اقتصاد » احصاءات

قطر في الاقتصاد الصيني.. مصدر مهم للطاقة وشريك تجاري بارز

في 2024/05/11

طه العاني - الخليج أونلاين-

تتمتع الصين وقطر بعلاقات اقتصادية واستراتيجية وثيقة، تتركّز في الغالب على التبادل التجاري والتعاون في مجموعة واسعة من المجالات.

وتتركز جهود الصين الحالية في توسيع تجارتها مع قطر على قطاع الغاز الطبيعي، والذي يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية بكين الاقتصادية والطاقوية، حيث تهدف الجهود المشتركة إلى تحقيق مصالح البلدين وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما.

توسيع تجارة الغاز

في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي تسعى الصين إلى تنويع مصادر طاقتها وتأمين إمداداتها، ومن هنا تأتي أهمية توسيع تجارتها مع الدوحة في مجال الغاز الطبيعي، حيث يعد مصدراً هاماً للطاقة في العالم، وتمتلك قطر موارد طبيعية هائلة منه، ما يجعلها شريكاً مثالياً في هذا المجال.

ووقَّعت مؤسسة البترول الوطنية الصينية اتفاقية شراء غاز طبيعي مسال مدتها 27 عاماً بسعة تبلغ 4 ملايين طن سنوياً مع شركة "قطر للطاقة".

وقال مدير إدارة الطاقة الوطنية الصينية في بيان جاء عقب اجتماع بين مدير الإدارة تشانغ جيان هوا، ووزير الطاقة القطري سعد الكعبي، في بكين (30 أبريل الماضي)، إن بلاده ستوسع باطراد حجم تجارة الغاز الطبيعي المسال مع قطر.

وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود قطر لتوسيع أسطولها من ناقلات الغاز المسال بعد يوم واحد من توقيع "قطر للطاقة" عقداً لبناء 18 ناقلة متطورة من فئة "كيو سي-ماكس" مع مؤسسة الصين الحكومية لبناء السفن.

وفي مراسم عُقدت بالعاصمة الصينية في 29 أبريل الماضي، وقَّعت "قطر للطاقة" الاتفاقية لدعم أسطولها، حيث من المقرر أن تبلغ سعة كل سفينة 271 ألف متر مكعب.

وتتميز هذه السفن بأحدث الابتكارات التكنولوجية والأداء البيئي، وستبنى في حوض هودونغ – جونجوا لبناء السفن في الصين، وهي شركة مملوكة بالكامل لمؤسسة الصين الحكومية لبناء السفن المحدودة.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن سعد الكعبي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة"، قوله: إن "هذه السفن، التي تعتبر الأكثر تطوراً، ليست فقط أكبر الناقلات من حيث الحجم، ولكنها أكبر طلبية لبناء السفن في هذه الصناعة على الإطلاق".

كما أشار الكعبي إلى أنه سيتم تسليم 8 ناقلات من فئة "كيو سي-ماكس" في عامي 2028 و2029، في حين سيتم تسليم الناقلات العشر الأخرى في 2030 و2031.

وشهر مارس الماضي أعلنت "قطر للطاقة" إنهاء عدة عقود إيجار مع عدد من مالكي السفن في آسيا، بهدف تعزيز أسطولها من السفن الناقلة للغاز الطبيعي المسال، وذلك استعداداً لتوسيع هائل في إنتاجها.

وتشمل خطط التوسع مشروع حقل الشمال، الذي تقوم بتنفيذه "قطر للطاقة"، وهو أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إضافة لثمانية خطوط جديدة، حيث سيؤدي هذا التوسع إلى زيادة قدرة الدولة على التسييل من 77 مليون طن سنوياً إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 85% في الإنتاج.

وتأتي مساعي الصين لتوسيع تجارتها مع قطر في مجال الغاز الطبيعي نتيجة للحاجة المتزايدة للطاقة لديها، وتطلعها لتنويع مصادر الطاقة وتأمين إمداداتها الطاقوية. 

استقرار أكثر

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد صدام إن الشراكة الصينية - القطرية تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والطاقوي؛ وذلك بحكم طبيعة العقد الجديد الممتد إلى 27 سنة، وأيضاً كنتيجة لأهمية الغاز الطبيعي المسال لكلا الطرفين المتعاقدين، إذ تشكل مساهمة الصادرات القطرية أكثر من 40% في إجمالي الناتج المحلي كمعدل.

