اقتصاد » احصاءات

تطور سريع.. كيف يدعم قطاع اللوجستيات اقتصادات دول الخليج؟

في 2024/05/29

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

تسعى دول الخليج العربي لتحتل الريادة العالمية في قطاع اللوجستيات باعتباره أحد القطاعات المهمة في دعم اقتصادات هذه الدول، وتحقيق استراتيجيات تنويع اقتصادها، ويساعدها في ذلك موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالم.

وخلال السنوات الماضية أطلقت دول الخليج أو طورت مشاريع لوجستية عملاقة، من بينها مدينة "خزائن" العمانية، وميناء حمد الذي يشكل بوابة رئيسة لعمليات التبادل التجاري بين الدوحة والعواصم العالمية الأخرى، إضافة لتدشين عشرات المناطق اللوجستية بالسعودية لتدعم ازدهار حركة ونمو سلاسل الإمداد.

وفي الإمارات هناك المدينة اللوجستية في ميناء خليفة التي تتسع لنحو 24 ألف حاوية تجارية نمطية مكافئة، يضاف إلى ذلك المنطقة اللوجستية الحديثة المتكاملة بمطار الكويت التي تضم شبكة نقل متطورة تشمل خطوطاً جوية وبحرية وبرية.

أحدث المشاريع

وأحدث ما أنتجته الدولة الخليجية في هذا القطاع هو ما أعلنت عنه مجموعة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ)، الأحد 26 مايو الجاري، بإطلاق مشروع لبناء المنطقة اللوجستية في ميناء جدّة الإسلامي بقيمة تصل إلى 900 مليون ريال سعودي (250 مليون دولار).

وحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام) فإن هذه المنطقة ستكون تابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية، وسيوفر المشروع أحدث مرافق التخزين والتوزيع، إضافة إلى مساهمته بتعزيز قدرات تدفق التجارة في السعودية والمنطقة على نطاق أوسع.

وذكرت الوكالة أن المنشأة الجديدة ستكون أكبر المناطق اللوجستية المتكاملة في المملكة، على مساحة تصل إلى 415 ألف متر مربع، وتضمّ ساحات واسعة مخصّصة للمخازن متعدّدة الأغراض تصل مساحتها إلى 185 ألف متر مربع، إلى جانب 390 ألف منصّة تخزين، لتضمن التدفق السلس للبضائع.

وسيتمّ تزويد مستودعات التخزين بمحطة للطاقة الشمسية على السطح، قادرة على توليد 20 ميغاوات من الطاقة المتجدّدة، وفق "وام".

يذكر أن هذا المشروع يأتي بموجب عقد امتياز تم التوقيع عليه عام 2020 بين موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للموانئ السعودية، تدير بموجبه الأولى محطة الحاويات الجنوبية بميناء جدة لمدة 30 عاماً.

ومن المقرر الانتهاء من المشروع في الربع الأخير من العام الجاري ليحقق زيادة في الطاقة الاستيعابية لمناولة الحاويات في الميناء تصل إلى 5 ملايين حاوية سنوياً، حسب وكالة "وام".

وهذا المشروع جزء من مشاريع خليجية متعددة أطلقت في السنوات الأخيرة في إطار قطاع اللوجستيات.

واللوجستيات هي إدارة تدفق البضائع والطاقة والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات والخدمات وحتى القدرات البشرية من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك، ومن المستحيل إنجاز أي تجارة عالمية أو عملية استيراد أو تصدير أو نقل للمواد الأولية أو المنتجات أو تصنيعها دون دعم لوجستي احترافي.

قطاع اقتصادي ضخم

وحسب بيانات شركة أبحاث واستشارات السوق العالمية "موردور" المنشورة في فبراير الماضي، يقدر حجم سوق لوجستيات التخزين والتوزيع في دول الخليج بنحو 15.80 مليار دولار أمريكي في عام 2024.

ومن المتوقع أن يصل حجم هذا السوق إلى 22.72 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 7.54٪ خلال الفترة المتوقعة (2024-2029).

وكانت هناك زيادة في الطلب على التخزين في دول مجلس التعاون الخليجي بسبب الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الشركات لتخزين مخزونها والخدمات اللوجستية التي تعتمد على التجارة الإلكترونية، وفق التقرير نفسه.

ومن المتوقع أن يشهد سوق لوجستيات التخزين والتوزيع في دول الخليج نمواً كبيراً بين عامي (2024-2029) بسبب زيادة البنية التحتية للتخزين والاستثمارات الحكومية والخاصة لتطوير المنطقة، لتصبح مركزاً لوجستياً قوياً مع سياسات تنظيمية مؤيدة للأعمال.

مؤشرات دولية

وفي فبراير الماضي، صُنِّفت الإمارات والسعودية وقطر ضمن قائمة أكبر 10 أسواق ناشئة في العالم، وفقاً لمؤشر "أجيليتي" اللوجستي لعام 2024.

