محمد أمين - الخليج أونلاين-
تماسك سوق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي (2023)، أمام التحديات الكبيرة التي عصفت باقتصادات دول العالم، في ظل مؤشرات تفيد بانتعاش هذا القطاع خلال العام الحالي والسنوات القليلة القادمة.
وعلى الرغم من ارتفاع التضخم العالمي وأسعار الفائدة، وتأثر سلاسل الإمداد العالمية نتيجة الصراعات الجيوسياسية، فإن انعكاس هذه العوامل لم يكن كبيراً على السوق العقاري الخليجي بشكل عام.
وتسعى دول مجلس التعاون إلى تطوير القطاع العقاري لديها، في إطار تعزيز مكانتها كمركز أعمال إقليمي، من خلال طرح مبادرات قائمة على الاستثمار والأعمال، تسهم بدورها في زيادة الطلب على العقارات وبالأخص الشقق السكنية الفاخرة.
مشاريع قيد الإنشاء
وتنفذ الدول الخليجية مشاريع ضخمة في إطار سعيها للارتقاء بالقطاع العقاري، وتحقيق نقلة إيجابية خلال العام الحالي، حيث تقدر قيمة المشاريع قيد الإنشاء والمخطط لها بـ1.68 تريليون دولار في 2024.
ووفق مجموعة الخدمات العقارية والاستثمارية الأمريكية "سي بي آر إي"، فإن السعودية تمثل نسبة 63.1% من إجمالي قيمة المشاريع بما يعادل 1.06 تريليون دولار، تليها الإمارات بنسبة 24.4%، ما يعادل 409 مليارات، ثم سلطنة عُمان بـ87 ملياراً بنسبة 5.2%.
وتأتي الكويت رابعاً في حجم المشروعات بنحو 54 مليار دولار، ما يمثل 3.2%، تليها قطر بـ2.9% تمثل 48 مليار دولار، ثم مملكة البحرين بـ21 ملياراً تعادل 1.3%.
مشاريع ضخمة بقطر
تعمل قطر على تنفيذ مشاريع ضخمة بهدف تطوير القطاع العقاري الذي يحتل المرتبة الثانية بعد النفط في دعم الناتج المحلي الإجمالي، ما يعزز اقتصادها الذي يعد أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
وتطورت إمكانات هذا القطاع خلال السنوات الماضية، عقب الاستثمار الحكومي في مشاريع إنشاءات عملاقة تخطت قيمتها حاجز 200 مليار دولار، إلى جانب إقرار إصلاحات جديدة على نظام ملكية العقارات، الأمر الذي وفّر أهلية التملك والاستثمار لغير القطريين.
كما شكّلت استضافة كأس العالم 2022، انطلاقة جديدة لهذا القطاع، من خلال لفت أنظار العالم بشكل أكبر إلى الإمكانات القطرية.
وبلغ حجم سوق العقارات التجارية في قطر خلال العام الماضي، 15.62 مليار دولار، ويقدر حجمه في 2024 بـ16.80 ملياراً.
ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 24.19 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركبٍ قدره 7.56%، وفق تقديرات وكالة Mordor Intelligence العالمية المتخصصة في متابعة الأسواق العقارية والقطاعات الصناعية.
أما حجم سوق العقارات السكنية، فأشارت الوكالة إلى أنه يبلغ 4.3 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً مركباً يزيد على 6.24% خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2029.
قفزات إماراتية
تمكنت الإمارات من تحقيق قفزات نوعية خلال العام الماضي، في ظل زيادة الاستثمارات وإقبال المستثمرين الأجانب، الأمر الذي يعزز مكانتها كمركز عالمي رائد في هذا القطاع الحيوي.
ففي عام 2023 سجلت المبايعات العقارية أعلى قيمة على الإطلاق خلال عام لتصل إلى 411.74 مليار درهم (نحو 112.12 مليار دولار) مقارنة بـ264.34 مليار درهم (نحو 72 مليار دولار) في عام 2022.
وارتفعت القيمة السوقية للمبايعات بنسبة 56% مقارنة بعام 2022، ما يعد رقماً قياسياً جديداً، وفق موقع "ماركت ووتش" المتخصص بالشؤون الاقتصادية.
ومن المتوقع أن يحقق قطاع العقارات تطوراً أكبر، من خلال تخفيف القوانين للمستثمرين الأجانب، والمبادرات الحكومية الجديدة لدفع الاستثمارات.
وتشير توقعات وكالة موردور إنتلجنس العالمية إلى أن سوق العقارات التجارية في الإمارات سيحقق معدل نمو سنوي مركباً يبلغ 6%، فيما سيسجل سوق العقارات السكنية معدل نمو يزيد على 8%، حتى عام 2027.
خطط سعودية
تمكن سوق العقارات في السعودية خلال العام الماضي، من المحافظة على مستوياته السنوية التي تفوق 200 مليار ريال (نحو 54.3 مليار دولار)، وذلك من خلال خطة الحكومة لتسريع جذب الشركات العالمية، وزيادة الطلب على العقارات وتحديداً في العاصمة الرياض.
