فورتشن -
لا تزال الشكوك تغيّم على الاكتتاب العام الأوّلي التاريخي لشركة "أرامكو" السعودية، حيث وجد مسح شمل عددا من مديري الأصول الدولية لديهم مجتمعين أصولا بقيمة 3.8 تريليون دولار، وجد أن أسهم "أرامكو" التي تبيعها الحكومة السعودية قد تم الإفراط في تقدير قيمتها، بنسبة تصل إلى الثلث.
وبخلاف ذلك، أعرب 13٪ فقط من مديري الأصول الذي تم استفتاؤهم، أن بإمكانهم شراء الأسهم في النطاق السعري الحالي الذي حددته أكبر شركة منتجة للنفط في العالم.
ويعد هذا الاستطلاع، الذي اطلعت عليه مجلة "فورتشن"، بمثابة دليل إضافي على أن المبالغة في تقييم الاكتتاب العام هي السبب الرئيسي وراء إحجام العديد من المستثمرين الدوليين.
ورغم ذلك، لا يزال هناك الكثير من الاهتمام بالطرح من قبل المستثمرين المحتملين في السعودية والخليج؛ ولا يزال الإدراج في طريقه لتحقيق رقم قياسي عالمي كأكبر طرح أولي في التاريخ.
مبالغة تقدير السعر
ووجد المسح الذي أجرته شركة "برنشتاين"، وشمل 31 من مديري الأصول في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، أن "أرامكو" كان يجب أن تقيم بسعر أقل من ذلك بكثير، وحددوا في المتوسط مبلغ 1.26 تريليون دولار كقيمة إجمالية شركة الطاقة العملاقة.
ويعد هذا الرقم بعيدا كل البعد عن النطاق السعري الذي يتراوح بين 1.6 تريليون دولار إلى 1.7 تريليون دولار، الذي حددته "أرامكو" للاكتتاب العام الأولي هذا الشهر.
وفي حالة تم تقييم الشركة بقيمة 1.7 تريليون دولار - سيتم تحديد السعر النهائي في 5 ديسمبر/كانون الأول الحالي-، فإن ذلك يعني أن المستثمرين سيدفعون نسبة 35٪ فوق السعر العادل للسهم، حسب حساب المشاركين في الاستطلاع.
وفي حين أن معظم المشاركين في الاستطلاع قالوا إهم سيستثمرون في "أرامكو" عند تقييم قدره 1.26 تريليون دولار ، فإن أقل من واحد من كل سبعة (13٪ فقط) منهم قالوا إن بإمكانهم الاستثمار في الشركة عند تقييم يزيد عن 1.6 تريليون دولار، وهو الحد الأدنى للسعر الذي يتم عرض الأسهم به.
وقالت شركة "برنشتاين" الاستشارية تعليقا على الاستطلاع: "بينما يوافق المستثمرون على أن أرامكو تتمتع بقوة مالية عالية ودعم من الحكومة، فإن ضعف حوكمة الشركة ونمو أرباحها المحدود هي عوامل تخصم من قيمتها بالنسبة إلى أقرانها".
وأضافت أنه بالنسبة لمعظم المستثمرين من المؤسسات، أكدت نتائج الاستطلاع وجهة النظر القائلة إن شركة "أرامكو" تمت المبالغة في تقدير قيمتها.
وتابعت: "على الرغم من أن هذا لا يعني أن الاكتتاب العام سيكون فاشلاً، إلا أنه يعني أن مكاسب الأسهم ستعتمد بدرجة كبيرة على سعر النفط".
فرصة ضائعة
وخلصت "برنشتاين"، إلى أن "أرامكو" السعودية "أضاعت فرصة بعدم تسعير أسهم الاكتتاب العام عند حد جذاب للمستثمرين من المؤسسات".
وأضافت: "كان ذلك ليسمح للسهم بتقديم أداء جيد مقابل شركات النفط الكبرى الأخرى، كما كان من شأنه أن يجعل أي طرح مستقبلي أكثر جاذبية".
