طه العاني - الخليج أونلاين-
يبرز دور الصناعات المعدنية في قطر بوصفها أحد أهم القطاعات الإنشائية الاقتصادية في الدولة، حيث تسهم هذه الصناعات في توفير منتجات متنوعة، كما تعد شركات قطر للصناعات المعدنية من أهم المنشآت التي تتولى تمويل السوق القطرية بهذه البضائع.
وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة القطرية تضم صناعة المعادن في قطر 179 مصنعاً تنتج نحو 291 سلعة من المعادن الصلبة المصنعة محلياً، وهي في تنامٍ مستمر بفضل السياسات الاقتصادية والخطط المستقبلية للنهوض بجميع القطاعات.
وتشير آخر البيانات المعلنة عن ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي في قطر خلال شهر أغسطس الماضي بنسبة 1.8% على أساس شهري، بينما انخفض بنسبة 2% مقارنة مع الشهر ذاته من العام الفائت.
ودفع نمو الرقم القياسي للإنتاج الصناعي على أساس شهري إلى ارتفاع قطاع التعدين بنسبة 1.7% كنتيجة لزيادة الكميات المنتجة في مجموعة النفط الخام والغاز الطبيعي.
فيما سجل قطاع الصناعة التحويلية ارتفاعاً قدره 1.8% كمحصلة لارتفاع سبع مجموعات، في مقدمتها صناعة الإسمنت ومنتجات المعادن.
وفي قطاع الكهرباء، لوحظ ارتفاع الإنتاج بنسبة 2.1%، فيما انخفض إنتاج المياه بنسبة 1.6%، وفق بيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطري.
صناعة الإسمنت والحديد
وتولي قطر أهمية خاصة لصناعة الإسمنت والحديد محلياً؛ بوصفهما من الصناعات الاستراتيجية ذات الأهمية الكبيرة، بما يواكب النهضة العمرانية التي تشهدها البلاد، سواء في مجالات البنى التحتية أو الفوقية لاستكمال مسيرة مشاريع الدولة، وفي مقدمتها استعدادات استضافة بطولة كأس العالم 2022، وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
ونمت أرباح شركة قطر لصناعة الإسمنت في الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 74% على أساس سنوي إلى نحو 24 مليوناً، وفق البيانات المالية للشركة.
كما ارتفعت أرباح الشركة التي تستحوذ على 70% من سوق صناعة الإسمنت في قطر، بنهاية النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 38% إلى 94.3 مليون ريال، بدعم من زيادة الإيرادات بنسبة 41% على أساس سنوي إلى 410 ملايين ريال، نظراً إلى ارتفاع قيمة المبيعات، في حين تأثرت الأرباح بتسجيل مصروفات بقيمة 34.5 مليون ريال ناتجة عن مطالبات قانونية ودية لصالح وزارة البلدية والبيئة.
ويشير تقرير أعدّه موقع "athleduweb" الناطق باللغة الفرنسية، أن نسبة النمو السنوي في قطاع صقل المعادن وإعادة إنتاجها داخل الدولة ستقدر بنحو 4.84% ما بين العام الحالي وعام 2024.
ويطرح التقرير العديد من الأسباب التي من شأنها تنشيط هذا النوع من الصناعات في البلاد، وفي مقدمتها التوجه القطري نحو التقليل من الاستيراد والاعتماد على التصنيع في سد طلبات السوق المحلية في مختلف المجالات، من ضمنها المعادن التي تعد إحدى أكثر السلع حاجة في الدوحة خلال الفترة الحالية، بالنظر إلى الاهتمام الكبير بتطوير البنية التحتية وتأسيس العديد من المدن الذكية ضمن رؤية 2030.
وأضاف التقرير أن الطلب القطري على المعادن سيرفع من الاستثمارات في هذا النوع من الصناعة، التي قدر حجم سوقها قبل سنتين من الآن بمليار و766.5 مليون دولار، مشيراً إلى أن "إنتاج الفولاذ الإنشائي يشكل الجزء الأكبر من كميات التصنيع السنوية في الدوحة، بالنظر إلى الحاجة المكثفة إليه في مشاريع البناء التي تشهدها الدوحة في المرحلة الأخيرة، سواء تعلق ذلك بتشييد الملاعب الخاصة بمونديال كرة القدم المرتقب في الدوحة، في حين توزع باقي النشاطات على تصنيع الفولاذ المعماري المرتبط بالأبواب والنوافذ".
