بلومبرج - ترجمة الخليج الجديد-
تراجعت الاحتياطات الأجنبية للسعودية بأكثر من 16 مليار دولار في يوليو/ تموز الماضي، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 2009، على خلفية تغيير أولويات الاستثمار من جانب أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، بحسب تقرير لوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg) ترجمه "الخليج الجديد".
وأفاد البنك المركزي السعودي (ساما)، في تقرير نُشر الإثنين الماضي، بأن صافي الأصول الأجنبية هبط إلى نحو 1.53 تريليون ريال (407 مليارات دولار) في يوليو/ تموز الماضي، بعد زيادات في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين.
ففي يوليو/ تموز الماضي، تراجع إجمالي الأصول الاحتياطية إلى نحو 1.6 تريليون ريال مقارنة بحوالي 1.662 تريليون ريال في الشهر السابق له؛ جراء انخفاض قيمة النقد الأجنبي والودائع في الخارج إلى نحو 554.2 مليار ريال في الماضي، مقارنة بـ616.3 مليار ريال قبل شهر. وهذا هو الانخفاض الأكثر حدة منذ ذروة وباء كورونا، عندما انهارت عائدات النفط.
وعلى الرغم من الانخفاض الراهن، إلا أن الاستثمارات في الأوراق المالية في الخارج ارتفعت خلال فترة المقارنة، إذ سجلت 952.29 مليار ريال، مقارنة بنحو 950.87 مليار ريال.
ويشمل إجمالي الأصول الاحتياطية للبنك المركزي السعودي كلا من الذهب، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، إضافة إلى الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج.
رؤية 2030
ويتوقع صندوق النقد الدولي، ومقره واشنطن، أن تواجه السعودية عجزا في الميزانية خلال العام الجاري، يصل إلى 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتعارض مع توقعات الحكومة بتحقيق فائض للعام الثاني على التوالي، وأشارت آخر تقديراتها إلى أنه سيبلغ 16 مليار ريال (4.3 مليارات دولار).
ويقدّر صندوق النقد سعر النفط الذي تحتاج إليه السعودية لتحقيق التوازن في ميزانيتها خلال العام الجاري بأكثر من 80 دولارا للبرميل. بينما لم تكشف المملكة عن سعر مفترَض أو محدَد في ميزانيتها.
وفي السنوات القليلة الماضية، غيرت السعودية استراتيجيتها الاستثمارية، مبتعدة عن الاحتفاظ بمعظم أصولها الأجنبية لدى البنك المركزي، ولجأت إلى ضخّ مئات مليارات الدولارات في الصناديق السيادية، وبينها صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطنية، في سياق رؤية 2030.
وتضخ السعودية، ضمن تلك الرؤية التنموية، استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعها، بينها السياحة والرياضة والفنون والتكنولوجيا، لتنويع وتوسيع اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات، من أجل مواكبة تحول العالم نحو الطاقة النظيقة ولامتصاص الصدمات في أسعار النفط.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في بنك "ستاندرد تشارترد" كارلا سليم، إن ما يحدث هو "جزء من تحول هيكلي أوسع في كيفية إدارة الأصول السيادية في المملكة، مع الاحتفاظ بمزيد من الأصول لدى صندوق الاستثمارات العامة.. وتجسد الانخفاض في الأصول بشكل كامل من خلال ودائع العملات الأجنبية في الخارج، مع بقاء المكونات الأخرى للأصول الاحتياطية مستقرة على نطاق واسع".
أرباح أرامكو
وعلى الرغم من أن السعودية حققت أرباحا هائلة العام الماضي، حين بلغ متوسط أسعار النفط نحو من 100 دولار للبرميل تحت وطأة الحرب الروسية- الأوكرانية، إلا أن القليل من الأرباح غير المتوقعة وصل إلى ممتلكات البنك المركزي.
وانخفضت ودائع المملكة في الخارج بنحو 15 مليار دولار في يوليو/تموز الماضي إلى ما يزيد قليلا عن 94 مليار دولار، وهو ما يمثل الجزء الأكبر من الانخفاض الإجمالي، وفقا للوكالة.
وكان الانخفاض في يوليو/ تموز الماضي هو الأكبر منذ أن حولت الحكومة 40 مليار دولار إلى صندوق الثروة الخاص بها من البنك المركزي للاستثمار في الخارج، بعد أن تسبب الوباء العالمي في إحداث دمار في الأسواق العالمية.
وقالت وزارة المالية السعودية إنها ستستخدم على الأقل جزءا من فائض العام الماضي لإعادة بناء الاحتياطيات الموجودة لدى البنك المركزي، لكنها الآن أقل بنحو 30 مليار دولار عما كانت عليه في بداية العام.
وذكرت كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري مونيكا مالك، أنه "من المتوقع أن يتحسن صافي مركز الأصول الأجنبية في سبتمبر (أيلول المقبل)، خاصة عندما يصل أول توزيع أرباح مرتبط بالأداء من (شركة النفط السعودية) أرامكو".