محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
مع بدء دخول قرار مجموعة الدول السبع وأستراليا تحديد سعر النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، أبدت دول خليجية قلقها من تسقيف الخام الروسي، وسط دعوات إلى الحفاظ على استقرار سوق الطاقة والابتعاد عن تسييسه.
وجاء قلق دول الخليج المصدرة للنفط من إدراكها لخطورة القرار الأوروبي الذي اتخذ (الجمعة 3 ديسمبر الجاري) على أسواق الطاقة، وتسببه في عدم اليقين بالأسواق، والتسبب باضطراب الأسعار.
وأبدت دول خليجية قلقها من القرار الأوروبي، فيما شددت حكومات أخرى على ضرورة استقرار أسواق النفط العالمية.
فقد أعرب وزير الطاقة والمعادن العُماني سالم العوفي عن عدم ارتياحه لتسقيف مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي أسعار النفط الروسي، واصفاً القرار بأنه "خطير للغاية".
وقال العوفي في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ" (الخميس 8 ديسمبر الجاري): إن "الأمر بدأ بروسيا، لكنه قد يمتد غداً إلى تقييد الأسعار عالمياً".
وإلى جانب سلطنة عُمان، شددت السعودية والصين في بيان مشترك (الجمعة 9 ديسمبر الجاري) على أهمية استقرار أسواق النفط العالمية، وأكدتا الدور السعودي لتحقيق هذا.
خطوة "أوبك+"
في ضوء القرار الأوروبي أبقى تحالف "أوبك+" لمنتجي النفط، الذي يضم روسيا، أهداف الإنتاج دون تغيير في اجتماعه الأخير، الذي عقد في الرابع من ديسمبر الجاري.
وأبقى التحالف على المسار الذي أقره في أكتوبر، والقاضي بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل في اليوم حتى نهاية العام 2023.
وتضمن الاتفاق الأوروبي بنداً بمراجعة سقف سعر النفط الروسي بانتظام؛ للتأكد من أنه أقل بنسبة 5% من متوسط أسعار النفط الروسي في السوق.
وحسب الجريدة الرسمية لمجلس الاتحاد الأوروبي، فقد حُدد بند للطوارئ في اتفاق التسقيف؛ لتحديد الحالات التي يُسمح فيها بتجاوز السقف، وهي "الحالات الضرورية للوقاية العاجلة أو التخفيف من آثار حدث من المحتمل أن يكون له تأثير خطير ومهم على صحة الإنسان وسلامته أو البيئة، أو كاستجابة للكوارث الطبيعية".
وكان الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، بحث مع نظيره لروسي فلاديمير بوتين (الأربعاء 7 ديسمبر الجاري) قرار وضع سقف لأسعار النفط الروسي، وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام)، إنهما أكدا أن القرار يتناقض مع "مبادئ التجارة العالمية".
وتملك روسيا ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، ويقدر بـ80 مليار برميل، وهي خامس أكبر منتج بنحو 11 مليون برميل يومياً، تصدر نصفها نحو الخارج.
خطوة مقلقة
الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، يرى أن من حق دول الدول المصدرة للنفط أن تقلق من الخطوة "غير التقليدية" والأولى من نوعها تاريخياً بتحديد سعر سقف لدولة منتجة.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" قال الشوبكي إن تحالف سقف السعر، كما سمي من دول الاتحاد الأوروبي، "قابل لإضافة دول جديدة لمبدأ تسقيف السعر على غرار ما حدث مع روسيا"، مضيفاً: "قد يكون نواة لتحالف جديد للسيطرة على أسعار النفط عالمياً".
وأضاف: "الخطوة الأوروبية مقلقة جداً للدول المصدرة للنفط التي كانت تعتمد على السوق الحرة في العرض والطلب لتحديد الأسعار، ومن ثم كانت سبب وجود أوبك+ أساساً لمحاولة ضبط الإنتاج وتحقيق التوازن في الأسواق العالمية، لذلك هنا مكمن الخوف للدول الخليجية".
ويرى الشوبكي أن أحد أسباب حرص "أوبك+" على الحفاظ على تخفيف الإنتاج الحالي هو معرفة ردود الفعل الروسية والأسواق على الخطوة الغريبة من الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن "الخطوة الخطيرة" تكمن في تهديد التجارة العالمية في سلعة مهمة مثل النفط التي تمثل تجارتها أكثر من 3 تريليونات دولار سنوياً، وهي الأعلى قيمة بشكل يومي، وتوقع أن تعمل "أوبك+" مستقبلاً على إعادة التموقع للسيطرة على أسواق النفط.
الرد الروسي
صحيفة "فيدموموستي" قالت، يوم الأربعاء 7 ديسمبر الجاري، إن السلطات الروسية تعمل على تطوير 3 ردود محتملة بعد فرض الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع سقفاً لسعر النفط الروسي.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين أن الخيار الأول هو فرض حظر شامل على بيع النفط للدول التي وافقت على هذه القيود حتى لو قامت بشراء المواد الخام من روسيا من خلال دول وسيطة.
وأكد أحد المصدرين أنه سيحظر التسليم إذا كان عضو مجموعة السبع هو المستلم النهائي.
وتأتي هذه الحرب النفطية في سياق الصراع المتواصل بين الغرب وموسكو منذ شن الأخيرة غزواً عسكرياً على أوكرانيا، أواخر فبراير الماضي، ما أدى لاضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة عالمياً.
وتراجعت أسعار النفط، يوم الجمعة 9 ديسمبر الجاري، لأدنى مستوى أسبوعي في 6 أشهر؛ بسبب تزايد المخاوف الاقتصادية المستقبلية التي كان من بين أسبابها تقييم المتعاملين لتداعيات قرار تسقيف سعر النفط الروسي.