كامل جميل - الخليج أونلاين-
أثبتت الإمارات أن استثماراتها في الخارج تمثل ذراعها الاقتصادية القوية لا سيما مع ما تحققه من مكاسب كبيرة. فوفق تصريح حكومي صدر مؤخراً حققت هذه الاستثمارات أكثر من 239 مليار دولار مع بداية 2024.
تعدّ الاستثمارات الخارجية جزءاً هاماً من استراتيجية الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات التي تهدف من خلاله إلى تحقيق التنوع الاقتصادي، وتوسيع الأسواق، وتحقيق عوائد مالية جيدة.
الأرقام الصادرة عن الجهات الحكومية تؤكد أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج باتت عنصراً مهماً في استراتيجية النمو الاقتصادي للدولة، وتعكس التطلعات الطموحة نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
أحدث ما جاء حول هذا الموضوع كان عبر منشور لنائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عبر منصة "إكس"، الأربعاء (24 أبريل الجاري)، أكد فيه أن الاستثمار الإماراتي في الخارج سجل أكثر من 880 مليار درهم (239 مليار دولار) مع بداية 2024.
وأضاف آل مكتوم أنه "وفق تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حققت الإمارات المركز الـ15 عالمياً في الاستثمار الأجنبي المباشر". متابعاً: "مسيرتنا الاقتصادية مستمرة وتتسارع، وإنجازاتنا التنموية تتوالى ولن تتوقف".
استثمارات في 90 دولة
تتبنى الاستثمارات الإماراتية في دول العالم عدة أجهزة استثمار، تملك الحكومة منها ما نسبته 72%.
وتتمثل صناديق الإمارات السيادية الحكومية بكل من جهاز أبوظبي للاستثمار (آديا)، وشركة مبادلة للاستثمار، ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، وجهاز الإمارات للاستثمار، وأبوظبي القابضة (ADQ).
هذه الصناديق الحكومية يفوق حجم الأصول الاستثمارية فيها تريليوني دولار، أما بقية الاستثمارات الخارجية الإماراتية ونسبتها 18%، فتعود لشركات حكومية وشبه حكومية.
الاستثمارات الإماراتية تنتشر في العديد من دول العالم وبمختلف القارات، حيث تصل إلى 90 دولة، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).
أكبر هذه الاستثمارات توجد في الولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي في مقدمتها الاستثمار بالسندات والأسهم وقيمتها 65 مليار دولار، بينما يبلغ الاستثمار المباشر 50 مليار دولار.
في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر استثماراً تأتي دولة مصر، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الإماراتية فيها 65 مليار دولار.
وتأتي في المرتبة الثالثة كل من المملكة المتحدة والهند بقيمة استثمارات مباشرة تبلغ 40 مليار دولار لكل منهما، ورابعاً يأتي المغرب بقيمة استثمارات تبلغ 30 مليار دولار.
ذراع الإمارات الاقتصادية
الاستثمارات الإماراتية في الخارج تشمل مختلف القطاعات، وتتضمن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعقارات، والنفط والغاز، والزراعة، والموانئ، وتجارة التجزئة، والطاقة المتجددة، والنقل، والتخزين والخدمات اللوجستية، والقطاع المالي وقطاع البنوك.
وتشمل أيضاً قطاع الترفيه، ومراكز التسوق، والمدن الذكية، والسياحة والفنادق والضيافة، والخدمات الطبية، وإدارة النفايات.
وتقدر قيمة الأصول الإجمالية للاستثمارات الإماراتية في الخارج بنحو 2.5 تريليون دولار، حتى مطلع عام 2024، بحسب تصريح صحفي سابق للأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان.
الجروان يصف هذه الاستثمارات بأنها "ذراع اقتصادية للإمارات لا يستهان بها في العالم" مؤكداً أنها متجهة للزيادة.
استثمارات ذكية وناجحة
في حديثه عن الاستثمارات الخارجية للإمارات، يقول الخبير الاقتصادي، نمر أبو كف، لـ"الخليج أونلاين"، إنها من الدول التي عملت مبكراً على موضوع توسيع الاستثمارات في الخارج، لافتاً إلى أنها حققت نجاحاً كبير بدليل وصولها لهذه الأرقام.
يتطرق الخبير الاقتصادي إلى المراكز المتقدمة التي تحتلها الإمارات بين نظيراتها في مجال الاستثمارات الخارجية، ويلفت إلى أن ذلك يؤكد نجاحاً كبيراً لخطة الإمارات في تضخيم وارداتها.
وقال: "الإمارات في الاستثمارات الخارجية اليوم تحتل المركز الـ15 عالمياً بعد أن كانت بالمركز الـ20، والأولى في غرب آسيا والمنطقة العربية، والدولة الثانية عالمياً في حجم الاستثمار والفرص والاستثمارات الجديدة".
ويضيف أن "هذا كله يدل على أن الإمارات تبذل جهوداً كبيرة في سبيل توسيع استثماراتها بالخارج".
يشير أبو كف إلى أن خطوة الإمارات "كانت موفقة" منذ أن سعت للاستثمار في الخارج، وأنها من أوائل الدول التي انتبهت إلى أن موضوع الاعتماد على قطاع واحد في التنمية، وهو قطاع الطاقة، سيكون له مخاطر في المستقبل.
نتيجة ذلك سعت الإمارات إلى تنويع استثماراتها وإيراداتها -بحسب أبو كف- الذي يؤكد أن هذا التنويع كان وراء عدم تعرضها لصدمات في اقتصادها كغيرها من دول العالم، وكان آخرها أزمة كورونا.
أبو كف يرى أن الإمارات تمكنت من بناء قوة اقتصادية كبيرة من خلال تنويع الواردات، مبيناً أن هذه القوة مكنتها من أن "يكون لها أيضاً دور سياسي مؤثر".
وأوضح أن كل ذلك "يخدم تطور الإمارات وسعيها لتحقيق أهدافها، سواء عن طريق التنمية المستدامة أو خلق الفرص وجذب الاستثمارات وتوسيع الاستثمارات في الخارج".
أبو كف يصف الإمارات بـ"الذكية" في دراسة الفرص الاستثمارية الخارجية لكل دولة بما يتوفر من إمكانيات فيها، وعليه يؤكد أن "معظم استثمارات الإمارات إن لم تكن جميعها استثمارات ناجحة وذات مردود مالي كبير".
خلال السنوات القليلة القادمة ستشهد الاستثمارات الإماراتية الخارجية تعاظماً، بناءً على مشاريع استثمارية جديدة ضخمة تبنتها الدولة، وفق الخبير الاقتصادي، مستشهداً بما وصفه بـ"الاستثمار الكبير في مصر الذي يتجاوز 35 مليار دولار".
وبيّن أن "التجربة الإماراتية في الاستثمار الخارجي يمكن تلخيصها بأنها تجربة ناجحة حققت الاستقرار الكبير للاقتصاد الإماراتي وجاءت بمردود كبير للدولة".