اقتصاد » احصاءات

أول عملة رقمية بالدرهم الإماراتي.. ما الهدف منها وما تأثيرها؟

في 2024/10/15

متابعات 

كانت دول الخليج على مدار سنوات مضت تخطط لاعتماد العملات الرقمية، في مسعى لتسهيل وتسريع العمليات التجارية والمالية وتقليل كلفتها، لكن اليوم بدأت الإمارات أولى تلك الخطوات عملياً بالموافقة على إصدار أول عملة رقمية بالدرهم.

عملياً، وتماماً مثل العملات المشفرة الرائجة مثل بيتكوين، تسمح عملات المصارف المركزية الرقمية بإجراء المعاملات المالية بسهولة وسرعة فائقة عبر الإنترنت، ومن دون المرور بالمصارف التجارية. 

لكن وبعكس بيتكوين والعملات المشفرة، تبقى عملات المصارف المركزية الرقمية منظمة بشكل مركزي، ما يمنع قيمتها من التقلبات السريعة، وبما يحول أيضاً دون استعمالها لغايات غير مشروعة.

خطوة إماراتية

مع مسارعة العالم نحو العملات الرقمية، منحت الإمارات الضوء (كموافقة مبدئية) لشركة "AED ستابل كوين"، عبر مصرف الإمارات المركزي لإصدار عملتها الخاصة "AE Coin" بالدرهم الإماراتي.

جاءت الموافقة بموجب تعميم "نظام خدمات رمز الدفع" الصادر في السابع من شهر يونيو 2024، حيث ستكون الشركة الكيان الأول في الإمارات الذي يصدر عملة رقمية مستقرة بالدرهم الإماراتي، بما يتماشى مع إطار عمل خدمات رمز الدفع الرقمية الذي يقدمه مصرف الإمارات المركزي.

تقول الشركة إن "AE Coin" تجمع بين موثوقية الاستقرار المدعوم بالعملة الورقية ومرونة تقنية البلوك تشين؛ مما يضمن دعم كل عملة رقمية بالكامل بالدرهم الورقي.

وباعتبارها عملة مستقرة منظمة، فإنها توفر حلول دفع سلسة وآمنة، مع تعزيز نمو الاقتصاد الرقمي في الإمارات.

وبالنسبة للأفراد والشركات، تقدم "AE Coin" حقبة جديدة من الخدمات المالية الشفافة والأقل كلفة من المدفوعات إلى تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi). وفي عالم رقمي سريع التطور تضع معيار الثقة والأمان والابتكار في العملات الرقمية.

ما هو رمز الدفع؟

في أواخر أغسطس 2024، أقر مصرف الإمارات المركزي نظام خدمات رمز الدفع، الذي يحدد القواعد والشروط التي وضعها المصرف المركزي لمنح ترخيص أو تسجيل لتقديم خدمات رموز الدفع والأمور ذات الصلة.

وخدمات رمز الدفع عبارة عن خدمات دفع رقمية تقدم في الإمارات، وتشتمل على ثلاث فئات؛ هي إصدار رمز الدفع، وتداول رمز الدفع، وحفظ وتحويل رمز الدفع.

ويُعتبر تقديم خدمات النقد الرقمي نشاطاً مالياً يخضع لترخيص ورقابة المصرف المركزي وفقاً لأحكام قانون المصرف المركزي الإماراتي.  

أهمية الخطوة

تقول المختصة في الشأن الاقتصادي الخليجي حنين ياسين، إن هذه الخطوة تحمل عدة دلالات وأهمية على عدة مستويات، من بينها "تعزيز الثقة في العملات الرقمية المستقرة".

وتوضح قائلة: "الحصول على موافقة مصرف الإمارات المركزي يضفي مستوى عالياً من الثقة على "AE Coin"، حيث تعد عملة مدعومة بالكامل بالدرهم الورقي، مما يجعلها أكثر موثوقية واستقراراً مقارنة ببعض العملات الرقمية الأخرى التي قد تواجه تقلبات كبيرة".

وتضيف في حديثها لـ"الخليج أونلاين": "هذا يعني أن الأفراد والشركات الذين يعتمدون على "AE Coin" يمكنهم الاستفادة من تقنية البلوك تشين مع الحفاظ على الاستقرار المالي المرتبط بالعملة الورقية".

