يوسف حمود - الخليج أونلاين-
بينما كان يسود قطاع السياحة البحريني حالة من التفاؤل بعد الانحسار الكبير لجائحة كورونا، وجدت المنامة نفسها أمام استمرار ضعف توافد السياح وخصوصاً الخليجيين، إلى البلد الذي يعتمد بجزء من ميزانيته على الجانب السياحي.
ووجدت الفنادق في البحرين نفسها أمام ضعف كبير في حركة النزلاء، خصوصاً مع قدوم عيد الأضحى ودخول الإجازة الصيفية السنوية التي لطالما كانت تنتعش فيها السياحة، وسط تحميل السلطات الحكومية مسؤولية هذا التراجع.
ويسهم القطاع السياحي البحريني، وفق مجلس التنمية الاقتصادية البحريني، بما نسبته 6.3% من الناتج المحلي البحريني، بعوائد سنوية تصل إلى نحو 13 مليار دولار، فيما يحتل السعوديون المرتبة الأولى في قائمة زوّاره.
حالة يرثى لها
في تقرير خبري نشرته صحيفة "الوطن البحرينية"، (4 يوليو 2022)، تحدث مسؤولو فنادق حول "عدم وجود فعاليات وأنشطة سياحية لجذب الزوار إلى البحرين خلال عطلة عيد الأضحى المبارك، وخصوصاً للقادمين من المملكة العربية السعودية".
وأشاروا، وفقاً للصحيفة، إلى أن معدلات الإشغال الفندقي متراجعة مقارنة بفترة ما قبل "كورونا"، مضيفين أن "جميع الفنادق في البحرين عموماً في حالة يرثى لها، عدا بعض الفنادق الكبرى".
الصحيفة ذاتها نقلت عن مسؤولي الفنادق مطالبهم بضرورة "تكثيف البرامج السياحية لجذب المزيد من الزوار من دول العالم ودول مجلس التعاون الخليجي".
وقال الرئيس التنفيذي لفندق "جولدن توليب"، عبد الرحيم السيد، إن حال الفنادق في البحرين يرثى لها، "وخصوصاً مع تراجع البرامج والفعاليات السياحية"، لافتاً إلى أن معظم الفنادق "تمتنع عن الاستثمار في البرامج السياحية تخوفاً من تراجع العوائد".
وأشار إلى أن الحجوزات الفندقية تراوح بين 30% و40% في الفنادق عموماً، مقارنة مع معدلات إشغال عالية قبل جائحة كورونا.
وكان النائب البحريني عمار البناي قال، في ندوة عقدت في فبراير الماضي، إن القطاع الفندقي "بات يحتضر، والمطاعم العاملة في البحرين لا تحقق أرباحاً، ويستثنى منها فقط مطاعم الدرجة الأولى".
ولفت إلى أن البحرين كانت لديها العديد من الفرص ومنها جسر الملك فهد، "لكن اليوم ما يقدم في الرياض لا يمكن للبحرين أن تفعل مثله، وهذا ما يضعف وجود سياح سعوديين لدينا"، في إشارة إلى ضعف الترويج للسياحة في بلاده، في وقتٍ تتصاعد فيه الفعاليات الترويجية للسياحة في السعودية.
قبل وبعد كورونا
كانت جائحة كورونا قد أثرت تأثيراً سلبياً كبيراً جداً في القطاع السياحي بالبحرين، وهو ما أكّدته غرفة تجارة وصناعة البحرين، التي قالت إنه من أكثر القطاعات تضرراً في المملكة بسبب إغلاق الدول في جميع أنحاء العالم حدودها وفرضها لقيود صارمة على السفر.
ووفقاً لأرقام نشرتها الجهات الرسمية في البحرين مطلع العام 2021، فقد انخفض عدد الزوار الوافدين لأغراض سياحية بنسبة 83%، من 11.1 مليون زائر في 2019 حتى وصل إلى 1.9 مليون زائر في 2020، وبذلك انخفض إجمالي إيرادات السياحة الوافدة في 2020 بنسبة 80% من 1.5 مليون دينار (3.98 ملايين دولار) إلى 0.3 مليون دينار (800 ألف دولار).
