فيليسيتي برادستوك/أويل برايس - ترجمة الخليج الجديد-
سلطت الكاتبة المتخصصة في شؤون الطاقة، فيليسيتي برادستوك، الضوء على صعود السعي للحصول على تقنية الطاقة النووية في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن دول المنطقة تعرب عن اهتمام متزايد بتطوير هذه الطاقة لديها، خاصة الإمارات والسعودية.
وذكرت فيليسيتي، في مقال نشرته بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم تظهر اهتمامًا متجددًا بالطاقة النووية منخفضة الكربون كوسيلة لتحويل اعتمادها بعيدًا عن الوقود الأحفوري ودعم الاحتياجات الأمنية للأعداد المتزايدة من السكان أثناء خضوعها للتحول الأخضر.
وأضافت أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعديد الدول الأوروبية أعلنت مؤخرًا عن خطط لتطوير محطات نووية جديدة، بناءً على قدراتها النووية الحالية لإنتاج المزيد من الطاقة النظيفة. والآن يبدو أن العديد من دول الشرق الأوسط ترغب في تطوير برامجها النووية الخاصة لضمان مستقبل أمن الطاقة لديها ومساهمتها في التحول الأخضر العالمي.
وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تدرس العديد من دول الخليج برامج الطاقة النووية أو تخطط لها أو تبدأها، بما في ذلك السعودية وقطر والكويت والعراق؛ اليمن، إسرائيل، سوريا، الأردن، مصر، تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب، والسودان.
وتتوسع صناعة الطاقة النووية في الشرق الأوسط ولكنها لا تزال في مراحلها الأولى، حيث تساعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة على تطوير برامج نووية.
وفي الوقت الحاضر، لا يوجد سوى محطتين نشطتين للطاقة النووية في الشرق الأوسط: محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران، ومحطة براكة للطاقة النووية في الإمارات. ويوجد في بوشهر مفاعل واحد قيد التشغيل، في حين يوجد في براكة 4 مفاعلات.
ومع التزام العديد من دول الشرق الأوسط بتعهداتها بخفض صافي الانبعاثات الكربونية إلى الصِفر بحلول منتصف القرن، فإن الطاقة النووية تمثل بديلاً ضخمًا منخفض الكربون للنفط والغاز، اللذين لا تزال العديد من الدول تعتمد عليهما في توفير الطاقة وإيراداتها. وفي الواقع، فإن 90% من مزيج الطاقة في منطقة الخليج يأتي من الهيدروكربونات.
وتعد الإمارات من أوائل الدول التي تبنت الطاقة النووية في الشرق الأوسط، حيث أطلقت محطة براكة في عام 2019، والتي تبلغ طاقتها 5.6 جيجاوات، وتأمل في أن تظل رائدة عالميًا في مجال الطاقة طوال فترة التحول الأخضر، حيث تعمل على تنويع مزيج الطاقة لديها ليشمل النفط والغاز والطاقة النووية ومجموعة متنوعة من مصادر الطاقة المتجددة.
وفي وقت سابق من العام الجاري، وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية (الجهة المسؤولة عن تطوير قطاع الطاقة النووية في دولة الإمارات) 3 اتفاقيات مع معهد بحوث عمليات الطاقة النووية الصيني، والمؤسسة النووية الوطنية الصينية لما وراء البحار، والمؤسسة الصينية لصناعة الطاقة النووية، لزيادة قدرتها النووية.
وتشمل الاتفاقيات الثلاث التعاون في عمليات الطاقة النووية، والمفاعلات المبردة بالغاز ذات درجة الحرارة العالية، وإمدادات الوقود النووي والاستثمار فيه.
وتعهدت الحكومة الإماراتية مؤخرا بزيادة إنتاجها من الطاقة النووية للمساهمة بنسبة 6% من احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2050، وتتوقع العمل في شراكة مع الصين لتحقيق هذه الأهداف على مدى العقود المقبلة.
وفي الوقت نفسه، أعلنت حكومة السعودية عن هدف الوصول إلى 17 جيجاوات من القدرة النووية بحلول عام 2040، حيث تخطط لتسريع تطوير قطاع الطاقة النووية لديها.
وفي سبتمبر/أيلول، أعلنت المملكة التزامها بتطوير برنامج للطاقة النووية، وتعهدت بضمان لوائح أكثر صرامة في هذا القطاع.
وصرح وزير الطاقة السعودي، سلمان آل سعود، أن بلاده ستعمل بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للخضوع لفحوصات أكثر صرامة استعدادًا لتطوير قطاعها النووي.
وقال آل سعود: "المملكة اتخذت مؤخرًا قرارًا بإلغاء بروتوكول الكميات الصغيرة الخاص بها والانتقال إلى تنفيذ اتفاقية الضمانات الشاملة كاملة النطاق"، وذلك خلال المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
وأضاف: "المملكة ملتزمة من خلال سياستها المتعلقة بالطاقة الذرية بأعلى معايير الشفافية والموثوقية".
وجاء ذلك بعد سنوات من الضغوط التي مارستها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإقناع العديد من البلدان التي لديها بروتوكولات الكميات الصغيرة (SQP) بالانتقال إلى اتفاقية الضمانات الشاملة (CSA) لضمان الالتزام بالجهود الدولية لمنع الانتشار النووي.
وفي الوقت الحاضر، تمتلك السعودية مفاعلاً نووياً صغيراً، تم تطويره بدعم من الأرجنتين، ولم يتم تشغيله بعد. وبموجب اتفاقية الفضاء الكندية، ستتمكن المملكة من الوصول إلى المواد الانشطارية لبدء العمليات.
وتركز السعودية أيضًا على الحصول على امتيازات من الولايات المتحدة لتطوير برنامجها للطاقة النووية، وتطالب بمساعدة أكبر في هذا المجال من واشنطن مقابل الموافقة على اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
ومع ذلك، فإن إسرائيل لا توافق على هذا الطلب، بسبب قلقها من خطر قيام السعودية بتطوير إمكاناتها في مجال الأسلحة النووية. كما رفض العديد من المشرعين في الولايات المتحدة وأوروبا هذه الخطوة.
ورغم أن منطقة الشرق الأوسط تتخلف قليلاً عن عدة أجزاء أخرى من العالم، إلا أنها تُظهر اهتماماً متزايداً بتطوير قطاع الطاقة النووية لديها، وتعمل كل من الإمارات والسعودية على تسريع تطوير برامج الطاقة النووية، وضخ تمويل ضخم في المفاعلات الجديدة.
وفي الوقت نفسه، تعمل عدة دول أخرى في جميع أنحاء المنطقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتخطيط التطوير النهائي لبرامج الطاقة النووية الخاصة بها.
ولذا تخلص فيليسيتي إلى أن تطوير القطاع النووي في جميع أنحاء الشرق الأوسط يمكن أن يساعد العديد من البلدان على البقاء ذات أهمية فيما يتعلق بالطاقة في عالم يبتعد تدريجياً عن النفط والغاز.