اقتصاد » احصاءات

سلّمت مصيرها للمجهول.. تفجيرات "أرامكو" تهدد اقتصاد البحرين

في 2019/09/18

الخليج أونلاين-

"البحرين لم تعد مملكة آل خليفة، لقد أصبحت تابعة للسعودية. مقاطعة كونفيدراليّة من المملكة العربيّة السعوديّة"، هذا مختصر ما قاله الصحفي البريطاني، روبرت فيسك، في مقال له نشر بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية عام 2011.

تبعيّة البحرين للسعودية التي تحدث عنها فيسك، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، اضطرت إليها المنامة بهدف إنقاذ اقتصادها المتهالك.

وتحوّلت المملكة الصغيرة إلى منطقة خاضعة للنفوذ السعودي المطلق بالشؤون الداخلية والخارجية وحتى الاقتصادية والعسكرية، فهي لم تخرج مطلقاً عن فلك السعودية، وليس أدلّ على ذلك من الأزمة الخليجية؛ حيث شاركت المنامة في حصار قطر.

والهيمنة السعودية على البحرين تعود إلى عام 1963؛ حينما اكتُشف حقل "أبو سعفة" النفطي على الحدود البحرية المشتركة بين البلدين، وقرّرت الرياض آنذاك السيطرة على الحقل ومنح جزء من أرباحه السنوية للبحرين، على الرغم من أن القسم الأكبر من الحقل يقع في الجزء البحريني من المنطقة الحدودية.

وفي ثمانينيات القرن الماضي أصرّت السعودية على رسم حدودها مع البحرين وفق مصالحها، مستغلّة ضعف حكومتها، لتضع يدها على جزيرتي "البينة" البحرينيتين، لتمنع بعد ذلك مواطني البحرين من الوصول إليها.

وازداد اعتماد المنامة بشكل كبير على البضائع والخدمات والسياح السعوديين بعد إنشاء جسر الملك فهد عام 1986، الذي يربط البحرين مع السعودية.

وتعزّزت هيمنة الرياض على أركان الدولة البحرينية بعد مساهمتها القوية في قمع احتجاجات اندلعت في التسعينيات ضدّ نظام حكم عيسى آل خليفة؛ على خلفيّة الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة التي عانى منها الشعب البحريني آنذاك.

هيمنة أرامكو

من خلال عملاق النفط السعودي شركة "أرامكو" تهيمن السعودية على سوق النفط في البحرين، وآخر صور الهيمنة كان في أكتوبر الماضي، حين أعلنت تشغيل خط أنابيب لنقل النفط الخام بالتعاون مع شركة نفط البحرين (بابكو)؛ لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البحرين.

خط الأنابيب هذا ، بحسب بيان لـ"أرامكو"، يبلغ طوله 112 كم، ويبدأ من مرافق أرامكو في بقيق شرق السعودية، وينتهي في مصفاة بابكو بالبحرين.

ويمكن لهذا الخط نقل ما يصل إلى 350 ألف برميل يومياً من النفط الخام من السعودية إلى البحرين التي تنتج أقل من 250 ألف برميل يومياً.

البحرين.. خسائر جسيمة

هيمنة السعودية على اقتصاد البحرين، واعتماد الأخيرة على النفط السعودي، أنتج أثراً سلبياً كبيراً بان منذ يومين حين تعرضت مواقع نفطية تابعة لـ"أرامكو" لضربات جوية، يوم السبت 14 سبتمبر الحالي.

فالهجمات الجوية استهدفت موقع بقيق على بعد 60 كم جنوب غربي الظهران، المقر الرئيسي لأرامكو، ويضم أكبر معمل تكرير نفط للشركة، ويغذي مصفاة البحرين من النفط بمعدل 230-250 ألف برميل يومياً من خلال الأنابيب تحت البحر من بقيق إلى المصفاة.

البحرين.. ترقب وخوف من مصير اقتصادي مجهول

بدورها خفضت إدارة شركة نفط البحرين (بابكو) توزيع النفط الخام على الوحدات الموجودة للتكرير؛ بعد الهجوم الذي استهدف أرامكو.

وبحسب ما ذكر موقع "دلمون" البحريني، قالت مصادر مقربة من المصفاة إن "بابكو" لديها مخزون احتياطي من النفط في عدد كبير من الخزانات (قرابة ستة)، يستطيع تغذية المحطة 3-4 أيام في حال توقف النفط القادم من السعودية.

والاثنين (16 سبتمبر الجاري) نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين، أن السعودية أغلقت خط أنابيب النفط الخام إلى البحرين بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت "أرامكو".

وقال أحد المصادر إن خط الأنابيب الذي ينقل ما بين 220 ألفاً و230 ألف برميل يومياً من الخام العربي الخفيف من شركة النفط السعودية "أرامكو" إلى "بابكو" البحرينية، أغلق بعد هجوم السبت، الذي قلص إنتاج الخام الخفيف.

وبينت المصادر أن "بابكو" تعمل على تأمين السفن لجلب نحو مليوني برميل من الخام السعودي؛ نتيجة لإغلاق خط الأنابيب.

ووفقاً لـ"رويترز" فإن عودة "أرامكو" إلى مستويات الإنتاج الطبيعية "قد تستغرق شهوراً"، بينما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مصادر، إن الرياض تدرس تأجيل طرح "أرامكو" للاكتتاب العام، وذلك بعد الهجوم الذي استهدف منشآتها النفطية.

وفي حين تقول البحرين إنها تستطيع تأمين النفط 3-4 أيام في حال توقف النفط القادم من السعودية، فإنها ستمر -على ما يبدو- بأزمة خطيرة؛ إن صحت التسريبات التي تقول إن عودة "أرامكو" لمستويات الإنتاج الطبيعية تستغرق شهوراً.

والهجوم الذي تبنته مليشيا الحوثيين اليمنية، التي قالت إن العملية نفذت بـ 10 طائرات مسيرة، أسفر عن توقف إنتاج 5.7 ملايين برميل نفط يومياً، فيما أعلن التحالف السعودي الإماراتي أن الهجوم قد تم من مواقع خارج اليمن.

ليست الأزمة الأولى

الأزمة التي قد تشعلها أرامكو في اقتصاد البحرين تأتي متممة لواقع اقتصادي قلق للمملكة الصغيرة، التي تلقت، في مايو الماضي، 2.3 مليار دولار كجزء من حزمة مساعدات خليجية أُعلن عنها في أكتوبر 2018.

وجاء الدعم ليسهم في تمكين المملكة من تمويل العجز في الموازنة العامة، والإيفاء بمستحقات الدين العام، ومواصلة تنفيذ مبادرات التوازن المالي، بحسب وزارة المالية البحرينية.

وبحسب ما توقع صندوق النقد الدولي، فإن الدين العام في البحرين سيرتفع إلى 114% من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط، مقابل 93% في نهاية 2018.

ودعا الصندوق في بيان، سلطات البحرين إلى بذل جهود إضافية في مجال المالية العامة والإصلاحات الهيكلية، وتشجيع النمو الاحتوائي والمستدام بقيادة القطاع الخاص، مع الحفاظ على الاستقرار المالي.

الموازنة العامة للدولة، منيت هي الأخرى بعجز كلي بلغ 708 ملايين دينار (1.878 مليار دولار) في السنة المالية 2019، وخفضٍ يصل إلى 613 مليون دينار (1.630 مليار دولار) في 2020.