حنين ياسين - الخليج أونلاين
لم تنجح البحرين في إنقاذ اقتصادها المتهالك، خلال عام 2018 الذي يشارف الانتهاء، فجميع مؤشراته انحدرت للمنطقة الحمراء، ونسبة نموه هي الأدنى بين بقية دول الخليج الست، دون وجود أي توقعات بتحسُّنه في الفترة المقبلة.
وتعرضت البحرين، خلال السنة الحالية، لهزات اقتصادية قوية، تمثلت بتراجع الإيرادات النفطية بعد انخفاض أسعار النفط في نهاية 2018، وارتفاع الدَّين العام إلى مستويات قياسية، وانخفاض احتياطات النقد الأجنبي، علاوة على العجز الكبير بالميزانية الحكومية، وانهيار أسعار عملتها المحلية إلى أدنى مستوياتها منذ 17 عاماً.
انكماش اقتصادي
وأحدثُ المؤشرات التي تعكس ضعف الاقتصاد البحريني أعلنت عنه هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في المنامة، يوم 23 ديسمبر الجاري، حيث قالت إن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للمملكة انكمش في الربع الثالث من 2018، مع انحسار زخم القطاعين النفطي وغير النفطي بالبلاد.
وبحسب الموقع الإلكتروني للهيئة، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الفترة المذكورة، بلغ 1.6%، منخفضاً من نسبة 2.5% في الربع الثاني من العام نفسه.
وأوضحت بيانات الهيئة الرسمية المعنيَّة بالإحصاء في البحرين، أن القطاع النفطي انكمش بمعدل 1.5% بالربع الثالث، في حين نما القطاع غير النفطي بنسبة 2.4%.
والبحرين تُعتبر الأفقر في الموارد النفطية بين دول الخليج، حيث تنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً، منها 150 ألف برميل حصتها من حقل "أبو سعفة" المشترك مع السعودية، ونحو 50 ألف برميل من حقل البحرين.
وفي تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، توقّع تراجع معدلات نمو الاقتصاد البحريني إلى 1.6% مع نهاية عام 2018.
وذكر الصندوق أن توقّعاته تعكس استمرار ضعف أوضاع المالية العامة في البحرين، وتراجع ثقة المستثمرين هناك.
وأشار إلى أنه على الرغم من تنفيذ البحرين تعديلاً كبيراً في المالية العامة، فإن انخفاض أسعار النفط وصل بعجز الموازنة إلى 17.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
الدَّين العام يتصاعد
ويأتي ارتفاع الدَّين العام ضمن أحد أهم مؤشرات انهيار اقتصاد المملكة الصغيرة، فقد ارتفع في النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي، بنسبة 12%.
وبلغت قيمة الدَّين العام البحريني، في نهاية النصف الأول من العام الحالي، 11.5 مليار دينار (30.5 مليار دولار)، ليشكل 86.6% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وفقاً لبيانات رسمية نشرها مصرف البحرين المركزي حديثاً.
وكان الدَّين العام قد سجل أعلى ارتفاع له بتاريخ البحرين في فبراير الماضي، عندما قفز إلى 23.6 مليار دولار، مرتفعاً بنسبة 40.8% على أساس سنوي.
واستمراراً لاعتماد البحرين على الدَّين لتغطية نفقاتها، طرح البنك المركزي للمملكة، في يوليو من العام الجاري، أذون خزانة (أدوات دين) بقيمة 70 مليون دينار (185.7 مليون دولار)، نيابة عن الحكومة.
وشهدت الديون العامة للمنامة قفزات متتالية؛ فخلال 10 سنوات (2007-2017) نما الدين العام لمملكة البحرين بنسبة 1381%.
وفي 2017، أعلن مصرف البحرين المركزي ارتفاع ديون المملكة إلى 8.95 مليارات دينار (23.7 مليار دولار)، وذلك مقارنة بـ7.3 مليارات دينار (19.3 مليار دولار) في 2016، بنموٍّ نسبته 23% على أساس سنوي.
ووفقاً لتقديرات صادرة عن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، فإن نسبة ديون الحكومة من المتوقع أن تقفز بحلول عام 2020 إلى 98%، بعد أن كانت 32% في عام 2012.
إلا أن صندوق النقد الدولي كان أكثر تشاؤماً، فتوقع أن يتجاوز 100% من الناتج المحلي في 2019، مع تقديرات بأن يصل عجز الميزانية إلى 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري، خاصة مع استمرار انخفاض أسعار النفط.
وتحتاج المنامة، حسب صندوق النقد، إلى أسعار نفط عند 99 دولاراً للبرميل الواحد من أجل تحقيق التوازن في ميزانيتها.
استنزاف الاحتياطي الأجنبي
وإضافة إلى الديون، باتت حكومة البحرين تستنزف احتياطي النقد الأجنبي للبلاد؛ في محاولة لتغطية نفقاتها.
وأفادت أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي البحريني منتصف 2018، بأن صافي الأصول الأجنبية انخفض إلى 671.1 مليون دينار (1.77 مليار دولار).
وسجلت الأصول الأجنبية لـ"المركزي البحريني" 726.8 مليون دينار (1.92 مليار دولار) في الشهر المماثل من 2017.
يُذكر أن احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي انخفضت منذ عام 2014 (بداية أزمة النفط)، بنسبة اقتربت من 75%.
الدينار ينهار والبطالة ترتفع
ولم ينجُ الدينار البحريني من أزمة بلاده، فقد انهار منتصف 2018 إلى أدنى مستوياته خلال الأعوام الـ17 الماضية، أمام الدولار إلى 0.38261.
وتعافت العملة البحرينية جزئياً في وقت لاحق، بعد إعلان السعودية والإمارات والكويت عن برنامج مساعَدة بلغت قيمتها 10 مليارات دولار، لدعم استقرار المالية العامة والإصلاحات الاقتصادية بالمملكة الصغيرة.
البطالة أيضاً تضغط على اقتصاد البحرين، فقد ارتفعت نسبتها إلى 8% وإلى 28% بين فئة الشباب، وفق دراسة صادرة عن مؤسسة الخليج للاستثمار.
نظرة مستقبلية سلبية
وإضافة إلى الواقع السيئ، فإنه من غير المتوقع أن تنجح البحرين في الخروج من أزمتها خلال المستقبل القريب.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني الدولية قد خفضت التصنيف الائتماني للبحرين من "Ba2" إلى "B1"، وأبقت على النظرة المستقبلية عند السلبية.
وتصنيف "Ba2" يعني أن هناك شكوكاً في القدرة الائتمانية للدولة. أما "B1"، فيعني أن هناك شكوكاً عالية في القدرة الائتمانية.
وقالت "موديز" في تقريرها عن البحرين، إن المحرّك الرئيس لخفض التصنيف الائتماني هو اعتقاد أن الوضع الائتماني لحكومة المنامة سيستمر في الضعف على نحو ملموس خلال الأعوام المقبلة.
وذكرت أنه "في غياب إجراءات إضافية نشطة، فإنها تتوقّع أن المنامة ستواصل تسجيل عجز بالموازنة على مدى الأعوام المقبلة".