هدى التوابتي- شؤون خليجية-
يخوض الخليج العربي سباق تسليح محموم، بلغت تكلفته 33 مليار دولار خلال 11 شهرًا فقط، من الأسلحة الأمريكية فحسب وفقًا لصحيفة "Defense News" الأمريكية،فيما وضع معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي "سيبري" السعودبة والإمارات في صدارة الدول المستوردة للسلاح في العالم.
ويتزامن هذا السباق المحموم مع الأزمات العاصفة التي تضرب المنطقة العربية ككل، من الأزمة اليمنية وحتى الأزمة السورية، ومع تصاعد النفوذ الإيراني، ومحاولات فرضه على الخليج العربي، مما يجعلها وسيلة للحفاظ على الأمن القومي الخليجي، في ظل التنافس بينها وبين إيران، والاستعداد للمجهول.
فيما يربط البعض بين ذاك السباق وبين مصالح خليجية جعلتها تستخدم الصفقات كأوراق للضغط على الدول الكبرى ودول المنطقة من أجل تحقيق مصالحها، واستقطاب المزيد من الدول اتجاه رؤيتها للأحداث في المنطقة والعالم.
الخليج يتصدر سباق التسلح
كشفت صحيفة "Defense News" الأمريكية، إن دول الخليج العربي الست، اشترت من واشنطن أسلحة بقيمة 33 مليار دولار، خلال 11 شهراً، وذلك وفقاً لأرقام من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
وقالت الصحيفة تصلًا عن ديفيد مكيبي، المتحدث باسم مكتب وزارة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية.
في تقرير لها نشر الثلاثاء الماضي أن دول مجلس التعاون الخليجي الست تلقت تلك الأسلحة منذ شهر مايو 2015، وتتضمن مجالات "القدرات الصاروخية البالستية، الدفاع والمروحيات الهجومية، فرقاطات متطورة وصواريخ مضادة للدروع".
وقال التقرير أن الولايات المتحدة سلمت دول الخليج 4500 ذخيرة دقيقة التوجيه (دون ذكر نوعها)، بما في ذلك 1500 مأخوذة مباشرة من الخزينة الأمريكية.
وأشار مكيبي إلأى فيما أكد مكيبي أن واشنطن ترغب في مواصلة تعزيز الشراكات مع الكويت وقطر من خلال مبيعات الدفاع وأنشطة التعاون الأمنية الأخرى.
وتنتظر كل من الكويت وقطر الموافقة الأمريكية، لشراء 40 طائرة من نوع F/A-18 سوبر هورنيت، و72 طائرة من نوع F-15 إلى قطر.
وتقول الصحيفة، إن قطر كانت أكبر مشتر من الولايات المتحدة للمبيعات العسكرية الأجنبية في عام 2014، عبر شرائها بـ10 مليارات دولار معدات عسكرية متطورة كمروحيات الأباتشي وأنظمة الدفاع الصاروخي "باتريوت" صواريخ "جافلين".
وفي السياق ذاته، كشف تقرير أصدره معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي (سيبري) تصدر المملكة العربية السعودية والإمارات للدول المستوردة الأسلحة في العالم.
وقال التقرير أن الهند احتلت المرتبة الأولى عالميًا في استيراد الأسلحة خلال الفترة ما بين عامي 2011 و2015، بحصة قدرها 14% من السوق، فيما احتلت السعودية المرتبة الثانية، تلتها الصين التي حلَّت ثالثًا.
وأضاف التقرير أن واردات الشرق الأوسط من الأسلحة ارتفعت بما نسبته 61% بين 2006-2010 و2011-2015. وفي الفترة ما بين 2011-2015 كانت السعودية هي ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم، بزيادة قدرها 275%، مقارنة بالفترة ما بين 2006-2010.
وأضاف أنه خلال الفترة ذاتها ارتفعت واردات السلاح إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 35%، وقطر بنسبة 279%. وزادت واردات السلاح إلى مصر بنسبة 37% في الفترة ما بين 2006-2010 و2011-2015؛ ويرجع ذلك أساسا إلى الارتفاع الحاد في عام 2015.
الخليج والمنافسة مع إيران
يرى مراقبون أن سباق التسلح الخليجي جاء مدفوعًا بتصاعد الخطر الإيراني في المنطقة، خاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني، والذي فتح الأبواب للخطر الإيراني للانضمام لهذا السباق، وليتعاظم دوره في المنطقة.
