وكالات-
سلط محرر الشؤون الاقتصادية لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، "بن شو"، الضوء على مدى نجاعة التهديدات الذي أعلنتها الرياض، بالرد على أية عقوبات تفرض على خلفية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وركز الكاتب على ما اعتبره تهديدا مبطنا من قبل المملكة للدولة الغربية، المتمثل فى حظر النفط السعودي عن الغرب على غرار ما حدث فى عام 1973، مشككا من تأثير تلك الخطوة حال إقدام السعودية على تنفيذها.
وقال الكاتب إن الأيام المقبلة ستكشف الغموض الذي يلف ملابسات اغتيال "خاشقجي" والطريقة التي سترد فيها الحكومات الغربية حالة ظهور أدلة أن مقتل الصحفي لم يكن خطأ ارتكبته عناصر مارقة من الأمن السعودي، بل بأمر من ولي العهد القوي "محمد بن سلمان".
وهدد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" "بعواقب خطيرة"، فيما هددت الرياض بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام العقوبات الغربية أو أية أشكال من العقاب.
وأصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا أكدت فيها أنها سترد على أية إجراء ضدها بإجراءات أشد، وأشارت إلى الدور الاقتصادي الذي تلعبه المملكة في الاقتصاد العالمي.
وشكك الكاتب فى قدرة السعودية هذه الأيام على إحداث تشويش سياسي واقتصادي على غرار ما حدث فى السبعينات عندما ارتفع سعر النفط إلى أربعة أضعاف، قائلا إنه حال حظر السعودية نفطها سيكون القرار مؤلما ولكنه أقل ألما من الماضي.
وأرجع الكاتب السبب وراء تقليله من تأثير أية خطوة محتملة للسعودية بحظر النفط إلى الغرب، إلى أن سوق الطاقة العالمية قد تطورت بشكل مهم في النصف الأخير من القرن، ولدى الدول الغربية كميات كبيرة من احتياطات النفط وطرق للحصول عليه.
وأضاف الكاتب أن السنوات الماضية كشفت عن تصميم السوق في مواجهة الفرملة الحادة والتحولات في الطلب.
فقد دفع ارتفاع سعر برميل النفط عام 2010 إلى 125 دولارا للبرميل إلى البحث عن مصادر جديدة ومحلية مثل التنقيب عن الزيت الصخري في الولايات المتحدة وتطوير قطاع الغاز.
وتابع أن صناعة النفط الصخري تطورت بطريقة أصبح يشكل فيها الناتج المحلي اليوم نسبة 90% من الاستهلاك الأمريكي.
وذكر أنه في عام 1973 كانت تستورد 6.4 مليون برميل أما اليوم فقد انخفضت إلى 2.3 مليون برميل فقط.
وبالتأكيد فقد تفوقت الولايات المتحدة هذا العام على السعودية كمنتج للنفط الخام في العالم، وكل هذا بسبب الزيت الصخري.
وأوضح أنه عندما انخفض سعر برميل النفط إلى 30 دولارا في عام 2016 توقفت السعودية عن دعم الأسعار العالمية من خلال تعديل إنتاجها لوقت طويل على أمل أن تؤدي الأسعار المنخفضة بمنتجي الزيت الصخري للإفلاس بسبب الديون المتراكمة عليهم، وعلى المدى البعيد.
وكانت استراتيجية فاشلة لأن انتاج النفط الإحفوري ظل واقفا على قدميه.
وأشار الكاتب إلى أنه رغم أن الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا لا تزال تعتمد على الطاقة المستوردة وهي عرضة بالتالي لتداعيات أي صعود مفاجئ لأسعار النفط؛ ولكن حصة الدول الأوروبية من الطاقة المتجددة كمصدر للاستهلاك في صعود.
وأضافت أن تلك الحصة وصلت إلى 17% في عام 2016، ومن هنا فزيادة في أسعار النفط قد يؤدي إلى التحول من الوقود الأحفوري ( كما أدى حظر عام 1973 الدول الغربية لاتخاذ إجراءات لتخفيف الاستهلاك مثل تحديد إدارة نيكسون السرعة على الطرق السريعة بخمسين ميلا في الساعة).
وعلق الكاتب أن هذه الإجراءات قد تكون في صالح الغرب على المدى المتوسط، لكنها لن تكون في صالح السعودية، وشهدت أسعار النفط ارتفاعا منذ منتصف العام الماضي حيث وصلت إلى 80 دولارا للبرميل.
وأشار الكاتب إلى أن معلقا سعوديا اقترح أن بلاده قد تخفض إنتاجها بنسبة 10% ما سيؤدي لارتفاع أسعاره إلى 100 دولار وربما 400 دولار، ولكن هذا الكلام والتلويح بالسيف لم يكن حاضرا في مؤتمر "دافوس الصحراء" لجذب الاستثمارات.
وزاد الكاتب أنه تحدث مع رجال الأعمال السعوديين في الرياض الأسبوع الماضي ووجدهم حريصين على الحفاظ على التحالف مع الغرب وينتظرون تبدد الأزمة الحالية.
والسبب واضح لأن أي تخفيض كبير للإنتاج سيضر بخطط ولي العهد المتعلقة برؤية 2030 ولن يتحقق حلمه ببناء مدينة المستقبل التكنولوجية التي تكلف 500 مليار دولار بدون الاعتماد على الخبرات الغربية، بما في ذلك المعرفة والاستثمارات المالية.
ولن تصبح السعودية المقصد السياحي لو ساءت العلاقات مع الغرب، فالسعودية هي الخاسر في أي مواجهة مع الغرب.
صحيح أن على الدول الغربية التعامل بحذر مع السعودية فيما يتعلق بالتعاون على صعيد مكافحة الإرهاب والاعتبارات الجيوسياسية واستقرار المنطقة، لكن لا تكرار لحظر كما حدث في السبعينات من القرن الماضي، مهما كانت ذاكرة الجيل الذي عاشه.