اقتصاد » احصاءات

هل اقتربت أرامكو من تحقيق قيمتها الموعودة؟

في 2019/12/12

فورتشن -

كان وزير الطاقة السعودي؛ الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، واثقا من أن أرامكو السعودية ستحقق هدفها طويل الأمد، المتمثل في تحقيق تقييم بقيمة 2 تريليون دولار عندما يبدأ تداول أسهم الشركة في بورصة التداول السعودية. ورغم أنه كان حريصا على التأكيد أن أرامكو لن تحقق هذا الرقم بمجرد بدأ التداول هذا الأسبوع، فإنه أكد أن بمقدور الشركة الوصول إلى هذا المستوى الرمزي خلال بضعة أشهر.

أما الرئيس التنفيذي لشركة "دلما كابيتال" التي تتخذ من دبي مقراً لها، "زاكاري سيفاراتي"، فقد كان أكثر تفاؤلاً، حيث قال إن الشركة من المحتمل أن تصل إلى 2 تريليون دولار أو أكثر في الأيام الأولى للتداول. ولا يعد هذا هينا، حيث يتطلب زيادة بنسبة 18٪ في سعر السهم.

ورغم ذلك، يبقى هناك شعور مختلف بين العديد من المستثمرين الذين يشككون في أن أكبر منتج للنفط في العالم يستحق هذه القيمة بالفعل.

لكن هناك شيء واحد مؤكد. ففي حين أن ملايين المواطنين السعوديين استثمروا أموالهم في الاكتتاب العام (حتى أن بعضهم أخذ قروضاً بنكية للمشاركة)، فإن الحكومة السعودية ستكون حريصة على الإبقاء على سعر السهم عند مستويات إيجابية. ويبدو أنها نجحت في ذلك خلال اليوم الأول للتداول، حيث ارتفع سعر السهم بنسبة 10%، رافعا قيمة الشركة ككل إلى 1.9 تريللون دولار.

أكبر من آبل وعلي بابا

ستحظى أرامكو السعودية، التي ستحل محل شركة آبل كأكثر الشركات المدرجة في العالم قيمة، بحصة سوقية تبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف مجموع أسهم جميع الشركات المدرجة في بورصة الرياض.

وقد عرض المستثمرون، ومعظمهم من المملكة العربية السعودية والخليج، شراء أكثر من أربعة أضعاف عدد الأسهم المعروضة في الاكتتاب العام، مما يضمن أن خصخصة حصة 1.5 ٪ في شركة النفط العملاقة الحكومية سيجمع ما لا يقل عن 25.6 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز ذلك الذي حققه اكتتاب شركة علي بابا عام 2014، والذي كان يعد الأكبر في التاريخ حتى ذلك الحين.

وقدرت الشركة القيمة المبدئية لجميع أسهمهما بمبلغ 1.7 تريليون دولار، أي أقل بحوالي 300 مليار دولار من رقم 2 تريليون دولار الذي كانت الحكومة السعودية تأمل في تحقيقه في البداية. ولكن الأمر كان يمكن أن يكون أسوأ من ذلك، حيث أعطى مديرو الأصول الدوليون أرامكو تقييمًا متوسطًا لا يتجاوز 1.26 تريليون دولار، وفقًا لمسح نشرته شركة "بيرنشتاين" للوساطة الأسبوع الماضي.

ودفع الاستقبال الفاتر للاكتتاب من قبل المستثمرين الغربيين، الذين شككوا في قيمة القيمة، دفع الحكومة السعودية إلى قصر الاكتتاب العام على المستوى المحلي، والتخلي عن خطط تقديم العروض للمستثمرين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا .

وأوقفت الحكومة السعودية - على الأقل مؤقتًا - خططًا لإدراج أسهم أرامكو في نيويورك أو لندن. كما خفضت حجم العرض من 5% إلى 1.5% ما وجه ضربة لخططها لجمع مبلغ 100 مليار دولار للمساعدة في تنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط.

وكشفت تعليقات الأمير "عبد العزيز بن سلمان" على الاكتتاب العام في مؤتمر صحفي لمنظمة أوبك في فيينا يوم الجمعة الماضي إلى أي مدى راعت الحكومة السعودية الفخر الوطني لتحقيق سعر إضافي "لجوهرة التاج".

وقال "بن سلمان" إن "الاكتتاب تعرض لتشكيك من وسائل الإعلام"، مؤكدا رهانه أن قيمة أرامكو ستتخطى 2 تريليون دولار خلال بعضة أشهر.

وقال "سيفاراتي" الرئيس التنفيذي لشركة "ديلما كابيتال" إن العديد من المستثمرين الذين لم يحصلوا على النسبة المرغوبة من أسهم أرامكو خلال العطاء الأولي سوف يرفعون الأسعار لشراء المزيد من الأسهم من المستثمرين الأفراد خلال الأيام الأولى للتداول. وفي المقابل، سيكون لدى المستثمرين الأفراد الحافز للإبقاء على أسهمهم لمدة 180 يومًا للحصول على سهم مجاني عن كل عشرة أسهم كما وعدت الحكومة.

