أشرف كمال - الخليج أونلاين-
تقترب دولة الإمارات العربية من توقيع اتفاق مع دولة الاحتلال لإنشاء محطة طاقة عملاقة للطاقة الشمسية في العاصمة الأردنية عمّان، وهو مشروع يقول خبراء إنه يمثل أكبر تعاون إقليمي في مجال الطاقة.
وكان وزراء الطاقة في الولايات المتحدة والإمارات و"تل أبيب" أكدوا، في أكتوبر 2020، أنهم سيعملون على تدشين تعاون طويل الأمد في مجال الطاقة، وذلك تفعيلاً لاتفاقات التطبيع الأخيرة.
ويوم الأربعاء 17 نوفمبر 2021، قال موقع "أكسيوس" الأمريكي إن أبوظبي وتل أبيب تقتربان من توقيع اتفاق لإنشاء محطة طاقة شمسية عملاقة في عمّان، بتمويل إماراتي.
وتعمل المحطة بشكل أساسي على توفير الطاقة لدولة الاحتلال فيما ستبني الأخيرة محطة لتحلية المياه على ساحل البحر المتوسط لتوفير احتياجات الأردن.
تعزيز العلاقة
هذه الصفقة، بحسب الموقع الأمريكي، "ستؤدي إلى زيادة الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين إسرائيل والأردن، التي تحسنت بشكل كبير منذ أن حل نفتالي بينيت محل بنيامين نتنياهو رئيساً لوزراء إسرائيل، كما أنها ستخفف أزمة المياه في الأردن".
وجاءت الاتفاقية نتيجة محادثات سرية بين الحكومات الثلاث، وقد ازدادت هذه المحادثات جدية في سبتمبر 2021، ونضجت إلى مسودة اتفاق في نهاية أكتوبر، بحسب أكسيوس.
وسيتم بناء مزرعة الطاقة الشمسية من قبل شركة مصدر، وهي شركة طاقة بديلة مملوكة للحكومة الإماراتية.
وتدعو الخطط إلى تشغيل مزرعة الطاقة الشمسية بحلول عام 2026 وإنتاج 2% من الطاقة الإسرائيلية بحلول عام 2030، مع دفع "إسرائيل" 180 مليون دولار سنوياً لتقسيمها بين الحكومة الأردنية والشركة الإماراتية.
من سيربح من هذا التعاون؟
في أكتوبر الماضي، حذر مكتب مراقب الدولة الإسرائيلي من أن عقوداً من الإهمال الحكومي جعلت تل أبيب غير مستعدة لأزمة المناخ المقبلة.
وعلى الرغم من ذلك، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، خلال قمة المناخ الأخيرة في غلاسكو، بتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.
وفي اجتماع مع مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، أعلن بينيت خططاً لمجموعة عمل معنية بتغير المناخ تركز على حلول المياه وقضايا المناخ الإقليمية الأخرى.
وقال بينيت إن "إسرائيل" ملتزمة بتصدير "قوتها العقلية" وخبرتها كـ "دولة ناشئة" كمساهمة رئيسية لها في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ، الذي تعتبره "تل أبيب" قضية أمن قومي، بحسب ما نقلته "واشنطن بوست"، منتصف نوفمبر الجاري، عن جدعون برومبيرغ، المدير الإسرائيلي لمنظمة البيئة الإقليمية "Ecopeace".
في أكتوبر 2021، أعلنت "إسرائيل" خططاً لبيع 50 مليون متر مكعب من المياه سنوياً للأردن، وهي أكبر عملية بيع مياه معروفة في تاريخ الجانبين. وقد أكد برومبيرغ أن هذا "ليس بدافع الكرم.. إنه من منطلق فهم أن الأردن معرض للخطر بشكل خاص".
وأضاف: "إسرائيل ترى أن تلبية احتياجات الأردن من المياه تدخل ضمن الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية".
الجميع رابحون
المحلل الاقتصادي الأردني نمر أبوكف، يقول إن الاتفاقية ليست وليدة اليوم، وإن المباحثات بشأنها بدأت قبل مدة برعاية أمريكية، مشيراً إلى أن التوقيع عليها كان مقرراً خلال قمة غلاسكو للمناخ التي عقدت مطلع الشهر الجاري، لكن تل أبيب طلبت تأجليه لحين تصويت الكنيست على الموازنة.
وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين"، قال أبو كف إن الاتفاقية أصبحت جاهزة ولا ينقصها سوى الوقت اللازم للتنفيذ.
وعن المصالح التي سيحرزها الأطراف في الاتفاق، يقول المحلل الأردني إن المصالح والأهداف الظاهرة تتعلق بـ"الاقتصاد؛ لكونه المحرك الأساسي له، وهناك أهداف غير ظاهرة للعيان".
ويضيف أبوكف: "من ناحية "إسرائيل" لن تتكفل بشيء في إنشاء هذا المشروع لأن شركة إماراتية ستقوم بإنشاء المحطة، ومن ثم "إسرائيل" ستغطي أي نقص في الطاقة لديها سواء الآن أو عند ذروة الإنتاج في 2030، وستستفيد من الصحراء الأردنية المتميزة في إنتاج الطاقة".
كذلك فإن "إسرائيل من خلال هذه الشراكة تسعى لتوطيد علاقاتها مع الدول العربية التي وقعت معها اتفاقيات تطبيع فيما لا تزال شعوبها رافضة لهذه الاتفاقات، كما هو الحال في الأردن"، بحسب أبوكف.
لكن المحلل الأردني أبدى تساؤلات بشأن الأسباب التي تدفع كبريات الدول العربية للاعتماد على "إسرائيل" في مثل هذه المشروعات، مشيراً إلى أن الأمر بدأ بتصدير الغاز للأردن ثم احتكار تصدير المياه له، ثم توفير الطاقة، وكلها أمور من أكبر عوامل الضغط على الدول.
لذلك، فإن أبو كف يذهب للقول إن هناك اتفاقاً إماراتياً إسرائيلياً هدفه احتواء أكبر عدد من الدول العربية لتوسيع دائرة اتفاقات التطبيع.
ولفت المحلل إلى أن الأردن يعاني ضائقة اقتصادية كبيرة، خصوصاً في مسألة الطاقة والمياه، مشيراً إلى أن عمّان ستستفيد من هذه الشراكة بحل مشكلة المياه عبر محطة التحلية المزمع إنشاؤها شمالي البلاد.
كما سيستفيد الأردن مادياً من هذه الصفقة، بحسب المتحدث، حيث ستدفع إسرائيل نحو 180 مليون دولار سنوياً تتقاسمها الأردن والشركة التي ستقوم بتأسيس هذه المحطة".
ولفت المتحدث إلى أن التضييق الخليجي على الأردن وخصوصاً من قبل الإمارات، "دفعه للتقارب أكثر مع "إسرائيل" لتوفير العناصر الرئيسية التي تحتاجها كالغاز والمياه".
أما الإمارات، كما يقول المحلل الأردني، فسوف تستفيد لاحقاً بنحو 90 مليون دولار ستحصل عليها الشركة المنفّذة للمشروع سنوياً، إضافة إلى أنها تعمل بقوة في سبيل الدفع بباقي الدول العربية للتطبيع مع "إسرائيل".
وخلص إلى أن القيادة الإماراتية "حققت في فترة قصيرة ما لم تحققه دول عربية سابقة في التطبيع مع إسرائيل"، مؤكداً أن نجاح هذا المشروع "سيفتح شهية دول عربية أخرى تعاني مشاكل اقتصادية كبيرة".