الخليج أونلاين-
أثر وباء فيروس كورونا بشكل كبير على العديد من المشاريع العملاقة في معظم دول الخليج، التي تعتمد على عوائد النفط في موازناتها العامة، إضافة إلى الفائض الذي يذهب إلى الاستثمارات الداخلية أو الخارجية.
وأدى تفشي الجائحة والإغلاق الاقتصادي بعموم أنحاء العالم إلى انخفاض أسعار الخام إلى ما دون الصفر لأول مرة، قبل أن يعود لتوازن أسعاره؛ مصحوباً بقلة الطلب عليه، الأمر الذي أحدث عجوزات كبيرة في موازنات دول الخليج، إضافة إلى تعليق مشاريع ضخمة مثل توسعة المطارات.
وصحيح أن بعض الأزمات المالية سبقت كورونا إلا أن الوباء زاد منها وفاقم من مشكلتها، خاصة أن بعض المشاريع ما زالت في منتصف طريقها أو شارفت على الانتهاء، إلا أن نقص السيولة وانكماش الاقتصاد وهبوط معدلات النمو أثر بشكل كبير على استمرارها.
توسعة مؤجلة بمطار الرياض
نجحت المملكة في احتواء أزمة كورونا، إلا أن آثار الفيروس الاقتصادية بعد فرض حظر التجوال الجزئي والشامل وإغلاق المطارات وانخفاض أسعار النفط ما زالت تتوالى على الاقتصاد السعودي الأقوى خليجياً.
وشهدت المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، انكماشاً حاداً في اقتصادها خلال عام 2020؛ بسبب تأثير انخفاض عائدات النفط وأزمة كورونا، وخططت الرياض لخفض الإنفاق الحكومي هذا العام بنحو 7%، في مواجهة عجز مالي متسع.
وفي إطار ذلك كشفت مصادر مطلعة أن المملكة علقت خطط تمويل بقيمة يحتمل أن تكون مليارات الدولارات لتوسعة مطار الرياض.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادرها، في 12 يناير 2021، أن شركة مطارات الرياض، التي تدير وتشغل مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية، أجرت اتصالات مع بنوك، في عام 2020، لطلب مقترحات تمويل للتوسعة المزمعة للمطار، والتي ستكون بعدة مليارات من الدولارات، مشيرة إلى أن التوسعة جزء من هدف المملكة لتنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط.
من جانبها قالت ثلاثة مصادر مصرفية إن الشركة الآن تعلق العملية، مضيفة: إن "المسألة غير معلنة في هذه المرحلة، فقد أُلغي الأمر.. في هذه البيئة، وقرروا أنه ليس من المنطقي بالضرورة اقتراض المال لتوسعة المطار حالياً".
من جهته أوضح مصدر ثانٍ أنه "تم تعليق وتأجيل المشروع، إنهم يعطون الأولوية للمشروعات على أساس احتياجات الميزانية".
وسبق أن بدأت المملكة الاستعدادات عام 2017 لبيع حصة أقلية في مطار الرياض، ثاني أكبر مطار في البلاد.
يحمل المطار اسم الملك خالد بن عبد العزيز، افتتح عام 1983 ليكون أكبر مطار في العالم من حيث المساحة حينها، حيث بلغت مساحة أرض المطار نحو 225 كيلومتر مربع.
في الأعوام الماضية بدأت المملكة بخطة توسعة وتحديث صالات الركاب في المطار على عدة مراحل، حيث كان يتوقع الانتهاء من المشروع بشكل نهائي في عام 2038، وبطاقة استيعابيه تبلغ 47 مليون مسافر.
وشملت المرحلة الأولى للتوسعة والتحديث بناء صالة الركاب رقم 5 الجديدة بطاقة استيعابية تبلغ 12 مليون مسافر، افتتحت عام 2016، وتبع ذلك إعادة تأهيل وتحديث ودمج الصالات رقم 4 و3، ثم الصالات 2 و1، لتصبح السعة الإجمالية للمرحلة الأولى 35.5 مليون مسافر، إلا أن تعليق استكمال المشروع بشكل مؤقت سيؤخر ذلك فيما يبدو.
تأخير افتتاح مطار البحرين
عانت البحرين قبل تفشي كورونا أزمة اقتصادية كبيرة، دفعتها لطلب المساعدة من جيرانها في الخليج، وذلك لتعزيز استقرار المالية العامة في المملكة، وتحفيز النمو الاقتصادي والتنمية، بالتزامن مع تباطؤ اقتصادي وارتفاع في المديونية.
وحصلت البحرين، في أكتوبر 2018، على تعهدات من السعودية والإمارات والكويت لتقديم حزمة دعم مالي قيمتها 10 مليارات دولار، حصلت على أجزاء ضخمة منها حتى نهاية 2019.
