اقتصاد » احصاءات

بإصلاحات وخطط طموحة.. هكذا تواجه عُمان تحدياتها الاقتصادية

في 2020/12/05

الخليج أونلاين-

تسعى سلطنة عُمان إلى تغييرات تراها إصلاحية في إطار فرض الضرائب وتعزيز جاذبية وتنافسية سوق العمل وتصحيح أوضاعه من خلال عدة خطوات تصب في هذا الاتجاه، مع تأكيدها أن هذه التغييرات تشمل حماية الأسر ذات الدخل المنخفض.

تلك الخطوات لم يكن الإعلان عنها جديداً؛ فالسلطنة تطرقت في بيانات رسمية سابقة إلى هذا الاتجاه، وتأكيداً لذلك بيّن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، خلال مؤتمر حوار المنامة الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، والمنعقد في البحرين، منذ الجمعة (4 ديسمبر 2020)، ويستمر لثلاثة أيام، أن بلاده عازمة على إجراء هذه التغييرات.

وعلى الرغم من قوله إن التغييرات التي ستشمل فرض ضرائب جديدة، وإلغاء شرط حصول العمال الوافدين على تصريح للانتقال إلى صاحب عمل جديد، أكد البوسعيدي أن هذه الإجراءات ستأتي مع ضمان السلطنة حماية الأسر ذات الدخل المنخفض.

تراجع أسعار النفط

وفي توجه يؤشر إلى التحول المتزايد داخل دول الخليج للتقليل من اعتمادها الكبير على عائدات النفط والغاز، تسلك السلطنة طريق اعتماد ضريبة الدخل.

وعبر الضرائب تسعى السلطنة إلى تحسين التوازن المالي العُماني المتضرر من وباء "كورونا" عن طريق خفض النفقات الحكومية وزيادة الإيرادات غير النفطية عبر الضرائب الجديدة، وغيرها من التدابير الأخرى.

وتأثرت الموارد المالية العُمانية بانخفاض أسعار النفط منذ سنة 2014؛ بسبب انخفاض نصيب الفرد من إنتاج النفط والغاز في السلطنة وانخفاض احتياطياتها المالية ومبالغ صناديق الثروة السيادية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد العماني بنسبة 10% في 2020.

كما خفضت شركة "ستاندرد آند بورز" الأمريكية للخدمات المالية تصنيف سلطنة عُمان السيادي مرتين في 2020، إذ أجبر انخفاض الإيرادات البلاد على اقتطاع قدر كبير من الديون.

وشهدت عمان زيادة ديونها الحكومية إلى 78.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الحالية، وهي نسبة قد ترتفع إلى 85.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

ووفقاً لتوقعات "ستاندرد آند بورز" وصندوق النقد الدولي، قد يصل العجز المالي العماني إلى 18.3% من الناتج المحلي الإجمالي، في زيادة حادة عن عجز سنة 2019 البالغ 7.1%.

ومقارنة بنظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي كانت عُمان من بين الأبطأ في فرض ضريبة القيمة المضافة التي أعلنت الحكومة مؤخراً أنها ستدخل حيز التنفيذ في أبريل 2021.

وتحتاج عُمان إلى الإصلاح الاقتصادي لأنها تفتقر إلى احتياطيات النفط والغاز الكبيرة.

فرض الضرائب

وزارة المالية العُمانية أعلنت، مطلع نوفمبر الماضي، أن خطتها الاقتصادية للفترة من 2020 إلى 2024 تستحدث فرض ضريبة دخل تُطبق على أصحاب الدخل المرتفع في العام 2022.

الهدف من الخطة هو خفض عجز الميزانية إلى 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024، من عجز مبدئي نسبته 15.8%.

وتستهدف السلطنة زيادة الإيرادات غير النفطية للحكومة إلى 35% من الإجمالي بحلول 2024، من 28% هذا العام.  

وقد نصحت المؤسسات المالية الدولية، ومن ضمن ذلك صندوق النقد الدولي والشركات الاستشارية العالمية، دول مجلس التعاون الخليجي بفرض المزيد من الضرائب لتوليد إيرادات إضافية غير نفطية والتقليل من نفقات الدولة.