ويقول الكاتب الاقتصادي سعيد خليل العبسي: إن "ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي في قطر يشير إلى تواصل نموه سنة بعد أخرى مدعوماً بنمو قطاع التعدين والصناعات التحويلية بشكل رئيسي، وكذلك واقع الحال يفيد بأن دولة قطر حققت نقلة نوعية في مجال تنويع مصادر دخلها القومي؛ وذلك بفضل توافر الإرادة السياسية والإرادة التنفيذية ومن مختلف الجهات المعنية لتحقيق رؤية قطر بالعمل الجدي والمتواصل من أجل تنويع مصادر دخلها".
ويبين لـ"الخليج أونلاين" أن "نتيجة تلك الجهود المتواصلة، حققت قطر نقلات نوعيه في هذا الاتجاه بوجود الصناعات العملاقة في مجال منتجات التعدين والإسمنت والحديد، بالإضافة إلى ما هو متوافر أيضاً في مجال المنتجات البترولية والغاز وغيرها، التي شهدت وتشهد باستمرار تطوراً ونمواً متواصلاً سنة بعد سنة".
ويضيف العبسي أن "ذلك النمو المتواصل كان، ولايزال، نتيجة مجموعة كبيرة من الحوافز المشجعة للاستثمار الوطني وحتى الخارجي، والتي منها توفير الأراضي الصناعية بأسعار رمزية، وكذلك التكلفة المخفضة لأسعار الكهرباء والماء، وعدم وجود ضرائب أو رسوم على استيراد الآلات أو قطع الغيار اللازمة لها، وكذلك على مواد الخام، بالإضافة إلى عدم وجود ضرائب على الصادرات، ووجود قطاع مصرفي مشهود له بتقديم أفضل التسهيلات والمعاملات المصرفية لكل من يرغب؛ تشجيعاً للاستثمار في قطر".
ويلفت الكاتب الاقتصادي إلى أن "كل ذلك يرتكز إلى رؤية قطر 2030 التي من أهم بنودها التشجيع على التنمية الصناعية، التي تعني تعريز الجهود، ومن كل النواحي، لخلق اقتصاد قوي ومتين ومتنوع بهدف الازدهار الاقتصادي لبناء قاعدة اقتصادية قوية ومتنوعة لتستفيد منها الأجيال القادمة، لخلق صناعات قوية في مختلف المجالات بغية ترسيخ شعار صنع في قطر".
ويبيّن أن "تصنيع المعادن يعد من بين أكثر المجالات توفيراً للفرص الواعدة خلال الوقت الراهن"، ذاكراً أهم الشركات العاملة في هذا المجال على المستوى المحلي، وفي مقدمتها "قطر بلو ستيل"، و"إيفرنسداي قطر" وغيرهما.
دعم حكومي
ثمة توقعات بأن تتجاوز نسبة النمو في سوق الحديد والصلب في قطر الـ 5%، بسبب عدة عوامل؛ أهمها زيادة الطلب على هذا النوع من المنتجات بسبب إطلاق الحكومة للعديد من مشاريع البنية التحتية ضمن رؤيتها المستقبلية.
وتشهد السوق القطرية زيادة في دخول الشركات المتعلقة بهذا النشاط، لكون قطاع الحديد والصلب يتوفر على العديد من الفرص الاستثمارية الجذابة، في ظل التشريعات القطرية الجديدة، وهو ما سيسهم في جعل قطر نقطة مهمة لإطلاق مشاريع، نظراً لموقعها في الشرق الأوسط الذي سيزيد الطلب فيه على الصلب خلال الفترة القادمة.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن الدوحة تسعى للنهوض بالإنتاج المحلي لقطاع الحديد والصلب عن طريق دعم رجال الأعمال"، مضيفاً أن "هذه الصناعة كانت، وما زالت، تستمد أهميتها من مجموعة كبيرة من العوامل، وعلى رأسها بأنها من أهم القطاعات الاقتصادية المشغلة للأيدي العاملة والمدربة لها، لأنها ترفد المجتمع المحلي بخبرات وتكنولوجيا وعلم الصناعة الذي أصبح من أحد أهم متطلبات الصناعة".
ويشير إلى أن "أهمية وحيوية القطاع الصناعي تنبع من خلال رفده الوطن بالمنتجات المادية المحسوسة، الموفرة للعديد من مليارات الدولارات التي تذهب إلى الشركات الأجنبية من خلال الاستيراد، ولهذا فإن الصناعة المحلية تعمل على تعزيز قدرات الوطن من العملات الصعبة، والتي يمكن بعد ذلك أن تستخدم في المجالات المختلفة الأخرى داخل قطر".