محمد أمين - الخليج أونلاين-
مساع حثيثة تبذلها السعودية لمحاربة تهريب المخدرات وتعاطيها من خلال تشديد الرقابة وإلقاء القبض على المروجين والتجار، وذلك في إطار مواصلتها العمل لتحقيق رؤيتها لعام 2030.
وما يعزز ضرورة محاربة المخدرات في المملكة ارتفاع عدد المدمنين إلى 200 ألف شخص، بحسب إحصائية لوزارة الصحة العام الماضي.
وعلى مدار سنوات تصدرت السعودية في عملية ضبط المخدرات، حيث شكلت أكثر من 45% من المضبوطات العالمية من "الكبتاغون" بين عامي 2015 و2019، في إطار حربها على المواد المخدرة.
ومنذ بداية العام الحالي، نشطت عمليات تهريب المخدرات إلى المملكة، لتتمكن السلطات من إحباط تهريب الملايين من الحبوب المخدرة، وإلقاء القبض على مروجيها.
إحباط تهريب ملايين الحبوب
مع دخول العام 2024، بدا جلياً نشاط عمليات تهريب المخدرات إلى السعودية، وهو ما دفع الأجهزة المختصة إلى تشديد الرقابة والمكافحة، لتتكلل جهودها بالنجاح في إحباط عمليات ضخمة.
وفي شهري يناير وفبراير الماضيين، تمكنت السلطات من إلقاء القبض على عشرات المروجين من جنسيات مختلفة، ومنهم مواطنون سعوديون، وبحوزتهم كميات كبيرة من المخدرات، حيث تم تحويلهم إلى النيابة العامة.
ومنذ بداية مارس الحالي، أحبطت المملكة 4 عمليات لتهريب ملايين الحبوب المخدرة عبر مطاراتها ومنافذها البرية وموانئها البحرية، ما يشير إلى تنوع محاولات إدخال تلك المواد إلى الأراضي السعودية.
وتمكنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات، في 19 مارس، من إحباط تهريب أكثر من 2.4 مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر داخل شحنة أسمدة زراعية عبر ميناء جدة الإسلامي، بالتنسيق مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
وفي 8 مارس، ضبطت الجهات المختصة في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، أكثر من كيلوغرامين من مادة "الكوكايين" كانت مخبأة بداخل أحشاء 3 مسافرين، و868,2 غراماً من مادة "الهيروين" كانت مخبأة داخل أحشاء مسافر.
وقبل عملية المطار بخمسة أيام، تمكنت الجهات من إحباط تهريب أكثر من 63 ألف حبة "كبتاغون"، بعد العثور عليها مخبأة في مركبتين قدمتا إلى المملكة عبر "منفذ الحديثة"، أما في 2 مارس، فقدضبطت 1.2 مليون قرص من مادة "الإمفيتامين" المخدر، داخل شحنة أفران كهربائية عبر ميناء جدة الإسلامي.
تعاون دولي
لا تقتصر جهود المملكة لمكافحة المخدرات على أراضيها فحسب، بل تشارك في عمليات إحباط تهريب تلك المواد إلى العديد من الدول.
ففي 5 مارس الحالي، ساهمت المملكة، ممثلة في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، في عملية أمنية نتج عنها إحباط محاولة تهريب 128 كيلوغراماً من مادة الكوكايين المخدر إلى ليبيا، حيث كانت الكمية مخبأة داخل شحنة حاوية فاكهة الموز.
وأعلن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في بنغازي الليبية، أنه تم خلال هذه العملية التي جرت في ميناء بنغازي البحري، ضبط أكبر كمية في تاريخ البلاد من مادة الكوكايين، ووصفها بأنها تاريخية.
وقدّر جهاز مكافحة المخدرات في بنغازي، القيمة المالية للشحنة المضبوطة بـ 224 مليون دينار ليبي (نحو 46,6 مليون دولار).
كيف تصل المخدرات إلى المملكة؟
تتدفق كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى المملكة من عدة دول، وفي السعودية شبكات توزيع عديدة يرأسها مواطنون ومقيمون من جنسيات مختلفة، ويجري القبض عليهم في عمليات نوعية تنفذها المديرية العامة لمكافحة المخدرات، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك بشكل دوري.
وتستخدم شبكات التهريب طرقاً جديدة حديثة لإدخال المواد المخدرة إلى أراضي المملكة بعيداً عن الأساليب التقليدية، إلا أن الجهات المختصة ومن خلال البحث والتدقيق والكشف عن المنتجات التي تصل للبلاد، استطاعت كشف طرق لم تكن مستخدمة في السابق.
فقد أدخل المهربون خلال السنوات الماضية الخضراوات والفاكهة لعمليات التهريب، حيث يقومون بإخفاء الأقراص المخدرة ضمن الليمون، والرمان، والأناناس، وغيرها، إضافة إلى إخفائها داخل قطع الجبن.
كما تم استخدام سيارات الحفر في تلك العمليات، حيث أعلنت الأجهزة المختصة في سبتمبر 2022، إحباط محاولة تهريب نحو 250 ألف قرص مخدر مخبأة داخل معدّة حفر هيدروليكية في ميناء جدة الإسلامي.
وهناك العديد من المواد المخدرة التي تعد ضمن الأكثر شيوعاً بين الشباب في السعودية، وعلى رأسها "الحشيش"، ثم حبوب الكبتاغون، ثم مادة الميث امفيتامين المعروفة باسم "الشبو"، وكلها مواد خطيرة تؤدي إلى أمراض نفسية وعقلية وجسدية خطيرة.
وتحذّر السلطات كل من يقدم على تجارة المخدرات بعقوبات مشددة، حيث تفرض على من يتاجرون بها ويتعاطونها ويروجونها عقوبات مختلفة قد تصل إلى الإعدام.
نحو "رؤية 2030"
وفي إطار سعيها للوصول إلى مجتمع حيوي خال من الآفات ضمن رؤيتها لعام 2030، تكثف المملكة من جهودها لمكافحة المخدرات ومعاقبة مروجيها وتجارها، إضافة إلى إطلاقها حملات توعوية، ورعاية ومتابعة المتعافين من الإدمان.
وتهتم المملكة بعلاج المدمنين في المستشفيات وعيادات متخصصة، حيث فعّلت مبادرة تعزيز تقديم خدمات علاج الإدمان في العيادات النفسية من خلال ترشيح 50 مستشفى لهذا الغرض، إضافة إلى تنظيم ورشة عمل تعريفية عن المبادرة، وربط العيادات في منصة "موعد"، ومستشفى "صحة" الافتراضي، وذلك لتقديم الاستشارات الإكلينيكية.
وتهدف المبادرة السعودية، وفق تأكيدات وزارة الصحة، إلى تسهيل وصول الخدمة لمرضى الإدمان، وتخفيف الوصمة لدى المرضى، وتعزيز نموذج الرعاية الصحي، ورفع جودة خدماتها.
ومن أبرز الشعارات التي أطلقتها السعودية خلال السنوات الماضية في هذا الإطار، هي: "حياتك أغلى لا تهدرها بالمخدرات"، "وش تعطيك المخدرات" وشعار "كونوا عيوناً ساهرة على حماية وطنكم وأبنائكم من هذه السموم".