إيكونوميست- ترجمة زياد محمد -
حين تذهب إلى موقع شركة ألومونيوم البحرين (المعروفة باسم ألبا)، فسوف تخطف أنظارك الخوذات البرتقالية المميزة للعمال وسط خطوط الألمنيوم الباهتة الممتدة لمسافة ميل تقريبًا عبر الرمال.
ينهي العمال في "ألبا" توسعًا بقيمة 3 مليارات دولار سوف يسمح للدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة بإنتاج 1.5 مليون طن من الألومنيوم سنويًا، أي أكثر من 2٪ من الإنتاج العالمي.
وستضيف "ألبا" 500 موظفاً آخر إلى 3200 موظف موجود لديها الآن بالفعل؛ 90% منهم من المواطنين، وهذا يعني أن الشركة سوف توظف 2% من القوى العاملة الوطنية.
ويقول الرئيس التنفيذي للشركة "تيم موراي"، إن صناعة الألومنيوم تشكل 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأن "الناس لا يدركون أنها بهذا الحجم".
ولدى جميع الدول الستة الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي خططا قوية لفطام اقتصاداتهم عن النفط، وتعد البحرين رائدة في هذا الجهد من نواح كثيرة.
وبنت البلاد قطاعاً مالياً في الثمانينات، وفي الآونة الأخيرة، أقرت قانونا للإفلاس، وسمحت بملكية الأجانب للشركات بنسبة 100٪ وأدخلت تأشيرات مرنة تسمح لبعض المهاجرين بالعمل الحر.
دروس للآخرين
يبدو سوق العمل في البحرين نابضًا بالحياة مقارنة بدول الخليج الأخرى؛ حيث يعمل ثلثا المواطنين في القطاع الخاص، مقارنة بـ 55% في السعودية و 10% في الكويت، كما إن معدلات البطالة تبلغ 4% فقط، مقارنة بالسعودية التي تتمتع بمعدلات بطالة أعلى بثلاث مرات، والتي فيها ترفع الحكومة رسوم تصاريح العمل لطرد المهاجرين.
أما في البحرين، تبقى الرسوم منخفضة، فيما يكدح معظم المهاجرين في الوظائف ذات الأجور المنخفضة التي يرفضها السكان المحليون.
تستثمر البحرين 80% من رسوم تصاريح العمل في الاقتصاد المحلي من خلال منظمة "تمكين"، التي تقدم قروضًا ومنحا مدعومة لمساعدة الشركات على شراء المعدات والتدريب.
وعلى الرغم من وجود عدد قليل من الشركات الوطنية الفعالة، إلا أن البحرين حاولت جاهدة أكثر من الدول الأخرى استحداث شركات صغيرة.
ويشيد رجال الأعمال بالبيروقراطية السلسة هناك، حيث يقول أحد أصحاب المطاعم إنه كان يحتاج إلى تسعة تراخيص لتشغيل سلسلة مطاعم للوجبات السريعة في مسقط رأسه في الكويت، بينما احتاج تصريحا واحدا فقط في البحرين.
إصلاحات لا مفر منها
لكن الصورة المالية تبدو قاتمة رغم ذلك، حيث يوفر النفط حوالي 70% من عائدات الحكومة، وليس هناك ما يكفي منه لسد احتياجاتها، وبلغ العجز الحكومي العام الماضي نسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وكان على دول الخليج الأكثر ثراء تقديم خطة إنقاذ بقيمة 10 مليارات دولار للبحرين.
وقد قلصت الإمارة الدعم المقدم لاستهلاك الطاقة والمياه في عام 2016، لكن تم تأجيل المزيد من الإصلاحات المقررة هذا العام خشية أن تؤدي إلى اضطرابات.
وتخشى الإمارة من التداعيات السياسية لخفض الدعم الحكومي، وعلى الرغم من فرض البحرين ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في يناير/كانون الثاني، فإن ضريبة الشركات أو الدخل تبدو مستحيلة من الناحية السياسية، وبدون ضرائب جديدة، ستكافح الدولة الخليجية لتحقيق التوازن في ميزانياتها.
ولا يزال مرتب الوظائف الحكومية أكثر بنسبة 70% من الوظائف في القطاع الخاص، وهي فجوة نمت على مدار العقد الماضي مع توزيع النظام الملكي للعلاوات والرواتب على فئة صغيرة لشراء الهدوء السياسي. وتغذي هذه الفجوة الاضطرابات في بلد يتم فيه إقصاء الغالبية الشيعية من وظائف الدولة.
ولا يزال النفط يمثل أكثر من نصف صادرات البلاد.
ويشكو "سمير عبدالله ناس"، رئيس غرفة التجارة، من أن تخفيف القيود على ملكية الأجانب للشركات لم تجلب استثمارات سوى في "تجارة التجزئة والمطاعم"، وليس الصناعة.
ويتحدث المصرفيون بحماسة عن التكنولوجيا كصناعة نامية، ولكن في أحد شركات رأس المال المغامر في الخليج، يشكو المستثمرون من أن الجامعات لا تنتج ما يكفي من رواد الأعمال، كما إنها لا توفر هذا النوع من التدريب الذي قد يساعد الخريجين على الحصول على وظائف فنية بأجر جيد.
لقد نجحت البحرين في إقناع مواطنيها بتجربة القطاع الخاص بدلاً من الاعتماد على الوظائف الحكومية الآمنة، لكنها لم تقلب العقد الاجتماعي، حيث يدفع النفط الفواتير ويقوم الأجانب بالعمل اليدوي، لكن السيد "ناس" يقول: "يوماً ما ستضطر إلى ذلك، ليس لدينا خيار آخر".