فورين بوليسي- ترجمة منال حميد -
نصحت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، من أسمتهم "الفرحين بعمليات الإصلاح" التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن "يشعروا بالقلق من فشل تلك الإصلاحات"، وكان الرئيس الأمريكي على رأس من وجهت لهم المجلة النصيحة، إذ وصفته بأنه "كان مندفعاً ومؤيداً لابن سلمان".
وتابعت المجلة في مقال لجون هانا، إن "الأشهر القليلة الماضية أثارت القلق؛ إذ كان هناك تدفقاً من الأخبار السيئة، ويبدو أن الذين اعتقدوا أن عملية إخراج السعودية إلى القرن الحادي والعشرين تمر بسلاسة، أصيبوا بانتكاسات، وتبين لهم أنهم كانوا يخدعون أنفسهم".
المجلة تحدثت عن وجود "إشارات تحذير واضحة لإدارة ترامب عليها أن تأخذها بعين الاعتبار، وأن تتخذ إجراءات أكبر للحد من اندفاع محمد بن سلمان".
واستطردت تقول إن "أحدث الأخبار السيئة التي جاءت من السعودية، هو الإعلان عن قرار بيع أسهم شركة أرمكو، عملاق النفط السعودي؛ في إشارة واضحة لحجم المشاكل التي يواجهها بن سلمان، الذي سبق له أن أعلن عن الفكرة في العام 2016، لتدخل في مرحلة التأجيل من وقت لأخر".
تقرير خاص
اقرأ أيضاً
هذا ما قاله مؤسس السعودية.. بن سلمان يضرب بوصية جده عرض الحائط
وتابعت: "يبدو أن التأجيل الأخير إلى أجل غير مسمى، هو إشارة واضحة لانهيار الفكرة كلها". وبحسب التقارير فإن الملك سلمان تلقى العديد من الشكاوى من أمراء ومصرفيين ومدراء في شركة أرامكو.
التحذيرات التي تلقاها ملك السعودية، بحسب الصحيفة نصحت بعدم الإقدام على هذه الخطوة؛ لأنها ستؤدي إلى الإفصاح عن التعاملات المالية للشركة، ويحتمل أن تتعرض الشركة بعد ذلك للحرج؛ ما يعني تقويض ليس هيبة الشركة وحسب وإنما شرعية آل سعود نفسها.
المقال تطرق إلى آراء مراقبين، أعتبروا أن قرار إلغاء طرح أرامكو يمثل ضربة خطيرة لبرنامج بن سلمان الإصلاحي؛ حيث كان الأخير يصور الفكرة على إنها جزء أساس في برنامجه الإصلاحي، أو ما يعرف برؤية 2030 لتحويل الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط.
وأضاف: "أصر بن سلمان على إن قيمة الشركة السوقية تصل إلى 2 تريليون دولار، وأن 100 مليار دولار التي يمكن جمعها من الاكتتاب العام ستساعد في تحقيق رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد".
جون هانا يؤكد أن "إعلان تأجيل طرح أرامكو كان له تأثير سلبي على الشركة والسعودية عموماً؛ فقد قرر المستثمرون بسرعة أن تقييم بن سلمان للشركة ب 2 ترليون دولار، مبالغ به بشكل كبير".
وقال: "ورغم عدم وجود معلومات كافية لتقييم سعر الشركة، فإن السعودية لم تقدم تفسيراً موثوقاً للتأجيل المستمر للاكتتاب العام، ولم تبذل أي جهود لتوضيح موقفها، وبدلاً من ذلك اسدلت ستاراً من التعتيم على الموضوع؛ مما أضعف ثقة المستثمرين وزاد من ضبابية المواقف الداخلية السعودية".
الكاتب يرى أن محمد بن سلمان يسعى حالياً من أجل التخفيف من فشل الاكتتاب العام، وذلك عن طريق شراء شركة أرامكو حصة في شركة سابك، وهي شركة البتروكيمياويات التي يملكها صندوق الثروة السيادية السعودية، وتعد رابع أكبر شركة في هذا المجال بالعالم.
