموٍّ نسبته 23% على أساس سنوي.
وفي قراءة مستقبلية للاقتصاد البحريني ذكر تقرير لبنك "أوف أمريكا" أنه من المتوقّع أن يظل الوضع الاقتصادي للمملكة دون تحسّن خلال الفترة المقبلة.
وأفاد التقرير بأن الاقتصاد البحريني تدهور خلال الفترة الماضية بصورة أكبر من المتوقعة، حيث انخفضت الاحتياطات النقدية، بالإضافة إلى ارتفاع الدين الحكومي.
وحول التبعيّة البحرينية للسعودية والفوائد الاقتصادية التي جنتها المنامة، قال المحلل الاقتصادي عاصم أبو العز: إن "هيمنة الرياض سياسياً وعسكرياً على البحرين تسبّبت بإضعاف اقتصاد الأخيرة وليس تنميته".
وأضاف أبو العز لـ"الخليج أونلاين" في تصريح سابق: إن "اقتصاد البحرين كان سيكون أفضل حالاً فيما لو سمحت السعودية لها بضمّ بئر أبو سعفة النفطي، لكنها رفضت ذلك وفرضت سيطرتها على البئر على الرغم من أن أغلبه يقع بالمياه الإقليمية للمنامة".
وأشار إلى أن الاقتصاد البحريني يمرّ، منذ هبوط أسعار النفط عام 2014، بأزمة حادّة تفوق أزمات بقية الدول الخليجية، التي تمكّنت إلى حدٍّ ما من السيطرة على تلك الأزمات عبر التقشّف وتعزيز اقتصادها غير النفطي.
ولفت إلى أن الأزمة الاقتصادية في البحرين تسبّبت بانخفاض احتياطاتها من النقد الأجنبي، لتطلب بالنهاية مساعدات عاجلة من دول الخليج لمنع انهيار عملتها المحلية.