عمان اليوم-
بهدف التوصل الى رؤية مستقبلية لتطوير قطاع التأمين الصحي؛ نظمت الهيئة العامة لسوق المال أمس الأول بالنادي الدبلوماسي بمسقط. ندوة نقاشية تحت عنوان «التأمين الصحي ضرورة اقتصادية وحاجة اجتماعية».
وذلك لبحث الانعكاسات الإيجابية لفكرة «التأمين الصحي» وتعميم هذه الخدمة على الوافدين والمواطنين، خاصة فيما يتعلق بتطوير مستوى الجودة في الخدمات الصحية في السلطنة ، بالإضافة إلى التعرف على التحديات التي تواجه هذه الفكرة ، والتطرق على مناقشة المتطلبات التشريعية والفنية اللازمة لتنظيم هذا الجانب بما يحقق الحماية لحملة الوثائق، وضمان سلامة أداء المؤسسات المعنية بهذه الخدمة التأمينية من شركات التأمين والمؤسسات الصحية ، وكذلك تحديد سبل آلية التنسيق بين الجهات المعنية للإشراف على هذا الجانب.
كما تم خلال الندوة النقاشية التطرق إلى التجربة الإماراتية في التأمين الصحي ، وذلك بحضور مريم السليمانية مديرة مكتب الترخيص والقيد بهيئة التأمين الإماراتية، وسارة التميمية اخصائية أداء استراتيجي بمكتب التطوير المؤسسي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وحضر الندوة أحمد بن علي المعمري مدير عام المديرية للإشراف على قطاع التأمين بالهيئة العامة لسوق المال، وسعادة توفيق بن عبد الحسين اللواتي عضو مجلس الشورى ، والدكتورة حليمة بنت قلم الهنائية طبيبة استشارية أولى بوزارة الصحة ، والدكتور مدحت كمال السيد خبير المعلومات الصحية والوبائيات بالمديرية العامة للتخطيط والدراسات بوزارة الصحة ، وخالد بن حمد الغيلاني مساعد مدير قطاع الموارد البشرية بالمجلس الأعلى للتخطيط ، وماجد بن أحمد العبري رئيس تحرير مجلة سوق المال.
وقال: أحمد المعمري مدير عام الإشراف على قطاع التأمين بالهيئة العامة لسوق المال: إن توفير الخدمة الصحية للمواطنين والمقيمين في أي بلد يعد حقا أساسيا من حقوق الإنسان ؛ إلا أن هذا الحق يتطلب أن تكون هذه الخدمة على قدر عال من الكفاءة سواء كان للخدمة الصحية المقدمة لمتلقي هذه الخدمة أو الكلفة المادية لتقديم هذه الخدمة ؛ فحق المواطن في الحصول على الخدمة الصحية المناسبة هو حجر الأساس لأي نقاش حول موضوع تقديم الخدمات والرعاية الصحية ، ومما لا شك فيه أن حكومة السلطنة استطاعت أن تحقق انجازات كبيرة في مجال الرعاية الصحية خلال عمر النهضة ؛ إلا أنه مما لا شك فيه أن تقديم الخدمة الصحية الجيدة أصبح تحديا كبيرا للعديد من دول العالم، حيث لا توجد دولة تستطيع أن تحافظ على تقديم مستويات الرعاية الصحية بكفاءة عالية في ظل الكلفة المالية المتزايدة لتقديم هذه الخدمات ، وكذلك في ظل تراجع دخل الدول وضرورة توزيع هذا الدخل على جوانب خدمية أخرى كالتعليم والإسكان وغيرها من القطاعات ، وبناء على التجارب الدولية والإقليمية يبرز التأمين الصحي كأحد الحلول الفاعلة لمساعدة الحكومات على القيام بدورها الفعال في ضمان تقديم رعاية صحية مناسبة لمواطنيها والمقيمين لديها دون أن تؤثر الكلفة المالية العالية على جودة هذه الخدمة ، فقد تصبح شركات التأمين هي اللاعب الرئيس في تمويل خدمات الرعاية الصحية بالتعاون مع الحكومة ، ويتحول دور الحكومة الرئيس من توفير الخدمة إلى ممول ومراقب ومشرف على مقدمي الخدمات الصحية.
وأكد المعمري أن قطاع التأمين الصحي يشهد نموا ملحوظا في السلطنة ، فقد نما هذا القطاع خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة بلغ متوسطها حوالي 37 % ويتوقع أن تصل أقساط التأمين الصحي حتى نهاية العام الجاري إلى 107 ملايين ريال عماني.
