أحمد مصبّح - الخليج أونلاين-
لا شك أن قرار الرئيس الأمريكي الأخير بشأن نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، قد صاحبته ردّات فعل كبيرة على الصعيد الشعبي في العالمين العربي والإسلامي، في حين لم يتجاوز الرد الرسمي حاجز الشجب والاستنكار.
وعلى الرغم ممَّا تملكه من أدوات ضغط كبيرة على الولايات المتحدة الأمريكية، فإن ثمة جموداً يوحي بعجز تلك الحكومات عن اتخاذ أي إجراء أو ردات فعل اتجاه هذا القرار، وقد كان من شأن هذه الأدوات أن تثني إدارة أمريكا عن اتخاذ مثل هذا القرار.
وأعلن الرئيس الأمريكي، الأربعاء 5 ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ووقّع على قرار نقل السفارة الأمريكية إليها بعد 6 أشهر، ما أثار غضب غالبية دول العالم أجمع، ودفعها إلى المطالبة بالتراجع عن هذا القرار الخطير.
من ناحية اقتصادية، تشير التقارير والإحصائيات الرسمية إلى أن الدول العربية تملك مساهمة لا بأس بها في الاقتصاد الأمريكي، يمكنها من خلالها التأثير القوي على سياسات الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
- تبادل تجاري واستثمارات
تشير آخر الإحصائيات الأمريكية الصادرة عن المفوضية التجارية إلى أن حجم التبادل التجاري السنوي بين الولايات المتحدة والدول العربية يفوق 150 مليار دولار سنوياً؛ حيث يبلغ حجم الواردت العربية من أمريكا قرابة 70 مليار دولار (أكثر من نصف هذه الورادات تتجه إلى السعودية والإمارات).
ويقدر حجم الصادرات العربية إلى الولايات المتحدة بـ80 مليار دولار سنوياً، هذا بخلاف الآلاف من الشركات والمطاعم التي تعمل في البلاد العربية، وتعود على الاقتصاد الأمريكي بمئات الملايين من الدولارات سنوياً.
من ناحية أخرى تبلغ قيمة الودائع العربية في المصارف الأمريكية نحو 700 مليار دولار وفق بيانات البنك الفيدرالي الأمريكي، وتبلغ حصة الولايات المتحدة من إجمالي استثمارات العرب في العالم نحو 13 بالمئة من إجمالي تلك الاستثمارات.
ووفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، فقد بلغ حجم الاستثمارات العربية في سوق السندات الأمريكية 266 مليار دولار، استحوذت السعودية على أكثر من نصفها في شكل سندات وأذون خزانة بقيمة استثمارات 136.7 مليار دولار، تمثل 2.2 بالمئة من استثمارات دول العالم في أداة الدين الأمريكية.
- صفقات الأسلحة
ولا تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية على الاستثمارات والتبادل التجاري للسلع والخدمات، حيث تعتبر الدول العربية الأكثر استيراداً للأسلحة الأمريكية؛ بصفقات كان آخرها التي وقعها ولي عهد البحرين، بدايات الشهر الجاري، لشراء أسلحة أمريكية تصل قيمتها إلى 9 مليارات دولار، رغم عجز الاقتصاد البحريني الشديد.
وتعتبر السعودية أكثر الدول العربية عقداً لصفقات الأسلحة مع الإدارة الأمريكية، وكان آخر هذه الصفقات في مايو الماضي، بتوقيع صفقات بقيمة 110 مليارات دولار.
وفي فبراير الماضي، وقعت الإمارات صفقة شراء أسلحة من واشنطن وصلت قيمتها 3 مليارات دولار.
- قوة معطّلة
كل هذه الأرقام وغيرها تشير إلى أن الإدارة الأمريكية لا تُلقي بالاً لردة فعل الأنظمة العربية، ربما لإيمانها بأن قضية فلسطين ليست من أولويات هذه الأنظمة، وأن كل ما يدور من شجب أو استنكار على الممارسات الإسرائيلية ليس إلا مسكّنات للشعوب العربية.
كما أن دعوات النخب في بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لم تكن إلا انعكاساً لتماهي معظم الأنظمة العربية مع السياسة الأمريكية.