ويصنف المؤشر أفضل 50 سوقاً ناشئاً بناء على معايير مثل القوة اللوجستية وبيئة ممارسة الأعمال والجاهزية الرقمية، مما يجعلها جاذبة للمستثمرين ومقدمي الخدمات اللوجستية.

ومؤشر أجيليتي مرجع مهم يصنّف أفضل 50 سوقاً ناشئة في العالم بناءً على القدرة التنافسية وبيئة ممارسة الأعمال والاستعداد الرقمي، مما يزيد من جاذبيتها لمزودي الخدمات اللوجستية ووكلاء الشحن والمستثمرين.

ووفقاً للمؤشر فإن ثلاثاً من الدول الأربع التي تقدم أفضل بيئة أعمال على مستوى الأسواق الناشئة هي من دول الخليج العربي وهي: الإمارات (1)، والسعودية (3)، وقطر (4).

ووفقاً للمؤشر، حافظت الصين والهند، أكبر دولتين في العالم، على المركزين الأول والثاني في التصنيف العام، وجاءت الإمارات وماليزيا وإندونيسيا والسعودية وقطر وفيتنام والمكسيك وتايلاند ضمن المراكز العشرة الأولى.

وشهدت السعودية أكبر معدل من التقدم في تنويع اقتصادها من بين دول الخليج، وتلتها الإمارات بعدها قطر ثم الكويت وسلطنة عُمان والبحرين، حسب بيانات المؤشر.

وإضافة إلى "أجيليتي"، أظهر مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي لعام 2023 الصادر في مايو 2023، تحقيق دول الخليج العربي تقدماً ملحوظاً في كفاءة الخدمات اللوجستية.

وحلت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً والـ 12 عالمياً، متقدمة على العديد من الدول المتقدمة، كما تقدمت البحرين 25 مرتبة لتحتل المرتبة الثانية عربياً والـ 34 عالمياً.

وتبع ذلك المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة عربياً والـ 49 عالمياً، وسلطنة عُمان في المرتبة الرابعة عربياً والـ 60 عالمياً.

بينما جاءت دولة قطر في المرتبة الخامسة عربياً والـ 71 عالمياً، و دولة الكويت في المرتبة السادسة عربياً والـ 82 عالمياً.

ويعزى هذا التقدم إلى جهود الدول الخليجية في تحسين بنيتها التحتية اللوجستية، وتطوير كفاءة عملياتها، وتعزيز التعاون فيما بينها، مما يُساهم بشكل كبير في دعم التجارة الإقليمية والدولية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز مكانة دول الخليج كمركز لوجستي عالمي.

تطور سريع

ووفق المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، فإن القطاع اللوجستي في دول الخليج شهد نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة ساهم في نجاحه عدة عوامل.

ويقول أبو قمر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "يمكننا حصر العوامل الرئيسية التي ساهمت في تطور القطاع اللوجستي في دول الخليج في عدة نقاط، أبرزها تمتع دول الخليج بموقع جغرافي استراتيجي يجعلها بوابة تجارية مهمة بين الشرق والغرب، وهو ما يجعلها مركزاً لوجستياً رئيسياً للتجارة العالمية".

ويضيف: "من هذه النقاط أيضاً ما شهدته دول الخليج من نمو اقتصادي سريع بالسنوات الأخيرة أدى إلى زيادة الطلب على الخدمات اللوجستية، إضافة إلى أن القطاع اللوجستي في دول الخليج شهد تبنياً سريعاً للتطورات التكنولوجية، مثل أنظمة تتبع الشحنات وإدارة سلسلة التوريد، مما أدى إلى تحسين كفاءة الخدمات اللوجستية.

ويشير إلى أن سعي دول الخليج لتنويع اقتصادها أدى إلى التركيز على تطوير قطاعات أخرى، مثل الصناعة والسياحة، وهو ما زاد من الطلب على الخدمات اللوجستية.

ما الفائدة؟

ويرى المحلل الاقتصادي، أن للقطاع اللوجستي دوراً مهماً في الاقتصادات الخليجية؛ من خلال دعم وتسهيل التجارة بين دول الخليج وباقي دول العالم، وهو ما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة.

كما أن هذا القطاع يعد عاملاً هاماً لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى دول الخليج، ويساهم كذلك في خفض تكاليف الأعمال، مما يعزز تنافسية الشركات الخليجية في الأسواق العالمية.

ويؤكد أبو قمر أن تطور القطاع اللوجستي يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للعديد من الأشخاص في دول الخليج، ويعزز من التكامل الاقتصادي بين الدول الست.

ويوضح أن القطاع اللوجستي يسهم بنحو 4.5 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي سنوياً، وهو ما يعكس أهميته في اقتصادات الدول وخاصة الدول الخليجية التي تبحث عن التنويع باقتصاداتها.