محمد أمين - الخليج أونلاين-
أزمة قديمة متجددة، وتوقعات بحدوث الأسوأ، وتحركات حكومية، هذا ما تعيشه دولة الكويت فيما يخص الطاقة الكهربائية التي تعاني من مشكلات عديدة في الصيف الحارق، ونقص كبير تسبب بانقطاع التيار عن عدة مناطق في مناسبات عديدة.
ومع تسجيل مؤشر الأحمال الكهربائية، في أغسطس الماضي، رقماً قياسياً جديداً يعد الأعلى في تاريخ الكويت، والذي بلغ 16.5 ألف ميغاواط، تعمل الحكومة على إيجاد حل لهذه الأزمة؛ لتلافي تكرارها في الصيف القادم.
ومن المرجح أن تصل أزمة الكهرباء إلى ذروتها في عام 2026 إذا لم يتم اعتماد حلول سريعة، حيث من المتوقع أن يرتفع العجز إلى 1,141 ميغاواط.
ما سبب الأزمة؟
لمشكلة انقطاع التيار الكهرباء في هذا البلد الخليجي أسباب عديدة، أبرزها ارتفاع معدل الاستهلاك وزيادته المستمرة، التي تبلغ نحو 4,8% سنوياً.
ويبلغ الإنتاج لهذا العام 17,477 ميغاواط، في الوقت الذي سيصل فيه الاستهلاك إلى 17,753 ميغاواط؛ ما يعني وجود نقص متوقع يصل إلى 276 ميغاواط.
وبحسب ما نقلت صحيفة "الراي" عن "مصدر مطلع" في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، فإن "أزمة نقص الطاقة ستستمر في 2025، حيث يتوقع أن يصل العجز إلى 528 ميغاواط، إذ تشير التوقعات إلى أن معدل الإنتاج سيبلغ 18,077 ميغاواط، بينما سيصل معدل الاستهلاك إلى 18,605 ميغاواط.
كما أن التأخر الحكومي في تنفيذ مشاريع زيادة القدرة الإنتاجية يعد سبباً لا يقل أهمية عن زيادة الاستهلاك، إلى جانب الأعطال التي تصيب محطات التوليد، ولعل أبرز الأحداث المرتبطة بهذا الخصوص هو خروج محطة التحويل الرئيسة "عبد الله السالم" عن الخدمة، في سبتمبر الماضي؛ ما تسبب بانقطاع التيار عن 5 مناطق.
جهود حكومية
تكثف الكويت في الوقت الحالي جهودها لتفادي الأزمة، عبر إجراءات وخطوات عديدة، من بينها: تفعيل خطة الترشيد على مستوى جميع القطاعات، وشراء أو تبادل الطاقة مع دول منظومة الربط الكهربائي الخليجي، إضافة إلى إرساء عقود لصيانة محطات التوليد، وتنفيذ الخطة الخمسية 2024-2029.
وضمن هذه الخطة أعلنت وزارة الكهرباء الكويتية، في أكتوبر الماضي، إنشاء 3 محطات للقوى الكهربائية وتقطير المياه؛ وهي "محطة الزور الشمالية المرحلة الثانية والثالثة"، و"الخيران"، و "الشقايا"، والتي ستنتج 9 آلاف ميغاواط، حيث من المقرر أن يتم التشغيل التجاري لها اعتباراً من عام 2027.
وفي ديسمبر 2023، وافق الجهاز المركزي للمناقصات العامة على ترسية عقود لصيانة المعدات الميكانيكية في 6 محطات لتوليد القوى الكهربائية وتقطير المياه، بتكلفة إجمالية تبلغ 78.5 مليون دينار (253.3 مليون دولار).
كما شكلت الحكومة لجنة بشأن التوصيات الخاصة بمعالجة نقص الطاقة الكهربائية، والتي اقتربت من رفع تقريرها إلى وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، سالم الحجرف.
الكويت تلجأ لعُمان
ضمن خططها للتعامل مع تحديات الصيف المقبل الذي يشهد زيادة في معدل الاستهلاك بشكل قياسي، كشفت مصادر كويتية عن نية وزارة الكهرباء شراء الطاقة من سلطنة عمان.
ورغم أن الوزارة الكويتية لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع دول منظومة الربط الكهربائي الخليجية بشأن الدول التي سيتم شراء الطاقة الكهربائية منها، فإن مصادر حكومية مطلعة ذكرت لصحيفة "الراي" مؤخراً، أن التوجه إلى الشراء من سلطنة عمان قد يكون أقرب الخيارات.