ويبين، خلال حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن استهلاك الصين من الغاز ارتفع بنسبة تراوحت ما بين 7% و10% لعام 2023 والربع الأول من العام الحالي 2024، وهذه الحاجة دفعتها إلى الاتفاق مع قطر في عقد شراكة طويل الأمد، يسهم في ضمان حصة الصين من الغاز، ويلبي حاجتها المتزايدة.

وحول فرص تجارة الغاز، يشير صدام إلى أن زيادة الطلب الصيني على الغاز القطري وبعقد طويل الأمد يمثل فرصة استثمارية كبيرة.

أما عن التحديات، فيلفت الخبير الاقتصادي إلى أنها تتمثل في ارتفاع تكاليف تطوير مشروعات الغاز المسال إلى 1000 دولار للطن الواحد، في حين كانت التكلفة قبل جائحة كورونا بحدود 600 دولار، كما تشير بعض المصادر الخاصة بقطر إلى أن تكلفة التطوير في حقل الشمال الجنوبي ارتفعت بحدود 30% مقارنة بالقيمة المدفوعة عام 2021.

تعاون سابق

شهد عام 2023 تعزيزاً كبيراً في التعاون بين الصين وقطر في مجال تجارة النفط والغاز، حيث شكلت العلاقات الثنائية بين البلدين أساساً لتبادل الخبرات والتعاون المشترك في هذا القطاع الحيوي.

وبفضل الجهود المشتركة، شهدت العلاقات التجارية بين بكين والدوحة تطوراً ملموساً ونمواً مستمراً خلال العام، مما أدى إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة وتحقيق مكاسب اقتصادية مهمة للبلدين.

ففي العام الماضي، كانت الصين تعد أكبر سوق للغاز الطبيعي المسال القطري بما يقارب 17 مليون طن، كما صدرت الدوحة كميات كبيرة من النفط الخام تقدر بـ8.6 ملايين طن، بالإضافة إلى تصدير مادة النافثا بكميات تقدر بـ2.3 مليون طن، فضلاً عن تصدير غاز البترول المسال والهيليوم بكميات قدرت بـ 2.2 مليون طن و650 مليون قدم مكعبة على التوالي.

كما ساهمت شركتان صينيتان بمشاريع توسعة حقل الشمال في قطر، خلال 2023، حيث حصلت إحداهما على حصة تبلغ 1.25% في مشروع "حقل الشمال الشرقي"، والأخرى حصة تبلغ 1.875% في مشروع "حقل الشمال الجنوبي".

علاقات اقتصادية وطيدة

ويحظى الجانب الاقتصادي باهتمام خاص في العلاقات بين قطر والصين، والتي تمتاز بالتعاون المثمر في مجالات عدة، ومن بينها الطاقة، والتجارة، والاستثمار، والبنية التحتية.

وتقوم الصين بدور مهم كشريك اقتصادي لقطر، حيث تستفيد الدوحة بذلك في تطوير بنيتها التحتية وتقنياتها في مجالات متعددة، بينما تحظى الشركات الصينية بفرص استثمارية متميزة في الدولة الخليجية.

وذكر النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد بن أحمد بن طوار الكواري، أن نمو التجارة بين قطر والصين بلغ 61.7٪، حيث وصل إلى 79.7 مليار ريال (21.8 مليار دولار) في عام 2023، مقارنةً بمبلغ 49.2 مليار ريال في عام 2018.

وأثنى الكواري، خلال كلمته في لقاء أعمال قطري صيني، عقد في مقر غرفة تجارة وصناعة قطر، في مارس الماضي، على الصين بوصفها واحدة من أهم الشركاء التجاريين لبلاده، حيث أشار إلى أنها تحتل المرتبة الأولى كوجهة لصادرات الدولة الخليجية بقيمة تصل إلى 64.3 مليار ريال (17.6 مليار دولار) في عام 2023.

كما أشار إلى أن الصين تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة فيما يتعلق بحجم الواردات، حيث بلغت قيمتها 15.3 مليار ريال (4.2 مليارات دولار) في العام الماضي، مؤكداً أن التجارة البينية بين البلدين سجلت نمواً بنسبة 62% على مدى السنوات الخمس الماضية.

وتتمثل واردات قطر من الصين في الأجهزة الخلوية للشبكات والاتصالات الأخرى، بالإضافة إلى السيارات والآلات الرقمية للمعالجة الذاتية، أما أبرز الصادرات القطرية، فتشمل غازات النفط والهيدروكربونات، وزيوت النفط، والنحاس، وبوليميرات الإيثيلين، وتشارك في السوق القطرية حوالي 200 شركة صينية.