أما الأهمية الثانية، وفق المختصة، فتتمثل في "تعزيز الاقتصاد الرقمي في الإمارات، لأن العملات الرقمية المستقرة تسهل المدفوعات السريعة والآمنة وذات الكلفة المنخفضة، مما يدعم النمو في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية اللامركزية (DeFi). هذا يعزز مكانة الإمارات كمركز إقليمي للتكنولوجيا المالية والابتكار الرقمي".

أما بشأن اعتماد "نظام خدمات رمز الدفع"، فترى ذلك "يظهر التزام الدولة بتطوير إطار قانوني وتنظيمي واضح ومتطور للتعامل مع الأصول الرقمية، ويشير إلى أن الإمارات تسعى لتكون في طليعة الدول التي تنظم العملات الرقمية بحذر، لضمان حماية المستثمرين والحد من المخاطر المالية المرتبطة بالتقنيات الحديثة".

كما تعتقد أن الخطوة "تعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار المالي، وتتيح الفرصة للشركات الناشئة وللقطاع المالي التقليدي لتبني حلول دفع مبتكرة باستخدام تقنية البلوك تشين"، مشيرة إلى أن ذلك "سيخلق نظاماً مالياً أكثر كفاءة ومرونة ويسهم في تحقيق أهداف التنوع الاقتصادي".

وتؤكد أن القرار الإماراتي "يُقرأ من خلال عدسة الاستراتيجية الشاملة لتطوير نظام مالي مرن ومتنوع يعتمد على التكنولوجيا الحديثة مع حماية الاقتصاد من المخاطر المحتملة المرتبطة بالعملات الرقمية".

الإمارات والعملات

تُعتبر الإمارات الدولة العربية الأسرع والأكثر تقدماً في إكمال النموذج المالي المطلوب للتداول بالعملات الرقمية، ففي شهر مارس 2023، أعلنت جهوزيتها لإطلاق مشروع "الدرهم الرقمي".

لكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة الآن، كانت الإمارات قد حضرت الأرضية عبر تصميم نظام الدفع والتحويل المالي، الذي استعملت على أساسه العملة الرقمية.

فمنذ العام 2021، عمل المصرف المركزي الإماراتي على مشروع "الجسر"، بالتنسيق مع مركز الابتكار التابع لبنك التسويات الدولية في هونغ كونغ، وسلطة النقد في هونغ كونغ، وبنك تايلاند المركزي، ومعهد العملات الرقمية التابع لبنك الشعب الصيني.

واستهدف المشروع منذ ذلك الوقت تصميم آليات لاستخدام العملات الرقمية، من أجل إتمام عمليات تجارية عابرة الحدود، وبأنظمة دفع تمر عبر مصارف مركزية متعددة.

ورغم أن هذه المدفوعات كانت مجرد عمليات تجريبية، لدراسة جدوى استعمال العملات الرقمية بين البلدان والمصارف المركزية، فإن هذه التجربة أثبتت إمكانية تسريع عملية تحويل الأموال عبر الحدود من عدة أيام إلى ثوانٍ معدودة، باستخدام العملات الرقمية.

كما أثبتت قدرة هذه العملات على التخلص من جميع تكاليف وعمولات المراسلات بين المصارف التجارية.

أرقام كبيرة

تقدر السوق العالمية للعملات المستقرة حالياً بنحو 150 مليار دولار، مع نمو متوقع إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2028.

واقتنصت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في نسبة من يمتلكون عملات رقمية من إجمالي عدد السكان، بحسب موقع "فيجوال كابيتاليست دوت كوم" (مايو 2024).

وتعتبر حكومة الإمارات صديقة للغاية للعملات الرقمية، كما أوضح تقرير ثروة العملات الرقمية لعام 2023 الصادر عن شركة "هينلي آند بارتنرز".

ولفت التقرير إلى أن هيئة تنظيم الخدمات المالية في الإمارات كانت أول من وضع القواعد واللوائح المتعلقة بشراء وبيع العملات الرقمية، مؤكداً أن الدولة بشكل عام منفتحة جداً على التقنيات الجديدة. وذكر أن عدد من يمتلكون عملات رقمية في الدولة يبلغ 3 ملايين شخص.