لماذا عُمان؟
يُطرح تساؤل في الأوساط المحلية عن السبب وراء كون السلطنة هي الدولة المفضلة للكويت في إطار سعيها لحل أزمة التيار الكهربائي، الأمر الذي يعيد للأذهان ما جرى في سبتمبر 2022، عندما زوّدت الكويت عُمان بـ 100 ميغاواط عبر شبكة الربط الخليجي لمدة ساعة كاملة، وذلك عقب تعرض شبكة الكهرباء في السلطنة لخلل آنذاك.
ووفق تحليل الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، فإن السلطنة لديها فوائض في الطاقة، ولا تصل درجات الحرارة فيها إلى المستويات التي تبلغها الكويت، التي تعتبر أكثر المناطق حرارة في كامل منطقة الخليج، ومن ثم فهي الأكثر استهلاكاً لأجهزة التكييف والتبريد، بحسب تصريحات أدلى بها لصحيفة "العربي الجديد".
ويرى رمضان أن الافتتاح الأخير لمشروع مصفاة الدقم على علاقة غير مباشرة بمشروع الربط الكهربائي بين الكويت وعمان، إذ يتم توليد الكهرباء عبر توربينات تعمل بمشتقات التكرير النفطي التي تنتجها المصفاة، ما يعني أن التعاون الاستراتيجي الكبير بين البلدين في الدقم يتعدى إنتاج المشتقات النفطية إلى آفاق أبعد.
كما أن الاتفاقيات الثنائية بين البلدين تعزز من تفضيل الكويت للسلطنة.
حلول سريعة
مع هذا التحرك الحكومي لمعالجة هذه الأزمة حذرت مصادر مطلعة لصحيفة "القبس" الكويتية من تفاقم الوضع إذا لم يتم اتخاذ إجراءات استثنائية وسريعة.
وكشفت المصادر عن مجموعة حلول سريعة عرضت على وزارة الكهرباء، وتمثلت بـ "إنشاء محطات طاقة شمسية تنفذ خلال سنتين، وإنشاء وحدات غازية سريعة التنفيذ خلال أشهر، ووضع بطاريات طاقة بسعة تصل إلى 500 ميغا أو أكثر لتشغيلها في وقت الذروة".
كما عرضت فكرة الاستعانة بسفن مزودة بمحطات توليد جاهزة للتشغيل والربط، بإمكانها تأمين ما يزيد على 900 ميغا خلال 3 شهور، فيما لم يتخذ بعد أي قرار حكومي بشأن هذه الاقتراحات.
أين الطاقة الشمسية؟
تسلط هذه الأزمة الضوء على مشاريع الطاقة المتجددة في الكويت التي تتعرض لإشعاع شمسي بشكل كبير نظراً لموقعها الجغرافي، ما يؤكد ضرورة استغلال الطاقة الشمسية لتفادي أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
هذا الأمر دفع 5 نواب، في أكتوبر 2023، إلى اقتراح استخدام الطاقة الشمسية في المباني الحديثة واستغلالها لتفادي أزمة انقطاع الكهرباء.
ورغم ما تتضمنه رؤية الكويت 2035 من خطط وطنية تهدف لإنتاج ما لا يقل عن 15% من استهلاك الشبكة الكهربائية للدولة من مصادر طاقة متجددة، فإن سوق الطاقة الشمسية لا ينمو بالشكل المطلوب، كما أن الحكومة لم تطور المبادرات الهادفة إلى تعزيز هذا القطاع.
ووفق وكالة "Mordor Intelligence" العالمية المتخصصة في متابعة الأسواق العقارية والقطاعات الصناعية، فإن عدة أسباب تؤدي إلى تضرر سوق الطاقة الشمسية في الكويت، من بينها انتشار فيروس كورونا الذي تسبب بإغلاق أجزاء من البلاد، وأبطأ المشاريع التي كانت جارية بالفعل، أو كان من المقرر أن يبدأ تنفيذها.
ورغم توقعات الوكالة بأن يسجل سوق الطاقة الشمسية في الكويت معدل نمو سنوي مركب يزيد عن 7٪، خلال الفترة الممتدة من 2024 وحتى 2029، فإنها رجحت أن يؤدي الافتقار إلى السياسات والبرامج الحكومية إلى تقييد السوق خلال فترة التوقعات.