الخليج أونلاين-
لم تعد المملكة العربية السعودية، دولة قوية من حيث القوة الاقتصادية التي كانت تنعم بها أسواقها الداخلية، فالعديد من الأزمات باتت تعصف باقتصادها، خاصة بعد تغييرات جاء بها ولي العهد محمد بن سلمان.
الغش التجاري والتقليد يتصدر قائمة الأزمات، وتقف عاجزها على حلها، حيث وثقت هيئة المواصفات والمقاييس السعودية بدراسة أجرتها في يناير الماضي، الخسائر الاقتصادية التي تنجم عن الغش التجاري، والتي بلغت 16 مليار ريال سنوياً.
إلى جانب هذا الرقم، يؤكد عضو مجلس الشوري السعودي منصور الكريديس أن "الغش التجاري يكلف السعودية 40 مليار ريال سنوياً (10 مليارات دولار)، وهو رقم أعلى من المرصود من قبل مؤسسة المواصفات والمقايبس الرسمية".
وتنتشر في الأسواق السعودية ملايين الأطنان من البضائع الاستهلاكية المغشوشة التي تصل لموائد السعوديين، وفق ما رصدته جمعية حماية المستهلك السعودية.
وتؤكد الجمعية التي تأخذ صفة الرسمية أن 50%من المنتجات في الأسواق السعودية مغشوشة ومقلدة ومخالفة لشروط والمواصفات.
وتأتي هذه الأرقام المرعبة للحالة الاقتصادية الداخلية للأسواق السعودية، في ظل عجز رسمي من قبل السلطات السعودية في مواجهة الغش التجاري، والسيطرة على الأسواق، ووقف تهديد الأمن الغذائي للمواطنين السعوديين.
وتسهم السعودية في تسهيل الغش التجاري، من خلال عدم إقرارها قوانين رادعةً للتجار المستوردين لبضائع مغشوشة، وللبائع الوافدين، وفق ما أكدته صحيفة "سبق" السعودية في تقرير نشرته في عددها الصادر يوم 5 يناير 2019.
وتؤكد الصحيفة أن وزارة التجارة ضبطت منتجات استهلاكية وطبية مغشوشة، تمس حياة المواطنين وتضر بصحتهم، حيث شملت منتجات وسلع وحاجات يومية للإنسان، إضافة إلى قطع غيار سيارات، ومنتجات أطفال، وأجهزة كهربائية.
وتقر الوزارة أن "عملية الغش والتقليد للبضائع والمنتجات متغلغلة بشكل احترافي، ووصلت للمنتجات العالمية ذات السمعة الجيدة من خلال العبث بعلاماتها، وتواريخ صلاحيتها، حيث لم تعد صالحة الاستعمال أو الاستهلاك الآدمي".
غياب للرقابة
ولم تتخذ السلطات السعودية دورها الرقابي في حماية المنتجات التي تصل موائد مواطنيها، للحد من ظاهرة الغش التجاري، وهو ما يهدد الوضع الصحي والبيئي لهم.
وتنتقد الصحيفة الغياب الرسمي للحد من هذه الظاهرة، حيث طالبت بدعم تلك الجهات الرقابية بمزيدٍ من الكوادر المتخصّصة، وتفعيل التنسيق والتعاون بين القطاعات المعنية، وإيجاد نظامٍ فعال ونشط للترصد والتبليغ عن المنتجات الضارّة.
وتشدد على ضرورة إعادة النظر جذرياً وجدياً بعقوبات أكبر، وغرامات تحدُّ من مكافحة الغش والتستر التجاري، للتصدّي ومحاسبة التجار "الغشاشين"، والوافدين "المحتالين"، وإجراء جولات تفتيشية على المخازن.
وتتزامن أزمة الغش التجاري مع تراجع الاقتصاد السعودي في 2018، حيث قالت وزارة المالية في وثيقة نشرتها على صفحتها بموقع "تويتر": إن "الدين العام المستحقّ على المملكة وصل بنهاية 2018 إلى 576 مليار ريال (153 مليار دولار)".
وتوقّعت الوزارة أن يصعد الدين إلى 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار) في 2019، وإلى 848 مليار ريال (226.13 مليار دولار) بحلول 2021.
وكانت قيمة الدين العام للسعودية وصلت مع نهاية العام 2017 إلى 438 مليار ريال (116.8 مليار دولار)، مقابل 316 مليار ريال (84.4 مليار دولار) بنهاية العام 2016.
ويُشكّل الدين السعودي نحو 17.3% من الناتج المحلي للبلاد في 2017، في حين كان 13.1% بـ2016، و1.6% في 2014.
التستر التجاري
وإلى جانب الغش التجاري، يعاني الاقتصاد السعودي الداخلي من ظاهر "التستر التجاري" الذي يتغلل في الأسواق المحلية، بشكل عميق ومخيف في ظل عجز من القضاء عليه من قبل القضاء السعودي.
ويتسبب التستر التجاري بضربة كبيرة للاقتصاد المحلي السعودي، من خلال تحويل الأموال خارج المملكة، وما ينتج عنه من تهرب ضريبي، وعدم معرفة القيمية الحقيقة لأموال العمالة.
و"التستر" هو تمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه رغم حظر عمله لتلك النشاط وفق قوانين المملكة.
وتقدر حجم خسائر الاقتصاد السعودي من التستر التجاري بأكثر من 100 مليار ريال سنوياً، وفق صحيفة "سبق"، وذلك بسبب غياب أنظمة وقوانين لوقف تلك الظاهرة.
وارتفعت قضايا هذه الظاهرة المحالة للنيابة العامة من قِبَل وزارة التجارة والاستثمار إلى حوالى الضعفين خلال العامين الماضيين، وبنسبة 200%.
وأظهر بيان صادر عن الوزارة للعام الماضي، أن حالات ضبط المخالفين بلغت 871 حالة، وأن 290 مواطناً سعودياً متورطاً في قضايا التستر.