وأضاف ان التأمين الصحي ما هو إلا وسيلة وليس غاية، فهو وسيلة لضمان مقدرة الحكومات على توفير الرعاية الصحية المناسبة وبالكلفة المناسبة لموطنيها والمقيمين على أرضها، وإذا لم تتحقق هذه الغاية فإن التأمين الصحي يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
وأعرب المعمري عن الحاجة الماسة للاستعداد لهذا المطلب، الأمر الذي يتطلب من الحكومة إيجاد استراتيجية واضحة لنظام الخدمة الصحية في البلاد، والآليات التي سوف تنفذ لمواجهة تحديات القطاع الصحي؛ على أن تكون معلنة ومفصح عنها للقطاعات ذات العلاقة ؛ حتى تتمكن هي الأخرى من وضع خططها وسياساتها وفق الاستراتيجية العامة للدولة، كما أن الإفصاح عن هذه الخطط سوف يتيح للقطاع الخاص ـ سواء من مقدمي خدمات التأمين أو الخدمات الصحية – تكييف استراتيجياته وخططه وفق السياسات التي رسمت في استراتيجية الحكومة وبما يخدم الصالح العام.
وتحدثت الدكتورة حليمة بنت قلم الهنائية طبيبة استشارية أولى بوزارة الصحة عن استراتيجية الوزارة لتطوير الرعاية الصحية، مؤكدة بأن الوزارة تسعى دائما إلى توفير الرعاية الصحية للجميع سواء المقيمين أم المواطنين، وفي سبيل الانتقال إلى مستويات أفضل في تقديم خدمة الرعاية الصحية عكفت الوزارة منذ عام 2010م على وضع استراتيجية وطنية لتطوير الرعاية الصحية في السلطنة، حيث أطلق عليها “الرؤية الصحية 2050” ؛ وهي سبع لبنات أساسية تمثلت في الموارد البشرية وتمويل الموارد البشرية والتعاون القطاعي.
وأشارت الهنائية إلى وجود دراسة شاملة لتمويل القطاع الصحي، حيث خرجت الاستراتيجية بوثيقة كاملة تمثل خارطة طريق لتطوير الرعاية الصحية في المستقبل حول التحديات التي تواجه القطاع الصحي، وأوضحت أنه يوجد الكثير من التحديات التي تواجه التمويل الصحي من قبل وزارة الصحية، حيث تقوم بتحديد بعض البدائل للتمويل الصحي.
وأشار الدكتور مدحت كمال السيد خبير المعلومات الصحية والوبائيات بالمديرية العامة للتخطيط والدراسات بوزارة الصحة إلى أن الحكومة تتحمل 80% من الانفاق الصحي، حيث يعتبر هذه النسبة كبيرة جدا، وأوضح أن وزارة الصحة تسعى لإيجاد شريك من القطاع الخاص من أجل دعم الحكومة في مجال الإنفاق الصحي، حيث إن من الأهداف الأساسية للتأمين الصحي هو جودة الخدمة الصحية.
وأكد مدحت على وجود العديد من التحديات الاقتصادية الحالية تتطلب من الحكومة الإسراع في إيجاد خطط بديلة للتقليل من هذا الإنفاق.
وأكد سعادة توفيق بن عبد الحسين اللواتي عضو مجلس الشورى أهمية إشراك المواطن في مثل هذه القرارات التي تمس مصلحته، كما أشار سعادته إلى أنه يجب على وزارة الصحة أن تتخذ الإجرارات التي تساهم في تحسن الخدمات الصحية التي تقدمها للمواطنين.
وتم التطرق في نهاية الندوة النقاشية إلى التجربة الإماراتية في التأمين الصحي ، فقد أشارت مريم السليمانية مديرة مكتب الترخيص والقيد بهيئة التأمين الإماراتية إلى نجاح تجربة الإمارات في مجال التأمين الصحي ، وأوضحت أن فكرة التأمين تلقت إقبالا من قبل المواطنين ، وأشارت أيضا إلى أن التحديات التي تواجهها سلطنة عمان في المجال الصحي كانت موجودة أيضا في دولة الإمارات قبل تطبيق التأمين الصحي ، حيث تم التغلب عليها بعد تطبيق هذا النظام.
وأوضحت أنه تم تطبيق التأمين بشكل متدرج فقد تم تطبيقه أولا في إمارة أبو ظبي وبعد نجاحها تم تطبيقه في إمارة دبي ، ومن بعد النجاح الذي حققته فكرة التأمين الصحي تم تطبيقه على جميع إمارات دولة الإمارات.
وأضافت السليمانية أن هيئة التأمين الإماراتية تقوم بالإشراف على سير العمل في المستشفيات التي تقدم الخدمات الصحية للمواطنين، كما أن حكومة الإمارات سمحت بدخول المستثمر الأجنبي للاستثمار في الجانب الصحي حيث إن تعدد المستثمرين ساهم في التنافس على تقديم الخدمات الصحية الممتازة للمواطنين.