وتعد الخصخصة الجزئية لـ"أرامكو"، جزءًا أساسيًا من برنامج "رؤية 2030"، وهي خطة كبرى يتبناها ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لتحديث الاقتصاد السعودي، وتقليل اعتماده على النفط وفتح الطريق أمام الاستثمار الأجنبي.
لكن كان هناك دائمًا فجوة كبيرة بين التقييم الذي وضعته الحكومة السعودية لشركتها الثمينة، والرقم الذي كان المستثمرون الغربيون على استعداد لدفعه.
في الأشهر الأخيرة، أصبح من الواضح أن سعر 2 تريليون دولار الذي طرحه ولي العهد في البداية كان طموحًا للغاية، ولذا فقد تخلت الحكومة السعودية عن جهودها لتسويق أكبر منتج للنفط في العالم خارج منطقة الخليج. قبل أن تخفض طموحاتها لقيمة الشركة إلى ما بين 1.6 إلى 1.7 تريليون دولار.
كما قررت المملكة تقليص نسبة الطرح المتوقع من 5٪ من أسهم الشركة إلى 1.5٪ فقط، وبيع الأسهم في البورصة السعودية والمحلية وتأجيل خطط الطرح العالمي.
مغازلة المستثمرين المحليين
وأدت حملة التسويق المكثفة للحكومة السعودية، إلى زيادة الطلب على الأسهم بين السعوديين والخليجيين.
وقالت المديرة الرئيسية مجموعة "سامبا كابيتال"، الجمعة، إن المستثمرين من المؤسسات والأفراد "عرضوا حتى الآن أكثر من 44 مليار دولار، وطلبوا الحصول على حوالي ضعفي عدد أسهم أرامكو المعروضة"، لكن حوالي 10٪ من قيمة العروض المالية التي قدمتها المؤسسات حتى الآن جاءت من مستثمرين غير سعوديين.
ويعني هذا أن الاكتتاب العام في طريقه لتسجيل رقم قياسي جديد، متجاوزًا طرح علي بابا الذي بلغ قيمة 25 مليار دولار في عام 2014.
تضخ "أرامكو"، السعودية واحدًا من كل ثمانية براميل من النفط المنتج عالميًا، وتحتفظ باحتياطيات نفطية تكفي لـ52 عاما على الأقل بمستويات الضخ الحالية، لذلك فإن قيمتها ترتبط بشكل وثيق بأسعار النفط التي تعاني من عدم استقرار منذ خمسة أعوام.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مسؤولين خليجيين، بأن السعودية ستسعى إلى تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى منتصف عام 2020، خلال قمة المنتجين هذا الأسبوع، في محاولة لدعم أسعار النفط، وبالتالي دعم سعر أسهم "أرامكو".
ووجد استطلاع "بيرنشتاين"، أن النهج المفضل لدى مديري الأصول لتقييم الأسهم هو حجم الأرباح الموزعة.
وتعهدت "أرامكو" السعودية بدفع أرباح لا تقل عن 75 مليار دولار سنويًا، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقالت "بيرنشتاين" إنه بناءً على التقييم الذي تسعى الحكومة السعودية إلى الحصول عليه، فإن عائد السهم سوف يتراوح حول نسبة 4.5% سنويا، وهو رقم أقل بكثير من معظم شركات النفط العالمية الكبرى.
وبخلاف ذلك، يعتقد مديرو الأصول الذين شملهم الاستطلاع أن الشركة يجب أن تدفع عائدات أعلى من شركات النفط الغربية الكبرى.
ومع افتراض تقييم الشركة بقيمة 1.26 تريليون دولار و مع سعر للنفط يتراوح حول 60 دولارًا للبرميل، فإن أرامكو يمكن أن تحقق عائدًا بنسبة 6% حول 5.5% بالنسبة إلى معظم النفط العالمية.
وقالت "بيرنشتاين" إنه بالنظر إلى أن سندات "أرامكو" التي تبلغ مدتها 10 سنوات، يتم تداولها حاليًا بعائد أعلى مقارنة بالسندات الصادرة عن شركات النفط الغربية الكبرى، إن تخفيض التقييم يبدو أكثر منطقية.