وذكر هانا: "من المتوقع أن يستخدم الصندوق هذه الأموال لتمويل إصلاحات بن سلمان وتحقيق رؤية 2030"، مستطرداً بالقول "رغم أن هذه الأموال التي سيحصل عليها صندوق الثروة السيادي يمكن لها أن تسهم في تعزيز إصلاحات بن سلمان، لكنها أقل بكثير من تلك التي كان يخطط لها ولي العهد السعودي، فضلاً عن إنها لا تبدو مثالية لتعزيز ثقة المستثمرين العالميين".
وبحسب الكاتب، فإن "المسؤولين التنفيذيين في أرامكو وسابك، غير متحمسين لهذه الصفقة، وألمحوا أن السبب الرئيس وراءها هو وجود رغبة ملكية للقيام بذلك، إنها ببساطة محاولة لنقل قسري للأصول المالية".
وأوضح قائلاً إن "انهيار اكتتاب أرامكو هو أهم علامة على المشاكل التي تواجه إصلاحات بن سلمان في خلال الأشهر الستة الماضية، لكنها ليست الوحيدة".
واستطرد يقول: "ففي الوقت الذي بدأت المرأة السعودية تقود السيارة في يونيو الماضي، شنّ بن سلمان حملة اعتقالات شملت العديد من الناشطات السعوديات المعروفات، ووجهت لهن تهم شتى من بينها زعزعة استقرار المملكة، والتخابر مع جهات أجنبية، والخيانة، في حين بدا وكأنه رسالة من أعلى هرم في السلطة، وهو أن أي تغيير اجتماعي يجب أن يكون من الأعلى إلى الأسفل؛ في محاولة لدعم سلطات بن سلمان".
جون هانا يشير إلى أن رد الفعل السعودي على الموقف الكندي من عمليات اعتقال الناشطات "جعل الأمور أسوأ وبات ينظر لبن سلمان، في الغرب على الأقل، بأنه متسلط ومتهور، وأن هناك نوبات غير عقلانية يمكن أن تهدد الكثير".
هانا يجد أن "كل هذه التطورات بالإضافة لحملة الاعتقالات التي شملت المئات من الأثرياء في نوفمبر الماضي، الذين لم يفرج عنهم إلا بعد أن دفعوا جزءاً كبيراً من ثرواتهم، أدت إلى زعزعة الثقة بإصلاحات بن سلمان، ودفعت بالكثير من المستثمرين إلى العزوف عن التعامل مع السعودية".
في خلال العامين الماضيين، كانت الأرقام تحكي قصة مزعجة عن السعودية، وفق ما ذكر هانا؛ إذ قدرت الأموال التي هربت إلى الخارج في العام 2017 بنحو 80 مليار دولار، في حين من المتوقع أن تصل هذا العام إلى 65 مليار دولار، وكان ذلك قبل الخلاف الأخير مع كندا بشأن ملف الرياض السيء تجاه حقوق الانسان.
وأضاف: "تقول التقارير إن الأرقام ستكون أكبر، وإذا لم تتخذ الرياض تدابير لوقف هروب الأموال نحو الخارج؛ فالأثرياء السعوديون يعتقدون أن أموالهم تخضع للرصد حالياً. لقد تم استجواب العديد منهم بسبب تحويلات مالية بسيطة للخارج، في وقت تم إيقاف أي عمليات لتحويل أموال ضخمة خارج اليلاد".
وواصل الكاتب: "يشير تقرير أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في يونيو الماضي، إلى أن عام 2017 شهد انخفاضاً في حجم الاستثمار الأجنبي الجديد، ووصل إلى أدنى مستوى له في 14 عاماً،؛حيث أنخفض إلى 80% مقارنة بالعام الذي قبله".
وفي ختام مقاله، دعا الكاتب الولايات المتحدة إلى ضرورة عدم التخلي عن بن سلمان، وأن تساعده على تجنب الأخطاء التي وقع بها؛ كونها ستؤدي إلى انهيار كامل لمشروع الإصلاح في السعودية، وما يحمله ذلك من تهديد للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.