متابعات-
التوقيت هو كل شيء بالنسبة للتمويل، إذا أصبتَ فيه فسيكون لديك مستثمرون (أو جمهور) في راحة يديك، أما إذا أخطأت فإن الصمت الذي سيعقب ذلك سيكون مؤلما.
صعدت السعودية أخيرًا على خشبة المسرح لإطلاق الطرح العام الأولي لشركتها "أرامكو" التي تحتكر حصة كبيرة من النفط، وبسرعة زمنية غريبة، سيتم تحديد سعر الأسهم في نفس اليوم الذي تجتمع فيه "أوبك" لتحديد الخطوة التالية في استراتيجيتها لدعم سعر الخام.
من الصعب أن نرى هذه المصادفة غير أنها تعد أمرا سيئا بالنسبة للرياض، فللحصول على أفضل سعر لأسهم "أرامكو"، تحتاج المملكة إلى تعزيز سعر النفط.
ومع ذلك، فإن هذا يتركها تحت رحمة أعضاء مجموعة دول "أوبك بلس" الذين لم يقوموا بالوفاء بحصتهم العادلة في خفض إنتاج النفط الخام لدعم الأسعار، ونقصد هنا تحديداً روسيا والعراق، الذين فضلوا ترك السعوديين يتحملون العبء جنبا إلى جنب مع حلفائهم في الكويت والإمارات.
السعودية معرضة للضغط
تواجه المملكة والمصرفيون فيها موقفًا صعبًا حين يحاولون إقناع مستثمري "أرامكو" المحتملين بأن الشركة لن تتحمل حصة غير متناسبة من عبء تخفيضات الإنتاج، وستكون هذه العملية صعبة في أفضل الحالات؛ خاصة أنها تأتي تزامنا مع اجتماع قد يقر أمد التخفيضات الحالية في الإنتاج إلى ما بعد مارس/آذار 2020، وربما حتى يزيدها، وفي حين أنه من الأهمية بمكان أن تدعم "أرامكو" سعر النفط الخام، لكنه من المهم أيضًا ألا تضطر الشركة إلى خفض الإنتاج.
وسوف تدرك موسكو وبغداد تمامًا الضغوط التي تمارسها المملكة لدعم الأسعار بسبب الاكتتاب العام الذي يلوح في الأفق، وإذا رفضوا القيام بدورهم، فإنهم يعرفون أن الرياض سوف تضطر إلى فعل المزيد.
ويبذل الأمين العام لمنظمة أوبك "محمد باركيندو" قصارى جهده لمساعدة السعوديين، وهو يرسم صورة إيجابية قدر استطاعته، ويقول "باركيندو" إن العام المقبل "يبدو أكثر إشراقاً" للمنتجين مع "احتمالات كبرى لصعود الأسعار".
وفيما تتجه الصين والولايات المتحدة نحو تسوية جزئية للنزاع التجاري بينهما، فإن ذلك يعطي أملاً في زيادة الطلب، على الرغم من أنه من الصعب الاعتماد على نزوات الرئيس "دونالد ترامب".
في الوقت نفسه، اقتربت طفرة النفط الصخري الأمريكية الثانية من نهايتها، ما أزال بعض المعروض الزائد من السوق، ومع ذلك، سيظل هناك نمو في الإنتاج من دول أخرى غير أعضاء في "أوبك" مثل النرويج والبرازيل.
وتضغط السعودية على المتقاعسين في تخفيضات الإنتاج لتحمل المزيد من العبء، لكن الاكتتاب العام المرتقب يقيدها، وصناعة النفط الروسية ترفض بالفعل المزيد من التخفيضات في الإنتاج.
استمرار الضغط
لن ينتهي الضغط على السعوديين في 5 ديسمبر/كانون الأول، يوم تحديد الأسعار للاكتتاب العام واجتماع "أوبك"، وبمجرد أن يتم تسعير هذه الأسهم، لا تستطيع المملكة السماح لها بالسقوط، فهذه ليست سوى الشريحة الأولى من الأسهم التي من المحتمل بيعها، ويمكن أن يؤدي الأداء الضعيف الآن إلى تقويض الاهتمام بأي عرض مستقبلي.
في صراعها للحفاظ على اتفاق "أوبك بلس"، فإن اعتماد السعودية على عائدات النفط يربط إحدى يديها خلف ظهرها، والآن سوف تكون مقيّدة أيضًا باحتياجات المستثمرين في "أرامكو"، من الواضح أن ولي العهد "محمد بن سلمان" في عجلة من أمره، رغم أن الأمر يحتاج الكثير من الصبر لتقوية موقفه في النهاية.
بلومبرج - ترجمة الخليج الجديد