وأكدت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية، في تقرير لها منتصف مارس الحالي تعليقًا على اطلاق إيران تجربة لصواريخ بالستية، وجود خطر يتمثل في انخراط المملكة العربية السعودية وحلفاءها في مواجهة عسكرية وصفتها بالخطيرة مع إيران.
وقالت الصحيفة أن الاتفاق النووي "غير الحكيم" على حد وصفها، هو ما أطلق العنان لسباق تسلح جديد بالمنطقة، معتبرة إياه السبب في بروز خطر المواجهة العسكرية.
وقالت الصحيفة أن ذلك الاتفاق يتيح لـ طهران مواصلة العمل في تطوير صواريخها الباليستية، واصفة إيران بأنها الدولة التي قالت عنها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ذات مرة إن لديها برنامجا لإنتاج أسلحة نووية.
وأضافت " ليس من المستغرب -والحالة هذه- أن تعكف دول الخليج العربية بدورها في تطوير درع مضاد للصواريخ الباليستية خاص بها بمليارات الدولارات".
وتابعت قائلة " وإن لم يكن لأوباما من إرث آخر يخلفه وراءه فيكفي أنه سيجعل الشرق الأوسط في غمار سباق تسلح جديد".
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها قائلة أن " ما يؤرق مضاجع القادة العرب الموالين للغرب -طبقا للصحيفة البريطانية- أن إيران ستشرع في تعزيز وتطوير قدراتها العسكرية اعتمادا على مبلغ الـ150 مليار دولار التي ستحصل عليها بعد رفع العقوبات عنها.
صفقات السلاح أم أوراق للضغط
تستخدم صفقات السلاح وفقًا لمحللين كأوراق ضغط في" عدد من الأزمات والقضايا حيث يصفها محللون بقولهم "أن لغة المال والمصالح والصفقات الاقتصادية وصفقات السلاح هي المحرك والدافع لصفقات سياسية لم تتضح معالمها بعد"، .
ويرى محللون أن سعي المملكة للتقارب مع روسيا من خلال صفقات السلاح يعد محاولة منها لفرض تأثير على صانع القرار الروسي في ملفات حرجة تعد ضمن ملفات الأمن القومي السعودي، وأولها التهديدات الإيرانية للمملكة، وخاصة ملف الاتفاق النووي وتغلغل النفوذ الشيعي بالمنطقة، والأزمة السورية.
ويضيف المراقبون أن التقارب مع روسيا من خلال صفقات السلاح لا يعد ورقة ضغط على روسيا وحدها،سعودية ضد الحليف الأمريكي، الذي تشهد العلاقات السعودية معه نوعًا من الفتور مؤخراً.
وأعلنت شركة "روس أوبورون اكسبورت" الروسية لصناعة وتجارة الأسلحة، آنذاك أنها مستعدة لتوريد أنظمة الصواريخ العملياتية التكتيكية "اسكندر" إلى السعودية، وأنه إذا رغبت الرياض شراء مثل هذه التقنيات فروسيا من الممكن أن تورد إليها ما تريده.
وتستخدم دول الخليج صفقات السلاح أيضًا لكسب الحلفاء، وفقًا لما نشرته الوكالة الألمانية في تقرير لها، حيث أشارت لدعم المملكة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتدعم الجيش اللبناني من خلال تسليحه لتقوية شوكته إزاء حزب الله الشيعي الذي تدعمه إيران، وهو الذي انتهى لسحب دعمها له إثر فشل مسعاها.
وأضافت الوكالة الألمانية أن الأمر نفسه بالنسبة لللإمارات التي لم تتأخر في عقد صفقات أسلحة ودعم دول معينة على غرار صفقتها مع فرنسا أخيرا لتزويد تونس بالسلاح بعد أن تولى الباجي قايد السبسي الحكم خلفا لحزب النهضة الإسلامي.
أزمات المنطقة وسباق التسلح
يرى محللون أن سباق التسلح يرتبط بشكل كبير بالوضع المتفجر بالمنطقة خاصة في اليمن وسوريا.
وأكد الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط يوخن هيبلر إلى دور تلك الأزمات قائلًا "نحن نعيش الآن في الشرق الأوسط وخاصة في منطقة الخليج سباقا في التسلح فرضته التطورات الأخيرة”.
وأضاف في تصريح له " إذا ما نظرنا مثلا إلى المملكة السعودية، فسنجد أنها تقع من جهة في منافسة حادة ومنذ عقود مع إيران، ومن جهة أخرى أصبحت الأزمات تقوم على أبوابها، على غرار الوضع المتوتر في اليمن والحرب في العراق، حيث سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة منه، ناهيك عن الحرب المتواصلة في سوريا منذ أربع سنوات".