الخليج أونلاين-
على مدار عام كامل من تفشي جائحة كورونا حول العالم وفي دول الخليج توقفت حركة السفر، وكان قطاع السياحة الأكثر تأثراً وتسجيلاً للخسائر، في المقابل استطاعت سلطنة عُمان الخروج من المأزق بأقل الخسائر؛ عبر سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات.
وحافظت السلطنة على وظائف العاملين في قطاع السياحة خلال الجائحة، واستمرار استقبال السياح، سواء من الداخل أو الخارج، مع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية للتقليل من انتقال العدوى.
وتُعدّ السياحة ضمن مُستهدفات الخطة لتحقيق التنويع الاقتصادي في السلطنة، والتركيز على القطاع السياحي كأحد القطاعات الحيوية والفاعلة في دعم النمو، وتعزيز حجم الإيرادات غير النفطية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وكيلة وزارة التراث والسياحة في سلطنة عمان ميثاء المحروقية، سبق أن أكدت أن الوزارة استطاعت الحفاظ على وظائف 5700 عامل عُماني في القطاع السياحي بفضل التسهيلات التي أقرتها اللجنة العليا لتشغيل القطاع.
وأصدرت الوزارة، حسب تصريحات سابقة للمحروقية، في ديسمبر الماضي، دليلاً خاصاً بالإجراءات الاحترازية في المواقع السياحية، كما سخرت كل الجهود لإعادة تشغيل القطاع السياحي مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
وتتضمن خطة تعافي القطاع السياحي، بحسب وكيلة الوزارة، سلامة القطاع، واستدامة الموارد البشرية للقطاع والتدريب والتأهيل.
كما تتضمن دعم المجتمعات المحلية وتطوير البرامج السياحية، والتوسع في التسويق السياحي، ووضع حزمة من البرامج لتحفيز القطاع.
وعملت الوزارة بالتنسيق مع شرطة عمان السلطانية لضمان عدم تفشي فيروس كورونا في المواقع السياحية.
إجراءات حكومية
وإلى جانب حديث المحروقية اتخذت سلطنة عمان، مؤخراً، حزمة إجراءات لتطوير القطاع السياحي وجذب الاستثمارات الخارجية فيه، وبدأت إعادة هيكلته ضمن خططها لتنويع الاقتصاد.
وتهدف رؤية 2040 إلى تأسيس البنية التحتية للسياحة في السلطنة، وقد فتحت الحكومة المجال أمام شركاء عالميين ذوي خبرة واسعة في قطاع التطوير السياحي.
كما طرحت الحكومة عدداً من الفرص الاستثمارية للقطاع السياحي في الفترة من 2012 وحتى 2018، بهدف تنمية القطاع السياحي من خلال إيجاد منتجات تُوائم الطبيعة المتنوعة في أنحاء السلطنة كافة.
كما أعلن جهاز الاستثمار العُماني، في يناير الماضي، إعادة هيكلة مشروعاته السياحية والعقارية في السلطنة، من خلال نقلها إلى الشركة العُمانية للتنمية السياحية (مجموعة عمران) التابعة له.
وتم تحويل ملكية مشاريع الجهاز وحصصه في بعض الشركات إلى المجموعة، لتقوم بدورها الفعّال في القطاع السياحي، وتُسهِم في التنويع الاقتصادي المنشود؛ لكونها الذراع التنفيذية الحكومية لتطوير هذا القطاع الحيوي والمهم.
وتهدف هذه الخطوة إلى توحيد الاستثمارات العقارية السياحية تحت إدارة واحدة ذات كفاءة، وبما يتماشى مع رؤية عُمان المستقبلية 2040، وأهداف الخطة الخمسية العاشرة.
أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، أكد أن سلطنة عُمان تتميز بشكل عام بوجود مناطق سياحية جميلة بها تميزها عن باقي دول الخليج العربي، إضافة إلى توفر أماكن جبلية تشبه مدينة شرم الشيخ السياحية، وهو ما يجعلها مقصداً للسياح من دول العالم.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" أرجع شاهين أسباب صمود قطاع السياح في سلطنة عُمان خلال جائحة كورونا إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطنة لزيادة تدفق السياح، كالسماح لمواطني عشرات الدول بالدخول إليها بدون تأشيرة، إضافة إلى دعم القطاع السياحي.
كما تعد سلطنة عُمان، وفق شاهين، منطقة مستقرة سياسياً، وتتمتع بعلاقة مميزة مع غالبية دول العالم، وهو ما أكسبها ميزة لوصول السياح إليها من جميع الدول، دون وجود أي حرج لهم أو مضايقات لقضائهم أوقات إجازاتهم في السلطنة.
وأحد أسباب استمرار السياحة في السلطنة خلال الجائحة، كما يوضح شاهين، هو توفر الأمن بشكل كبير في عُمان، وعدم وجود أي حروب بها، أو قطيعة مع أي دولة من العالم، إضافة إلى ثقلها السياسي في المنطقة.
كذلك يتميز الشعب العُماني، حسب المختص الاقتصادي، بخصائص مميزة عن باقي شعوب المنطقة، وهو ما يشجع السياحة إلى السلطنة واستمرارها حتى في ظل جائحة كورونا، إضافة إلى وجود أصول عُمانية في أفريقيا.
تسهيلات للتأشيرة
ومن الخطوات التي اتخذتها السلطنة لدعم قطاع السياحة خلال كورونا إعفاء الحكومة، في ديسمبر الماضي، مواطني 103 دول من تأشيرة الدخول إلى السلطنة لمدة عشرة أيام، وفقاً لضوابط معينة.
ووضعت الحكومة شروطاً لدخول السلطنة دون تأشيرة؛ منها وجود حجز فندقي مسبق، وتأمين صحي، وتذكرة سفر للعودة.
وشملت القائمة دولاً منها مصر والأردن وموريتانيا وتونس والجزائر ولبنان والمغرب وإيطاليا والإكوادور والبرتغال وروسيا.
وبفضل تلك الإجراءات حلّت السلطنة في المركز الأول خليجياً والثاني عربياً في مؤشر السياحة المستدامة خلال 2020، والذي أصدرته مؤسسة "يورو مونيتور إنترناشيونال" للأبحاث.
وصنفت المؤسسة 99 وجهة في العالم من خلال رصد الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ومخاطر الدولة، فضلاً عن الطلب على السياحة المستدامة والنقل والإقامة.
وبلغة الأرقام ارتفع إنفاق السياحة الوافدة إلى سلطنة عُمان في السنوات الأربع الماضية من الخطة الخمسية الحالية إلى 2.3 مليار ريال عُماني، (8 مليارات دولار)، مقابل 1.2 مليار ريال عُماني (5.454 مليارات دولار) في الخطة الخمسية السابقة (2011-2015).
وأظهر الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، في سبتمبر الماضي، أن إنفاق السياحة الوافدة ارتفع في عام 2019 إلى نحو 685 مليون ريال عُماني (1.779 مليار دولار)، مقابل 364.7 مليون ريال عُماني (945.5 مليون دولار) في عام 2015.
وسجل إنفاق السياحة الوافدة نمواً سنوياً متتالياً، حسب بيانات الكتاب الإحصائي، خلال السنوات الماضية، وسط ارتفاع عدد السياح وعدد الليالي السياحية ومتوسط ليالي الإقامة.
وشهدت الخطة الخمسية الحالية افتتاح العديد من المشروعات السياحية الكبرى، ومشروعات البنية الأساسية الداعمة للقطاع السياحي؛ أبرزها: مطار مسقط الدولي، الذي استقبل العام الماضي أكثر من 16 مليون مسافر عبر الرحلات الدولية والداخلية القادمة والمغادرة، مقابل 10.3 ملايين مسافر في العام 2015.