وكانت فنادق البحرين تستفيد من جسر الملك فهد الذي يربطها بالسعودية قبل جائحة كورونا بنسبة إشغال تصل إلى 80% وترتفع إلى 100% في عطلة نهاية الأسبوع.
وفي أرقام حديثة، نشرت أواخر يونيو الماضي، أعلنت هيئة البحرين للسياحة والمعارض عن أداء المؤشرات السياحية للربع الأول من العام 2022 مقارنة بالربع الأول من العام 2021، حيث أظهرت ارتفاعاً بعدد السياح الوافدين بنسبة 984% باستقطابها نحو 1.71 مليون سائح، مقارنة بـ152 ألف زائر في الربع الأول من العام 2021.
وبيّنت الإحصائيات ارتفاع إيرادات السياحة الوافدة للمملكة إلى 292 مليون دينار بحريني (773.8 مليون دولار أمريكي) خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بـ30 مليون دينار بحريني (79.5 مليون دولار أمريكي) خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
أسباب مختلفة
يشير نائب رئيس لجنة الضيافة والسياحة بغرفة البحرين، إبراهيم الكوهجي، إلى أن الحجوزات لفترة عيد الأضحى المبارك (يوليو 2022) جيدة إلى حد ما، إلا أنه أوضح أن تراجع الأنشطة السياحية سيؤثر سلباً على استقطاب الزوار.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران لبعض وجهات دول الجوار والدول الأخرى مثل تركيا بصورة مبالغة، يخلق فرصة للبحرين، إلا أنه عاد ليبين أن عدم وجود برامج وأنشطة سياحية جاذبة للسائح يفوت هذه الفرصة.
ولفت الكوهجي إلى أن معدلات الإشغال الفندقي قبل جائحة "كورونا" مرتفعة بصورة كبيرة مقارنة مع الفترة الحالية، "وأن أي مقارنة عادلة ينبغي أن تكون في نسب الإشغال قبل كورونا وبعدها للوقوف على الأرقام الواقعية لنسب الإشغال الفندقي".
وحول ما يمكن عمله، يشير إلى ضرورة تدارك ذلك "بتخصيص برامج سياحية عائلية لاستقطاب المزيد من السياح في الموسم الحالي"، مبيناً أن معظم زوار البحرين من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، "ومن ثم يجب على الجهات المعنية التركيز على الأنشطة التي تستقطب السياح من هذه الدول".
خطوات مطلوبة
من جانبه يرى المستشار السياحي عبد الحميد الحلواجي، أن البحرين كانت تعتمد بنسبة 80% على السياحة الخليجية، مشيراً إلى أنه بعد انطلاق البرامج السياحية في الكثير من دول الجوار أصبح البحريني يتجه نحو تلك الدول لوجود برامج سياحية تناسب تطلعاته.
ووفقاً لتصريحات صحفية له أكد "الحلواجي" ضرورة إطلاق برامج سياحية فاعلة، "وتكثيف التسويق السياحي للبحرين في الخارج، إلى جانب تخصيص ميزانية للفعاليات السياحية من الرسوم المحصلة من المرافق السياحية أسوة ببعض دول الخليج".
بدوره قال الرئيس التنفيذي لمجموعة "العرين" البحرينية، عيسى فقيه، إن التشكيل الحكومي الجديد، الذي أقر فصل وزارة السياحة واستقلاليتها، "سيساعد القطاع السياحي على المزيد من النمو".
وأشار، في تصريح لصحيفة "الأيام المحلية"، إلى أن هناك الكثير من المهام الصعبة تنتظر وزارة السياحة، من أبرزها "عدم الاكتفاء بالسياحة البينية الخليجية، والتركيز بشكل أكبر على السياح الأوروبيين والآسيويين من خلال توفير العروض المناسبة لهم لقضاء عدة ليالٍ في البحرين".
كما أكد أهمية التعاون بين الوزارة والقطاع الفندقي، والعمل جنباً إلى جنب من أجل توفير المزيد من عناصر الجذب السياحي في المستقبل.
وأواخر يونيو الماضي، أظهرت وثائق حكومية بحرينية نشرتها صحف محلية أن هيئة البحرين للسياحة والمعارض تعتزم طرح مناقصة لتعيين شركات لإدارة فعاليات الجذب السياحي في المملكة، التي تستهدف رفع نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.4% بحلول العام 2026.