وجاءت أزمة كورونا لتزيد من تعقيدات الوضع الاقتصادي المحلي، الأمر الذي أثر على مشروع تحديث مطار "البحرين الدولي الجديد"، والذي كان من المتوقع افتتاحه يوليو 2019، ثم في يناير 2020؛ إلا أنه امتد حتى يناير 2021.
وبلغت التكلفة الإجمالية للمطار الجديد 1.1 مليار دولار، بدعم من صندوق أبوظبي للتمويل، وذلك في إطار المشاريع التنموية الكبرى في البحرين، والتي تمتد عبر مجموعة من القطاعات الاقتصادية بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 32 مليار دولار.
ويقع المشروع على 22 ألف متر مربع بطاقة استعابية تصل لـ14 مليون مسافر في العام.
وتجري السلطات البحرينية في المرحلة الحالية لمساتها الأخيرة على الإجراءات التشغيلية للمطار المتعلقة بالسلامة الجوية والنقل الجوي وأمن الطيران، مستوفية للاشتراطات الدولية والقواعد الصادرة عن منظمات الطيران المدني الدولي، بحسب صحيفة الوطن المحلية.
وستعمل الحكومة في المرحلة القادمة على ضم نصف المبنى الحالي حتى البوابة 15 إلى السوق الحرة؛ لزيادة السعة الاستيعابية الثالثة وفصل مبنى القاعات الملكية لكبار الشخصيات، وتم في المبنى الحالي تخصيص مرافق وصالات ومكاتب لتسجيل المسافرين خاصة بالناقلة الوطنية (طيران الخليج).
ويسهم قطاع الطيران في الاقتصاد البحريني بشكل رئيس؛ حيث يضخ ما يعادل 18 مليون دينار (47 مليون دولار) في ميزانية الدولة سنوياً، ووزارة الاتصالات والمواصلات تشكل 7% من الناتج المحلي".
الدين ومطار دبي
لم يكن تأجيل توسعة مطار آل مكتوم في دبي في ظل أزمة كورونا بل قبلها بأكثر من عام ونصف تقريباً (أكتوبر 2018)، إلا أن تكلفة المشروع ارتبطت بالأزمات الاقتصادية التي تسببت بها الجائحة.
فقد ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في 1 سبتمبر 2020، أن حجم الدين المباشر المستحق لحكومة دبي بلغ 123.5 مليار درهم (33.6 مليار دولار) حتى 30 يونيو 2020.
وتشمل ديون حكومة دبي، وفق الوكالة، مزيداً من الاقتراض لتمويل توسعة المطارات، إضافة إلى البنية التحتية اللازمة لاستضافة معرض "إكسبو" المزمع إقامته في المدينة.
هذه الديون تعيدنا إلى مصادر قالت لوكالة "رويترز" إنه تم تأجيل توسعة مطار دبي الدولي التي تهدف لاستيعاب 120 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2025 إلى أجل غير مسمى.
واستدانت دبي قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار عام 2017؛ لتطوير المطار الذي يحمل اسم العائلة الحاكمة للإمارة "آل مكتوم"، وفق الوكالة.
وقال أحد المصادر إن ذلك القرض لم يُستخدم بعد، وذكر مصدران أن المرحلة الثانية من التمويل، التي كانت ستدعمها وكالات ائتمان أجنبية، تأجلت إلى أجل غير مسمى.
وواجه مطار آل مكتوم الدولي بالفعل تأخيرات، وتأخرت زيادة أصغر حجماً في طاقته الاستيعابية نحو عام عن الموعد المقرر، ومن المتوقع إتمامها هذا العام.
وتتوقع دبي إنفاق نحو 36 مليار دولار على مشروع مطار آل مكتوم الدولي ومجمع دبي وورلد سنترال الذي يضم المطار.
وتم بناء المطار على مراحل؛ يعود تاريخه إلى عام 1960، وفي عام 1980 تم تطويره وإضافة 4 صالات للركاب، تمت أول توسعة كبيرة له عام 2002، ثم المرحلة الثانية منها عام 2002، لتتم إضافة مبنى ثالث في أكتوبر 2008، إلى أن أعلنت التوسعة الكبرى.
ومن المتوقع أن يخدم في نهاية المطاف ما يزيد عن 200 مليون مسافر سنوياً، وهو ما يزيد عن مثلي الطاقة الحالية لمطار دبي الدولي الرئيسي، الذي تتخذه طيران الإمارات مقراً لها، في حين أن فيروس كورونا غير من جميع التوقعات والخطط المرسومة محلياً وعالمياً.