خصيب بن عبدالله القريني- عمان اليوم-
ان المتتبع للاحصائيات الرسمية التي توضح اعداد السكان في السلطنة ليجد تباينا واضحا في تطور تلك الاعداد خاصة في السنوات الخمس الماضية وهي الفرق بين آخر تعداد رسمي أجرته السلطنة وبين الاحصائيات الدورية التي يصدرها المركز الوطني للإحصاء، فقد كان الفارق بين اعداد السكان فيما بين تعدادي 2003 و2010 لا يتجاوز 400 ألف نسمة وذلك خلال سبع سنوات هي مدة الفارق بين التعدادين ولكن لو امعنا النظر فيما بين تعداد 2010 وآخر احصائيات السكان قبل ما يقل عن شهر لوجدنا الفارق كارثيا والكارثية هنا لا تكمن في الزيادة الكبيرة للسكان بل في طبيعة هذه الزيادة فالفرق يناهز مليون ونصف خلال اقل من خمس سنوات، والنسبة الساحقة هي للوافدين وهنا مكمن الخطورة.
لقد كنا نتغنى سابقا بأننا من اقل دول الخليج جلبا للوافدين بالمقارنة مع عدد السكان، وكنا نتجه في سياسية جيدة لتدعيم هذا التوجه والمضي فيه ، ولا ادري ما الأسباب الكامنة وراء انفلات عقال تحجيم اعداد القوى العاملة الوافدة وكبح جماحها لما لها من آثار سلبية على الافراد والمجتمع خاصة في حالة عدم الحاجة لها وهنا مكمن آخر للخطورة التي اود الإشارة اليها.
قد يقول قائل ان عدد المشاريع وكبر حجمها خاصة الحكومية منها هو السبب في زيادة الحاجة لمثل هذه الاعداد خاصة ان بوصلة الاهتمام بالمشاريع العملاقة لما تأخذ وجهتها الصحيحة الا بعد عام 2011 اما قبل ذلك فلم تكن هنالك مشاريع بالحجم ذاته وان وجدت فهي متناثرة زمانيا ومكانيا بمعنى عدم ترابط اكثر من مشروع عملاق مع بعضه البعض كما هو حاصل في السنوات الأربعة الفائتة وما زال مستمرا، وهذا التفسير له ما يؤكد مصداقيته ولكن هل ما تم جلبه من عمال كنا فعليا بحاجة له ، أم أن تلك حجة أو كلمة حق أريد بها باطل، وهنا المكمن الثالث للخطورة، فتسريح العمال العمانيين في شركات مختلفة ناتج من وجود فائض في القوى العاملة الوافدة التي اكلت الأخضر واليابس.
ان الأثر السلبي لفتح الباب امام قدوم القوى العاملة الوافدة دون حسيب او رقيب للشركات الكبرى لا شك في انه يحتاج لوقفة حازمة لان أثاره ليست فقط محصورة في المجال الاقتصادي بل تتعداه الى مجالات أخرى ليس اقلها المجال الاجتماعي والتربوي وغيرها، وفي الوقت الذي يشرع الباب لمثل هذه الشركات في جلب ما تريد من اعداد من القوى العاملة الوافدة نجد ان نصيب الشركات الصغيرة الحقيقية يكاد يكون معدوما وفي اضيق الظروف ووفق اشتراطات معقدة وهنا يحتاج الامر الى توازن ووفق مبادئ واسس واضحة.
ان مطالعتنا اليومية لاخبار الجرائم المتنوعة التي تحدث في السلطنة تثبت في الواقع انها نتاج لتزايد تلك الاعداد من العمالة الوافدة الغير مرغوب فيها والتي بدأت ترتكب ابشع الجرائم في حق المواطنين ولعل أبرزها ما يتعلق بصحة المستهلك وكذلك مجال المخدرات ناهيك عن القتل والسرقات، في ظل قدرتها على التخفي والتستر.
إننا أمام معضلة تتطلب تكاتف الجميع للحد من خطورتها، متمثلة في تعاون مختلف الجهات ذات العلاقة في وضع تصور شامل ومنطقي وواقعي للحد من تزايد أعداد القوى العاملة الوافدة غير المرغوب فيها، إدراكا منها بخطورة الاستمرار في هذا التزايد المحموم اقتصاديا واجتماعيا وتربويا.