وأعرب "سيفاراتي" عن اعتقاده أن الشركات المنظمة للاكتتاب يمكن أن تستخدم صلاحيتها في طرح أسهم إضافية بنسبة 15% من الأسهم المطروحة للاكتتاب.

وحتى مع ذلك، يعتقد "سيفاراتي" أن الأسهم الإضافية لن تكون كافية لتلبية الطلب. وتوقع أن يتم إدراج أرامكو في مؤشرات الأسواق الناشئة "MSCI" و "FTSE" و "S&P" في غضون أسبوعين من الإدراج، مما يؤدي إلى تزايد الإقبال على الشراء.

وعلق "سيفاراتي" قائلا: "في ضوء هذه الديناميات، نعتقد أنه من المحتمل أن تصل قيمة أرامكو إلى 2 تريليون دولار أو أعلى في الأيام الأولى من التداول".

فرصة ضائعة

ورغم ذلك، نأت العديد من صناديق الاستثمار الغربية بنفسها عن الاكتتاب، ورأت أن أسهم أرامكو مبالغ في تقييمها. وقالت شركة "بيرنشتاين" الأسبوع الماضي إن أرامكو السعودية "أضاعت فرصة بعدم تسعير الاكتتاب العام بمستوى سيكون جذاباً للمستثمرين من المؤسسات".

وقالت الخبيرة في أرامكو السعودية، "إيلين والد"، إنها تتوقع تداولا منخفضا إلى حد ما في أسهم أرامكو هذا الأسبوع، لأن كل المهتمين بالشراء، وخاصة بين مستثمري التجزئة، قد اشتروا خلال الاكتتاب العام.

وتوقعت "والد" أن يزيد الاكتتاب العام من الشفافية في أرامكو، ولكنها قالت إنه سوف يؤدي إلى مزيد من تدخل الحكومة السعودية في طريقة إدارة الشركة.

واتخذت الحكومة السعودية خطوات مختلفة في الأشهر الأخيرة لجعل أرامكو السعودية أكثر جاذبية للمستثمرين، بما في ذلك تخفيض الضرائب على الشركات وتغيير هيكل حقوق الملكية. وتقول أرامكو السعودية إن هذه الإجراءات ستكون سارية المفعول اعتبارًا من العام المقبل وستزيد من التدفق النقدي للشركة بمقدار 4.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2019.

تعهدت أرامكو السعودية، التي ضخت 10.3 مليون برميل من النفط الخام يوميًا في عام 2018 وحققت أرباحًا صافية بلغت 111 مليار دولار، بدفع توزيعات أرباح لا تقل عن 75 مليار دولار سنويًا على مدار السنوات الخمس القادمة، ولكن العائد بنسبة 4.4٪ على السهم، يعد أقل من العائد الذي تمنحه شركات مثل إكسون موبيل أو بي بي أو رويال داتش شل.

وتزامن التسعير النهائي للاكتتاب العام في أرامكو الأسبوع الماضي مع قرار المملكة العربية السعودية ودول أوبك الأخرى وحلفائها، المجتمعين في فيينا، بإجراء تخفيضات أكبر في إنتاجهم النفطي لدعم أسعار النفط.

وأشار بعض المحللين إلى أن السعودية دعمت خفض إنتاج النفط لدعم الاكتتاب العام في أرامكو، على الرغم من أن وزير الطاقة السعودي نفى أي صلة بين الحدثين.

وهناك رؤية مختلفة تجادل بأن سياسة النفط السعودية المستقبلية قد تتأثر بالرغبة في زيادة إيرادات أرامكو السعودية وسعر السهم من خلال زيادة إنتاج النفط.

وفي الماضي، رأت الحكومة السعودية ارتفاع أسعار النفط كوسيلة لكسب المزيد من المال، ولكن هذه الدينامية يمكن أن تتغير بمجرد أن تصبح أرامكو شركة عامة.

عندما تحتاج شركات النفط العامة إلى زيادة سعر سهمها، فإنها تحتاج إلى إظهار نمو الإيرادات. وأفضل طريقة لإظهار نمو الإيرادات هي إنتاج المزيد من النفط وبيع المزيد من النفط. وتمتلك أرامكو السعودية قدرة فريدة على زيادة إنتاجها. وحتى لو أدت زيادى الإنتاج إلى انخفاض أسعار النفط، فإن العائدات سوف تزيد نظرا لأن برميل النفط يكلف أرامكو 2.80 دولار فقط لإنتاجه، وهو أقل مستوى للتكلفة في العالم.

وقالت "والد" إنه إذا أراد السعوديون بيع المزيد من أسهم أرامكو في المستقبل، فإن "أسرع طريقة لزيادة سعر السهم وإظهار نمو الإيرادات تتمثل في ضخ المزيد من النفط، وليس تقليص الإنتاج". لذلك، من الواضح أن الاكتتاب العام سوف يكون له أثر كبير على سياسة النفط السعودية.