يوسف حمود - الخليج أونلاين-
يسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 التي أطلقتها الحكومة في المملكة؛ لكونه المحركَ الأساسي للتحدي في البلد الخليجي، حيث يسهم في تحقيق مستهدفات تلك الرؤية، وإنجازات فريدة من نوعها على مستوى العالم.
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة محمية استثمارية داخل السعودية وعلى مستوى الوطن العربي وصولاً إلى مختلف دول العالم، حيث يعتمد على الاستثمار في الفرص الواعدة محلياً وعالمياً؛ لكونه أحد أكبر الصناديق السيادية عالمياً.
وكان العام 2023، عاماً حافلاً بالإنفاق الذي ظهر من الصندوق، فقد أسهم بنحو ربع المبالغ التي أنفقتها صناديق الثروة السيادية في أنحاء العالم، من خلال تعزيز الصفقات الاستثمارية، وتنويعها في مجالات مختلفة كالسياحة والرياضة بشكلٍ خاص.
2023.. أرقام كبيرة
بخطوة تلو أخرى، يمضي صندوق الثروة السيادي في السعودية نحو توزيع وتنويع استثماراته محلياً وعالمياً، ليكون العام 2023 هو أكثر الأعوام إنفاقاً، وبنسبة تصل إلى نحو ربع المبالغ التي أنفقتها الصناديق الاستثمارية العالمية.
في تقريرٍ حديث لمنصة "غلوبال أس.دبليو.أف" التي تتتبع أنشطة صناديق الاستثمارات السيادية في العالم (1 يناير 2024)، أشارت المنصة إلى أن الصندوق السعودي أنفق 31.5 مليار دولار، من إجمالي 124 مليار دولار تقريباً كانت حصيلة ما أنفقته بقية الصناديق العالمية، وهو رقم كبير مقارنة بالسنوات الماضية.
تعقيباً على هذه البيانات، قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، إن الصندوق السعودي هو الأكثر نشاطاً في العالم العام الماضي، إذ عزز صفقاته رغم أن الصناديق الأخرى "خفضت الإنفاق".
وساعد الأداء القوي في البورصات العالمية العام الماضي، على تسجيل نمو قياسي للأصول التي تديرها صناديق الثروة السيادية في أنحاء العالم، بلغ 11.2 تريليون دولار.
أبرز الإنفاقات
لم يكشف التقرير، عن الاستثمارات الفردية للصندوق السعودي، لكن الإنفاق السخي على رياضتي كرة القدم والغولف أحدث ضجة في عالم الرياضة، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز"، فقد أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في يونيو 2023، أن الصندوق سيسيطر على أربعة من أكبر أندية كرة القدم في المملكة، وهي: الاتحاد والأهلي والهلال والنصر.
وفاجأت المملكة عالم رياضة الغولف في الشهر ذاته، بالإعلان عن اتفاق اندماج ثلاثي بين رابطة لاعبي الغولف المحترفين، ومقرها الولايات المتحدة، وجولة موانئ دبي العالمية (دي بي وورلد تور)، و"ليف غولف" المنافسة المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي. ولم يتم الانتهاء بعد من هذا الاندماج.
وبعيداً عن الإنفاق السخي على الرياضة، كانت أكبر استثمارات المملكة في قطاعات أخرى، وجاء 42% من الإنفاق في الداخل، حيث شملت عمليات الشراء الكبيرة 4.9 مليارات دولار للاستحواذ على شركة الألعاب الأمريكية "سكوبلي"، و3.6 مليارات دولار لشراء قسم تأجير الطائرات في "ستاندرد تشارترد"، و3.3 مليارات دولار لشراء شركة "حديد" لصناعة الصلب.
ويملك الصندوق خططاً لإطلاق شركة طيران وعلامة تجارية للسيارات الكهربائية، حيث يمتلك حصة بقيمة 8.1 مليارات دولار في "أكتيفيجن بليزارد" و"إلكترونيك آرتس" في إطار خطط لجعل المملكة مركزاً للألعاب الإلكترونية.
ونوفمبر الماضي، قالت وكالة الأنباء السعودية "واس"، إن صندوق الاستثمارات العامة "دخل في اتفاق" مع شركة "فيروفيال" للاستحواذ على حصة 10% من "توبكو"، الشركة القابضة لمطار هيثرو.
أرقام مختلفة
وشهد الاقتصاد السعودي عديداً من الأحداث خلال عام 2023، جزء منها يتعلق بصندوق الاستثمارات، حيث أعلن ولي العهد (رئيس الصندوق) عدداً من المشاريع عبر إطلاقه 15 شركة.
في فبراير 2023، أعلن الصندوق استثمار ما تصل قيمته الإجمالية إلى 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار)، في زيادة رأسمال تمثل حصص أقلية في أربع شركات محلية تعمل بمجال خدمات البناء والتشييد، وهي: شركة "نسما وشركاهم" للمقاولات، و"السيف مهندسون مقاولون"، و"البواني القابضة"، و"المباني مقاولون عامون".
وأسس في 16 فبراير، شركة "تطوير المربع الجديد"، بهدف تطوير أكبر داون تاون حديث عالمياً في الرياض، والتي تهدف إلى دعم الناتج المحلي غير النفطي بما يصل إلى 180 مليار ريال (48 مليار دولار)، واستحداث 334 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وأعلن الصندوق في 12 مارس، عن تأسيس شركة "طيران الرياض" الناقل الجوي الوطني الجديد، للمساهمة في تطوير قطاع النقل الجوي وتعزيز منظومة الطيران السعودية محلياً وعالمياً، والتي تهدف إلى إطلاق رحلات تصل لأكثر من 100 وجهة حول العالم بحلول 2030.