قانون العمل

وحول قانون العمل الذي أشار إليه الوزير البوسعيدي، فالسلطنة -وضمن إطار تعزيز جاذبية وتنافسية سوق العمل وتصحيحاً لأوضاعه- تتجه إلى إلغاء شرط شهادة عدم الممانعة التي كانت إلزامية بالنسبة للعامل الذي يرغب في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر.

وتعود مرجعية هذا التوجه إلى المبادئ الاقتصادية والاجتماعية التي أوردها النظام الأساسي للدولة، وكذلك في ضوء انضمام السلطنة مؤخراً إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الذي وافقت السلطنة على انضمامها إليه، في السابع من أبريل الماضي.

وبحسب صحيفة "أثير" المحلية من المؤمل أن يحقق هذا القرار العديد من الإيجابيات لأصحاب الأعمال؛ من بينها اعتماد مبدأ عقود العمل التي ستنظم العلاقات التعاقدية بين أصحاب العمل والعمال بما يضمن حقوق وواجبات الطرفين.

وستتيح مثل تلك التعاقدات جانباً من الحماية لأصحاب العمل لحفظ سرية بياناتهم وبيانات المتعاملين معهم، وكذلك ضمان عدم المنافسة في حال رغب صاحب العمل في ذلك؛ حيث ستكون أبرز إيجابيات تطبيق هذا القرار تعزيز تنافسية العامل العماني مقارنة بالعامل الوافد؛ من خلال خفض فجوة الأجور والحقوق بينهما.

وسيسهم القرار في تقليل حالات هروب العمالة غير العمانية، خصوصاً تلك التي قد تتعرض لضغوطات من قبل أصحاب العمل الذين يتمسكون بحق إصدار شهادة عدم الممانعة من أجل حرمان العامل من العمل في السلطنة خلال عامين من انتهاء فترة تعاقده مع صاحب العمل.

كما سينتج عن القرار تقليل التكاليف والأعباء الإدارية الناتجة عن إجراءات الترحيل، وتسوية الأوضاع القانونية.

أيضاً من المؤمل أن يدعم هذا القرار جهود السلطنة في مكافحة التجارة المستترة؛ حيث سيقلل من قدرة بعض أصحاب العمل على الاستفادة من الأوضاع المصاحبة لوجود شرط شهادة عدم الممانعة في ممارسة التجارة المستترة.

وبالإضافة إلى ذلك سينتج عن هذا القرار وجود سوق محلي للكفاءات والمواهب يتمتع بديناميكيات العرض والطلب، كما أن القرار سيحقق للسلطنة أيضاً مكاناً لائقاً أمام المنظمات الدولية المعنية بحقوق العمال والاتجار بالبشر وحرية انتقال العمالة.

مصادر الدخل

الوزير البوسعيدي ذكر أن التغييرات الجديدة ستعمل على حماية الأسر ذات الدخل المنخفض، في تأكيد على أن الخطط الحكومية تهدف إلى عدم إلحاق الضرر بهذه الفئة الواسعة من المواطنين.

وتفيد إحصائيات نشرها المركز الوطني العُماني للإحصاء والمعلومات، منتصف أكتوبر 2019، بوجود تباين في مصادر دخل الأسرة العُمانية.

فعلى سبيل المثال يزيد الاعتماد على الأجور والرواتب النقدية من القطاع الخاص بين الأسر في الحضر 41.2% مقابل 34.6% بالقرى، كذلك فإن متوسط الدخل الشهري للأسرة يزيد بنسبة تقترب من 20% في الحضر عن القرى؛ فيبلغ في الحضر 1295.7 ريالاً، مقابل 1063.8 ريالاً في القرى (الريال العُماني = 2.60 دولار).

أيضاً يوجد تباين في متوسط الدخل الشهري للأسرة العُمانية حسب المحافظة التي يعيشون فيها؛ فالأسر في مسقط يصل متوسط دخلها الشهري إلى 1456 ريالاً، بينما في محافظة الوسطى يبلغ المتوسط 890 ريالاً.

وفي إحصائية للمركز صدرت في مارس الماضي، فإن نسبة متوسط استهلاك الأسر العُمانية من الطعام والشراب بلغت 25.3% بمتوسط 587 ريالاً عمانياً، هذا عدا الإنفاق الأسري على النقل والصحة والتعليم والسكن وغيرها.