كما يدعم القطاع السكني في المملكة سوق العقارات، حيث يتم العمل على بناء 300 ألف وحدة سكنية بحلول 2025، و600 ألف وحدة بضواحٍ ومجتمعات عمرانية تتسع لأكثر من مليوني نسمة بحلول 2030.
وتستعد الشركة الوطنية للإسكان، لطرح أكثر من 88 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة خلال العام الحالي، وستعمل على ضخ عديد من المشاريع الاستثمارية بقيمة تتجاوز 6 مليارات ريال، أي ما يعادل 1.6 مليار دولار.
ويقدر حجم سوق العقارات في المملكة بنحو 69.51 مليار دولار أمريكي خلال العام الحالي، بعد أن كان 64.43 مليار دولار خلال العام الماضي.
ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 101.62 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركبٍ قدره 8%، وفق وكالة موردور إنتلجنس الاقتصادية.
تحسن عُماني
يجذب قطاع العقارات في سلطنة عُمان أنظار المستثمرين الخليجيين والعرب، بسبب أسعارها المعتدلة مقارنة مع الدول الخليجية الأخرى، إضافة إلى قوانين الاستملاك العُمانية التي تهدف إلى إنعاش هذا القطاع الحيوي.
وبلغ إجمالي قيمة التداول العقاري في السلطنة بنهاية العام الماضي (2023)، مليارين و607 ملايين و100 ألف ريال عُماني (6.8 مليارات دولار)، مقارنة بمليارين و459 مليوناً و300 ألف ريال عُماني (6.4 مليارات دولار) خلال 2022.
ويقدر حجم سوق العقارات السكنية في السلطنة بـ4.38 مليارات دولار أمريكي خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.80 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركبٍ قدره 9.19%، بحسب أرقام نشرتها وكالة موردور إنتلجنس الاقتصادية.
أما حجم سوق العقارات التجارية، فيبلغ 7.68 مليارات دولار أمريكي في 2024، وسط توقعات للوكالة، بأن يصل إلى 11.70 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركبٍ قدره 8.78%.
أرقام قياسية بحرينية
تسعى البحرين إلى تنظيم قطاع عقاري آمن ومبتكر ومستدام، من خلال توفير بيئة تنظيمية تشجع الاستثمار وتحمي حقوق المتعاملين، عن طريق تبنّي حلول مبنية على أفضل الممارسات العالمية لتطوير هذا القطاع الحيوي، الذي يعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد.
وتمكنت المملكة من تحقيق أرقام قياسية خلال العام الماضي، كما احتلت المرتبة الثانية عربياً على مؤشر الأداء اللوجستي لعام 2023 الصادر من البنك الدولي، لتثبت نفسها كمركز رئيسي للاستثمار الأجنبي.
وتجاوز حجم التداول العقاري خلال 2023، حاجز مليار دينار، حيث بلغ مجموع التداول منذ يناير وحتى نهاية ديسمبر من العام ذاته، 1.074.057.408 دنانير (ملياراً وأربعة وسبعين مليوناً وسبعة وخمسين ألفاً وأربعمئة وثمانية دنانير بحرينية)، أي ما يعادل 2.850 مليار دولار أمريكي، وفق جهاز المساحة والتسجيل العقاري.
ومن المتوقع أن يشهد القطاع العقاري في البحرين نمواً خلال العام الحالي، حيث ستصل قيمة السوق إلى 85 مليار دولار، وفق شركة ستاتيستا الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين.
تحديات كويتية
كان نشاط سوق العقارات في الكويت ضعيفاً خلال العام الماضي، نتيجة عدة عوامل، أبرزها التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الجديدة، وتأثر البلاد بارتفاع أسعار الفائدة، وتكاليف الاقتراض، ما يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة للنهوض بهذا القطاع الحيوي.
وبلغ إجمالي تداولات العقارات من خلال الوكالات العقارية منذ بداية 2023 وحتى نهاية سبتمبر من العام ذاته، نحو 27.7 مليون دينار (90 مليون دولار)، ما يعد تراجعاً بنسبة 66.6%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.
وانخفضت مبيعات العقارات خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، إلى 6.7 مليارات دولار أمريكي، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 26% على أساس سنوي والذي يقدر بـ9.1 مليارات دولار أمريكي، وفق تقرير صدر عن مؤسسة "المركز" الكويتية.
وحول توقعاتها لهذا العام، أشارت المؤسسة إلى أن 2024 قد يشهد تحسناً في قطاع العقارات، على خلفية موافقة مجلس الأمة على قانون تنمية الإسكان، وتعديل قانون الإسكان والشؤون العقارية، الأمر الذي يمثل تطوراً إيجابياً، ما يسمح للجهات الفاعلة في القطاع الخاص، وضمن ذلك المستثمرون الأجانب، بالمشاركة في تطوير المدن والمناطق السكنية، ويمنع احتكار قطع الأراضي.