وفي 25 مايو، تم الإعلان عن تأسيس شركة "بدائل"، بهدف توفير بدائل جديدة مبتكرة للمدخنين أقل ضرراً، والمساهمة في مساعدة أكثر من 25% من إجمالي المدخنين بالمملكة، وتوفير أكثر من 6 مليارات ريال (1.60 مليار دولار) سنوياً من نفقات الرعاية الصحية بحلول 2032.
وأطلقت شركة "لايفيرا" المتخصصة في الصناعات الدوائية في 18 يونيو، لتمكين نمو القطاع وتعزيز مرونته من خلال العمل على إنتاج الأدوية الحيوية على نطاق تجاري عبر منصات التطوير والتصنيع الدوائي؛ بما يساعد على ترسيخ مكانة المملكة كوجهة عالمية لإنتاج الأدوية.
أما في 20 يوليو، فتم إطلاق شركة "سواني" لتمكين صناعات منتجات حليب الإبل محلياً، وتعريف المستهلكين بالقيمة الغذائية والفوائد الصحية لمنتجات حليب الإبل، في حين أعلن تأسيس شركة "تراث المدينة" في 23 يوليو، لتطوير ورفع قيمة منتجات تمور العجوة المحلية، بما يسهم في تطوير قطاع الأغذية والزراعة بالمملكة.
وبعدها بأيام (27 يوليو)، أطلقت شركة "أسفار" للاستثمار في منظومة السياحة المحلية وإنشاء وتطوير المشاريع والوجهات السياحية في مختلف مدن المملكة، وتمكين القطاع الخاص من خلال استثمارات مشتركة، واستحداث فرص للمقاولين والموردين المحليين.
وفي السادس من أغسطس، أطلق الصندوق السعودي شركة "سرج" وهي استثمارية رياضية تهدف إلى دعم وتمكين نمو قطاع الرياضة في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأُسست شركة "كياني" بتاريخ 7 أغسطس، لتعزيز نمط الحياة الصحي للمرأة في المملكة باستخدام أحدث التقنيات لتكون شركة رائدة عالمياً في هذا القطاع.
وأعلن عن تأسيس الشركة السعودية لإدارة المرافق في 10 أغسطس، والمتخصصة بتقديم خدمات متكاملة في مجالات إدارة المرافق، وإدارة الطاقة، وإدارة النفايات، والصيانة، وخدمات التنظيف، والأمن، وخدمات تنسيق الحدائق.
وكان شهر أكتوبر حافلاً بالاستثمارات، حيث أعلن عن تأسيس شركة "تطوير البلد"، في 3 أكتوبر، لتطوير منطقة جدة التاريخية وتحويلها إلى وجهة ثقافية وتراثية عالمية.
وفي 6 أكتوبر أطلقت شركة "اردارا" بهدف تطوير مشروع "وادي أبها" في عسير باكورة مشاريع الشركة، لتكون مركزاً حضرياً ووجهة سياحية جاذبة للزوار محلياً وعالمياً.
كما أطلق صندوق الاستثمارات العامة والشركة السعودية للكهرباء "البنية التحتية للسيارات الكهربائية" في 8 أكتوبر، حيث يمتلك الصندوق حصة 75% بالشركة، في حين تملك "السعودية للكهرباء" الحصة المتبقية والبالغة 25%.
وفي 10 أكتوبر 2023، أطلق الصندوق السيادي شركة "تسارُع لاستثمارات التنقل"، وهي شركة استثمارية متخصصة في تطوير القدرات المحلية لسلاسل إمداد قطاع السيارات والتنقل في المملكة.
وأعلن في 11 ديسمبر تأسيسه شركة "دان"، المتخصصة في السياحة الريفية والبيئية بالشراكة مع المجتمعات المحلية، والتي تعتزم تطوير وتشغيل وجهات تضم منتجعات راقية ونزلاً ريفية بالشراكة مع المجتمع المحلي.
تزايد مستمر
أظهرت البيانات التي نشرتها وسائل إعلام محلية، أن صندوق الاستثمارات العامة أسس حتى الآن 93 شركة منذ عام 2017 باستثمارات تغطي 13 قطاعاً استراتيجياً.
وتوزعت تلك القطاعات في الطيران، المركبات، النقل والخدمات اللوجستية، الأغذية والزراعة، الرعاية الصحية، الترفيه والسياحة والرياضة، الخدمات المالية، الاتصالات والإعلام والتقنية، القطاع العقاري، المرافق الخدمية والطاقة المتجددة، المعادن والتعدين، مواد خدمات البناء والتشييد، السلع الاستهلاكية وتجارة التجزئة.
ويفوق حجم الأصول التي يديرها 2.63 تريليون ريال (701 مليار دولار)، إلى جانب خلق أكثر من 644 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ويسعى صندوق الاستثمارات العامة ليكون وجهة استثمارية رائدة، وذات تأثير عالٍ على مستوى العالم، مستهدفاً العمل على تطوير 6 محافظ استثمارية محلية وعالمية تنوعت في عدة قطاعات، وفق استراتيجيته التي تركز على تحقيق عائدات مالية ضخمة للمملكة.