هاني الفردان- الوسط البحرينية-
من المتوقع أن يخسر صندوق الأجيال الذي أسسته البحرين، إيرادات رئيسية تبلغ نحو 150 ألف دولار يومياً بسبب انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل.
ووفق القانون، فإن البحرين تستقطع لصالح صندوق الأجيال دولاراً واحداً، عن كل برميل نفط خام يتم تصديره إلى خارج البحرين بسعر أعلى من 40 دولاراً للبرميل.
هبط متوسط سعر نفط البحرين الخام المصنف ضمن الزيت العربي المتوسط إلى نحو 39 دولاراً للبرميل في الأسواق العالمية (9 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015)، وفق بيانات نشرتها شركة نفط البحرين (بابكو)، فيما ذكرت منظمة «أوبك» الاثنين (23 نوفمبر 2015) على موقعها الإلكتروني أن متوسط أسعار خاماتها هبط إلى 38.37 دولاراً للبرميل.
وتصدر البحرين نحو 150 ألف برميل نفط خام يومياً، تنتجها من حقل أبوسعفة المشترك مع السعودية، وهو المورد الرئيسي لصندوق الأجيال، إذ إن إنتاجه هو الذي يصدر خاماً إلى الأسواق العالمية، بينما حقل البحرين لا يتم تصديره خاماً، إذ يذهب مباشرة إلى مصفاة البحرين بابكو.
هبوط متوسط سعر النفط البحريني الخام إلى 39، يعني عملياً فقدان صندوق الأجيال دولاراً واحداً عن كل برميل تم تصديره بهذا السعر. وصندوق احتياطي الأجيال تم إنشاؤه في 2006، وبدأ به العمل في العام 2007، بهدف الادخار للأجيال المقبلة، من خلال اقتطاع دولار واحد من سعر كل برميل نفط خام يزيد سعره على 40 دولاراً ويتم تصديره خارج البحرين، بحسب قانون رقم (28) لسنة 2006.
الوضع المالي يبدو أكثر صعوبة وضاغطاً ليس فقط على الوضع الحالي، بل هو ممتد حتى للأجيال المقبلة، فضلاً عن توقف «مؤقت» حالياً لضخ المال في صندوق الأجيال، وفي قبال ذلك نمو مؤكد للدين العام والذي من المتوقع أن يصل إلى 10 مليارات دينار مع نهاية العام 2016، إن لم يكن أسرع من ذلك.
خضعت كل صادرات البحرين من النفط الخام من حقل أبوسعفة إلى اقتطاع دولار واحد عن كل برميل يتم تصديره للأسواق العالمية منذ العام 2007، باستثناء شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2008 (الأزمة المالية العالمية)، لسبب انخفاض معدل أسعار النفط في ذلك الشهر إلى 36.73 دولاراً للبرميل الواحد، وهو أقل من السعر المحدد في القانون الذي ينص على أن يكون المعدل أكثر من 40 دولاراً للبرميل.
ووفقاً للبيانات فإن صندوق الأجيال استمر في النمو، إذ بلغ في 2007 نحو 55.13 مليون دولار، وفي 2008 بلغ 108 ملايين دولار، وفي 2009 بلغ 164 مليون دولار، وفي 2010 بلغ 223 مليون دولار، وفي 2011 بلغ 383 مليون دولار، وفي 2012 بلغ 339 مليون دولار، وفي 2013 بلغ 398 مليون دولار، كما ارتفع في 2014 إلى نحو 460 مليون دولار.
ويتم استثمار إيرادات صندوق الأجيال القادمة في سندات وأذونات حكومية قصيرة وطويلة الأجل، إلى جانب استثمارها كودائع قصيرة الأجل لدى المصارف المحلية والعالمية.
الحديث عن الأزمة المالية، وخطر ارتفاع وتيرة الدين العام بشكل متسارع جداً، حديث ليس فيه مبالغة، بل هو دق لناقوس خطر مقبلين عليه، تداعياته غير معروفة بعد، وحجم «التضحيات» التي ستفرض ستكون كبيرة وقاسية وكذلك «مُرة» سيتجرعها الجميع، حتى بلغت تلك التداعيات للضغط حتى على صندوق الأجيال «المتواضع جداً».
المقاربة الأكثر خطورة أن الدين العام وصل مع نهاية 2014 إلى 14 مليار دولار بينما حجم صندوق احتياطي الأجيال بلغ فقط 460 مليون دولار، وهو ما يؤكد أن ما يتم ادخاره للأجيال ليس مستقبلاً زاهراً في صناديق احتياطية، بل ديون مالية ضخمة سيتم العجز حتى عن تسديد فوائدها.
الكل يعلم أن البحرين تعيش أزمة مالية حقيقية في ظل أزمة تراجع أسعار النفط، وهبوطها إلى مستويات تشكّل تهديداً حقيقياً للوضع المالي في البحرين، حتى ذهبت الحكومة إلى التأكيد على حتمية وضرورة الاستمرار في سياسة الاقتراض وزيادة الدين العام لإنقاذ الموازنة من العجز، مع انتهاج سياسات تقليص الإنفاق، ومراجعة آليات الدعم للسلع الرئيسية التي تقدم للمواطنين.
ما هو مقلق، أن الدولار الذي يدخر للأجيال من كل برميل نفط توقف أيضاً، وهو ما يؤكد أن كل شيء سيتوقف مع استمرار هبوط أسعار النفط، وأن الوضع يزداد سوءاً وتعقيداً، بل سيكون «مراً».