جوليان لي - بلومبرغ -
من الصعب الوقوف على قدم واحدة، حيث يبقى المرء حينها معرضا للسقوط في أي لحظة، ويذكرنا هذا بالحالة الراهنة لصفقة "أوبك بلس" النفطية، التي تم تحديثها في ديسمبر/كانون الأول.
وتقف هذه الصفقة أيضا على قدم واحدة، وبدأت تبدو هشة بعض الشيء.
وكان للصفقة ركيزتان رئيسيتان، وهما المملكة العربية السعودية وروسيا وهما الدولتان الأكبر بين مجموعتي الدول التي كانت طرفا في الصفقة، وقد اتفقا على تحمل الحصة الأكبر من تخفيضات الإنتاج التي تعهدت بها كل مجموعة، حيث تحملت السعودية 40% من عبء "أوبك"، وتعهدت روسيا بتحمل 60% من مساهمة الدول غير الأعضاء في المنظمة.
ومع نشر بيانات الشهر الأول مؤخرا، من الواضح أنه في حين تعمل إحدى ساقي الصفقة بقوة، فإن الأخرى لا تحمل سوى القليل من وزن الصفقة، وقد يسبب هذا مشاكل في المستقبل.
وقد خفضت المملكة إنتاجها بأكثر مما وعدت به في يناير/كانون الثاني، حيث خفضت إنتاجها إلى 10.213 مليون برميل في اليوم ويتجاوز ذلك تعهد المملكة المحدد ألا يزيد إنتاجها عن 10.3 مليون برميل.
ولكي نكون منصفين، فإن وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح" صرح في وقت الاتفاق بأن المملكة ستتجاوز حصتها المطلوبة لخفض الإنتاج، لذلك فإن أرقام إنتاجها لا تعد مفاجأة كبيرة.
الوقوف على قدم واحدة
لكن ما كان صادما، هو تعليق أحدث حول أن المملكة سوف تذهب إلى أبعد من ذلك الشهر الحالي، مع خفض الإنتاج إلى 9.8 مليون برميل في اليوم، وهو ما من شأنه أن يأخذ الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ فبراير/شباط 2015.
لكن كان أداء روسيا مختلفا نوعا ما، وقال وزير النفط "ألكسندر نوفاك" في وقت الاتفاق إن حصة بلاده من الخفض التي تبلغ 230 ألف برميل يوميا سيتم تنفيذها بسلاسة تدريجيا خلال الربع الأول من العام، حيث تعهدت روسيا بخفض إنتاج يناير/كانون الثاني بـ 50 ألف برميل فقط مقارنة بخط الأساس المتفق عليه وهو إنتاج شهر أكتوبر/تشرين الأول.
لكن موسكو لم تتمكن حتى من الوصول إلى هذا الهدف المتواضع، حيث بلغ التخفيض 42 ألف برميل يوميا فقط، وفقا لحسابات "بلومبيرغ".
وأدى تباطؤ روسيا في تنفيذ خفضها إلى انتقاد علني من وزير النفط السعودي، وأدى إلى تصريح من الأمين العام لمنظمة "أوبك"، "محمد باركندو" يحث جميع الدول على الوفاء بالتزاماتها "بالكامل وفي الوقت المناسب".
ودفع هذا التوبيخ "نوفاك" إلى القول إن روسيا تسرع في تنفيذ تخفيضاتها، وأن "متوسط مستوى فبراير/شباط يجب أن يكون أقل بـ 150 ألف برميل على الأقل مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول".
إلا أن إنتاج روسيا ارتفع بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، وسيكون حجم التخفيض مقارنة بخط الأساس لشهر أكتوبر/تشرين الأول هو 120 ألف برميل فقط، وهو أقل من نصف ما تعهدت به البلاد، وقد لا تصل إلى هدفها حتى شهر مايو/أيار، أي قبل شهر من انتهاء الصفقة الحالية.
السعودية تتحمل الفارق
ومن شأن هذا أن يحدث فرقا ضئيلا في سوق النفط، بشرط أن تكون السعودية على استعداد لتحمل عبء أكبر، حتى تحقق مجموعة "أوبك" ككل هدفها من التخفيضات.
ونتيجة لهذا الوضع المختل فإن "الاتفاق" السعودي الروسي" قد لا ينجو من هذا الاختبار.
ويبدو أن مجموعة "أوبك" ستحتاج إلى تمديد ضبط الإنتاج في مواجهة ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة وضعف نمو الطلب العالمي.
وقد خفضت وكالات التنبؤ الـ 3 الرئيسية، وهي الوكالة الدولية للطاقة، وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ومنظمة "أوبك"، تقييمها لحاجة العالم إلى النفط في أحدث تقارير شهرية لها، والتي تم نشرها الأسبوع الماضي.
وما لم ينم الطلب العالمي فإن اتفاق "أوبك بلس" سيحتاج إلى ساقين قويتين على الأقل للوقوف عليهما. وبدونهما سوف تنهار آمال الدول المنتجة في الحفاظ على استقرار الأسعار.