الخليج أونلاين-
تشكل الصين أحد أهم أسواق الطاقة لدول الخليج؛ لكونها أكثر المستهلكين للنفط والغاز بعد الولايات المتحدة، وهو ما يجعل بكين تحرص على تقوية علاقتها مع دول مجلس التعاون، لكونها أهم دول العالم في تصدير الطاقة.
وتستورد الصين 40% من احتياجاتها من النفط من الخليج، وسط تقديرات الوكالة الدولية للطاقة بأن يذهب نحو ربع تصدير دول مجلس التعاون للصين في 2040، حيث سيكون النمو في الغاز المسال أعلى من النفط.
وترتبط الصين بعلاقات تاريخية وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث نمت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ عام 1980، وارتفعت بشكل ملحوظ عام 2000، بينما ارتفع حجم التبادل التجاري عام 2004 بمقدار 17 مليار دولار.
وتعد دول الخليج ثامن أكبر شريك تجاري للصين في العالم، وثامن أكبر سوق في العالم للمنتجات الصينية، وتاسع أكبر سوق تصدير للصين، كما حقق الطرفان تعاوناً إيجابياً في مجال المقاولات والطاقة والاستثمار.
حاجات الصين النفطية
وبلغة الأرقام تعد السعودية أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين في عام 2020، في حين جاءت سلطنة عُمان في المركز الخامس (بقيمة 17.3 مليار دولار).
وحسب بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية فإن شحنات النفط السعودية السنوية إلى الصين بلغت نحو 1.69 مليون برميل يومياً، بزيادة 1.9% على أساس سنوي.
ومع تلك الإحصائية أبلغ الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية منتدى التنمية الصيني عن إعطاء الأولوية لأمن طاقة الصين خلال عشرات السنوات القادمة.
ويؤكد أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أن الشركة ستعطي الأولوية لأمن طاقة الصين على مدى الأعوام الخمسين القادمة وما بعدها، في ظل توازي مصادر الطاقة الجديدة والقائمة لبعض الوقت.
وفي كلمته المصورة في المنتدى يوضح الناصر أن عملاق النفط يلحظ فرصاً كذلك لمزيد من الاستثمار في مشاريع تستهدف مساعدة الصين على تلبية حاجاتها في مجالات النقل الثقيل والكيماويات، فضلاً عن زيوت المحركات والمواد غير المعدنية.
وإلى جانب السعودية تعتمد الصين على قطر في الحصول على حاجتها من الغاز المسال، حيق وقعت شركة "قطر للبترول"، (الاثنين 22 مارس الجاري)، اتفاقية بيع وشراء طويلة الأمد مع مؤسسة الصين للنفط والكيماويات "سينوبيك"، تزود بموجبها الشركة بمليوني طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال.
وسيبدأ تسليم الغاز الطبيعي المسال للصين من قطر، وفي بيان "قطر للبترول"، في يناير 2022، إلى محطات "سينوبيك".
وعلق سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للبترول: "اتفاقية البيع والشراء التاريخية تشكل بداية لشراكة طويلة الأمد مع شركة سينوبيك".
وقال الكعبي: "ستعزز هذه الاتفاقية من قدرة دولة قطر على تلبية احتياجات الصين المتزايدة من الطاقة، ونتطلع إلى بدء عمليات التسليم بموجب الاتفاقية".
وقامت قطر بتوريد كميات غاز طبيعي بمقدار 62 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين منذ عام 2009 وحتى الآن.
وإلى جانب السعودية وقطر، تعد الصين الشريك التجاري الرئيسي للكويت بحجم تبادل تجاري بين البلدين تعدى الـ 12 مليار دولار في 2017، حيث يعمل في الكويت قرابة 40 شركة صينية في قطاعات النفط والبناء والبنى التحتية.
كما أن الكويت هي أول دولة عربية استثمرت في الصندوق السيادي الصيني بمبلغ 10 مليارات دولار منذ 2005؛ وهي أيضاً من أوائل الدول الموقعة على مبادرة "الحزام والطريق" مع الصين.
وتربط الصين علاقات قوية بالإمارات، حيث تعد الشريك التجاري الأول لها بنحو 53.3 مليار دولار سنوياً من التجارة غير النفطية، إضافة إلى أن البلدين يخططان لبناء أكبر مركز صيني في الشرق الأوسط مقره الإمارات، التي بلغت صادراتها النفطية إلى الصين، خلال 2017، أكثر من 4 مليارات دولار.
الاعتماد على الخليج
ومنذ توليه رئاسة الصين في 2013، يبذل الرئيس شي جين بينغ جهوداً كبيرة في الانفتاح على الشرق الأوسط والخليج العربي على وجه الخصوص؛ لبناء أسس نفوذ صيني في مجالات شتى اقتصادية وعسكرية وسياسية.
وشملت تلك الجهود زيارات إلى منطقة الخليج، وتحديداً دولة الإمارات، في يوليو الماضي، والتي تم خلالها تأسيس شراكة استراتيجية شاملة في 8 محاور بينها الاقتصادية.
الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي يقول: "إن الصين تعد أكبر اقتصاد في العالم، وبعد سنوات قليلة ستكون الاقتصاد الأول حسب نسبة النمو الاقتصادي المرتفع لديها".
وتعد الصين، وفق حديث الشوبكي لـ"الخليج أونلاين، "أكبر مستورد للنفط في العالم، وأحد أكبر الأسواق استهلاكاً للغاز الطبيعي أيضاً، كما أن السوق الصينية في الفترة الحالية شهدت انتعاشاً مبكراً، وكانت أكثر سرعة في النهوض من تداعيات كورونا".
وتابع في هذا الصدد: "تملك الصين حصة الأسد من الزيادة العالمية في الطلب على النفط والغاز، حيث تعد سوقاً رئيسية في صادرات الخليج العربي من النفط والغاز، وتتسابق الدول الخليجية على تأمين حاجة السوق الصينية العطشة للطاقة، إذ تعد السعودية مورد النفط الأكبر عالمياً للصين، كما تعد قطر المورد الثالث عالمياً من الغاز الطبيعي للصين".
وتوجد مساعٍ متبادلة بين دول الخليج والصين -وفق الشوبكي- للحفاظ على علاقات طيبة لطبيعة المصالح الاستراتيجية الحساسة فيما بينهم.
وأشار الشوبكي إلى أن "الصين تعمل في الفترة الأخيرة على إيجاد بدائل استراتيجية لتأمين إمدادها بالنفط والغاز، لاستمرار النمو الاقتصادي وصناعاتها وحاجتها للطاقة، وثمة علاقات واسعة بين الصين وروسيا، من خلال أنبوب الغاز الشرق والغربي".
وأضح في هذا السياق أن "الصين تسعى جاهدة للحفاظ على أمن التزود بالطاقة، إلى جانب الاعتماد على دول الخليج، من خلال مشاريع محلية كالطاقة المتجددة، وتوليد الكهرباء عن طريق المياه، والتنقيب عن النفط في بلادها".