اقتصاد » احصاءات

أي تأثيرات سلبية لإجراءات ترامب على اقتصاد الخليج؟

في 2025/03/26

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

على الرغم من أن علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدول الخليج في أثناء رئاسته الأولى، كانت جيدة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، إلا أن متغيرات جيوسياسية واقتصادية حدثت في السنوات الأربعة التي فصلت بين الرئاسيتين، ما جعل من رئاسة ترامب الثانية مثيرة للقلق.
لقد أكدت مختلف التقارير الاقتصادية أن هناك مناخًا من القلق يسود الاقتصاد العالمي، وأن هناك تأثيرات سلبية على بعض الاقتصاديات ومنها اقتصاد الخليج.

يمكن رصد عوامل القلق والتأثير السلبي على مستويات متعددة؛ يمكن تلخيصها كما يلي:

أولًا: المستوي الأمني

تركّزت مقاربة ترامب على بناء علاقات شخصيّة مع قادة مجلس التعاون الخليجي وتوقيع صفقات أسلحة ضخمة، من دون أن تتناول في غالبيّتها قضايا متعلّقة بحقوق الإنسان. ورحّب معظم القادة الخليجيّين بهذه المقاربة التي قدّمت ضمانات دفاعيّة فوريّة من دون أن تتحدّى سيادتهم.

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، تغيرت عدة أمور بسبب الحرب في غزة والتوترات الإقليمية بين "إسرائيل" وإيران والتي وصلت إلى قصف متبادل، وكذلك دخول اليمن على خط الصراع المباشر مع أميركا و"إسرائيل". ويبدو جليًا أن دول الخليج لا ترغب في الانجرار إلى مواجهة مع إيران التي رمّمت علاقاتها معها مؤخّرًا من أجل تهدئة التوتّرات وتعزيز الاستقرار في المنطقة، وكذلك يبدو أن السعودية تريد الحفاظ على التهدئة مع اليمن.

على هذا الصعيد؛ تبرز مخاوف كبيرة من أن تعود الإدارة الجديدة الأميركية إلى موقفٍ عدائي في غياب أيّ مسارٍ باتّجاه حلّ نهائي قابل للاستمرار مع طهران. ولا يرغب أعضاء مجلس التعاون الخليجي أن تتعامل الإدارة الأمريكيّة المقبلة مع الجمهوريّة الإسلاميّة بطريقةٍ تُهدّد الانفراج السعودي والإماراتي مع إيران.

تقرير نشره "المجلس الأطلسي"، يتحدث عن هذا الجانب بالقول إن العقوبات على إيران لم تكن وحدها ما أثر في التجارة العالمية، بل إن التصعيد العسكري في مناطق مثل البحر الأحمر المرتبط بالصراع مع الحوثيين، أسهم في زيادة تكاليف الشحن ورفع مستوى المخاطر على حركة السفن، حيث يعدّ البحر الأحمر أبرز الممرات الحيوية في حركة التجارة العالمية، وأي تهديدات للأمن فيه تؤدي إلى زيادة تكلفة الشحن، خاصة على قطاع النفط. كما أن الاضطرابات في التجارة العالمية لم تتوقف عند النفط فقط، بل أوجدت حالًا من عدم اليقين حول تدفقات السلع والموارد الحيوية الأخرى.

ثانيا على مستوى الاستثمار الأجنبي

تؤدي سياسات ترامب تجاه إيران ودول أخرى في المنطقة إلى تقليل جاذبية منطقة الخليج للاستثمارات الأجنبية، فبينما كانت دول مثل السعودية والإمارات تعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى في إطار تحقيق الاستقرار الإقليمي، كانت التوترات الجيوسياسية التي تصاعدت بسبب العقوبات مؤثرة في آفاق جذب الاستثمارات. إذ يتجنب المستثمرون الأجانب المناطق التي تشهد توترات عسكرية وسياسية، ما يعطل تنفيذ خطط اقتصادية طويلة المدى كان من المتوقع أن تدفع بنمو القطاعات غير النفطية في المنطقة. 

ثالثا: على مستوى أسعار النفط

ترى التقارير الاقتصادية أنه، وعلى الرغم من إفادة بعض الدول النفطية من أسعار النفط المرتفعة، فقد فرض ارتفاع الأسعار أيضًا تهديدات على الاقتصادات العالمية غير المنتجة للنفط، حيث تقلص الطلب على النفط بسبب ارتفاع الأسعار، ويخشى المستثمرون أن تؤدي رسوم ترامب الجمركية المتنوعة إلى إبطاء الاقتصاد والحد من الطلب على النفط.

من الوعود الأخرى المميزة لترامب زيادة إنتاج النفط والغاز الأمريكي، هو أمر يحمل أيضا آثاره الخاصة على الخليج، فقد يزيد ترامب إنتاج النفط في الولايات المتحدة. وهو أمر من المرجح أن ينتج عنه خفض أسعار النفط العالمية. وفي هذا السياق، قد يمارس ضغوطًا على تجمع أوبك بلس، ما قد يسبب إضعاف مصالح السعودية.

رابعا: على مستوى الائتمان

من شأن سياسات ترامب أن تجبر الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، الأمر الذي سيمتد إلى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتبع غالبية الدول قرارات سياسة البنك المركزي بسبب ربط العملة.

كما يقول "جيمس سوانتسون"، الخبير الاقتصادي في "كابيتال ايكونومكس"، إنه في حال بقيت أسعار الفائدة مرتفعة لمدة أطول فقد يؤدي ذلك الى هبوط الطلب على الائتمان في دول الخليج، ما قد يثقل كاهل النمو الاقتصادي، كما قد يؤثر سلبًا على آمالها في التنويع الاقتصادات الخليجية.

هناك جانب آخر يتعلق بموقف ترامب المتشدد تجاه الصين، وهو ما يشكّل إشكالية أيضا بالنسبة إلى ممالك الخليج، حيث زادت الأهمية الاقتصادية للصين في الخليج. إذ حلت الصين، منذ مدة طويلة، محل الولايات المتحدة كونها الشريك التجاري الأكثر أهمية، وهي تعمل الآن أيضا كشبكة دبلوماسية، كما يتضح من دورها في الوساطة في التقارب بين إيران السعودية. وهذا الوضع قد يربك العلاقات مع الصين، وله تأثيراته في إرباك الأسواق.