الخليج الجديد-
تواترت طوال الأشهر الأخيرة الماضية تقارير إعلامية وأمنية غربية، تتحدث عن استعانة أبوظبي بالآلاف من المرتزقة الأجانب من وجهات متعددة؛ كأمريكا اللاتينية (كولومبيا)، والولايات المتحدة، ودول أفريقية (جنوب أفريقيا)، منذ صيف 2010.
ومثلما تعددت وجهاتهم، تنوعت المهام المكلفون بها؛ فداخليا لقمع أي ثورة ضد النظام، وحماية المنشآت الحيوية، وخارجيا لحسم عمليات عسكرية، وتنفيذ عمليات قتل بالوكالة بأماكن نزاعات تنخرط فيها الإمارات سواء لدعم حلفائها أو للإطاحة بأنظمة يعتبرها حكام أبوظبي مناوئة لمصالحها.
وشملت قائمة الدول التي زجت الإمارات بمرتزقة فيها كل من اليمن لمحاربة «الحوثيين» وفقا لموقع «لوب لوج الأمريكي»، وليبيا لدعم حليفها الجنرال «خليفة حفتر» حسب موقع «إنتليجنس أونلاين» الاستخباراتي الفرنسي، وقاعدتين عسكريتين في إريتريا و«أرض الصومال» وفق موقع «ميدل إيست آي» البريطاني.
وفى السياق ذاته، اتهم نائب رئيس الوزراء القطري السابق «عبدالله بن حمد العطية» أبوظبي، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بتدريب الآلاف من المرتزقة من شركة «بلاك ووتر» الأمريكية، التي أعيدت تسميتها إلى «أكاديمي»، لغزو قطر، على خلفية الأزمة الخليجية، وفقا لمجلة «إيه بي سي» الإسبانية.
وقدرت الصحيفة الإسبانية، عدد المرتزقة الأجانب الذين كان يجرى إعدادهم لغزو قطر بحوالي 15 ألف عسكري أجنبي، مشيرة إلى أن تلك العناصر، تلقت تدريباتها في قاعدة «ليوا»، غربي الإمارات، وجميعهم تابعين لشركة «بلاك ووتر» الذي انتقل مديرها السابق «إريك برنس» للعيش في أبوظبي وفقا لتقارير أمريكية.
وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، في مايو/أيار 2011، عن توقيع «برنس» اتفاقا مع ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» بقيمة 529 مليون دولار استقدمت شركته بموجبه ودربت 800 عنصر -معظمهم من كولومبيا وجنوب أفريقيا- للقتال تحت قيادة القوات الإماراتية.
وفى «صومالي لاند» أو ما يعرف بجمهورية «أرض الصومال» (غير المعترف بها دوليا)، قالت مصادر للحملة الدولية لمقاطعة الإمارات، إن الإمارات جلبت حديثا أكثر من 3 آلاف عنصر من المرتزقة إلى هناك؛ لتعزيز نفوذها في البلاد.
وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء المرتزقة تمركز جزء كبير منهم في قاعدة (بربرة) العسكرية التابعة للإمارات، وأماكن دعم لوجستي في مناطق لا تخضع للسلطة المركزية لحكومة الصومال.
ولتعزيز عسكرة وجودها في القرن الأفريقي أسست الإمارات، أواخر 2016، أول قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في ميناء «عصب» على سواحل إريتريا.
ووفقا لمجلة «إنتليجنس أونلاين»، فإن الطائرات المتمركزة في قاعدة سرية إماراتية في ليبيا يقودها طيارون يوظفهم أيضا «إريك برنس».
وأكد موقع «كاونتر بانتش الأمريكي» أيضا أن المئات من العناصر من كولومبيا وبنما والمكسيك وتشيلي يقاتلون إلى جانب الإمارات في اليمن.
ومن خلال ما سبق يتضح أن أعداد المرتزقة الذين تستعين بهم الإمارات سواء في الداخل أو الخارج، وفقا للأرقام المتاحة، يمكن أن يصل إلى 20 ألف عنصر.
عقيدة المرتزق
وفيما لم توضح المعلومات والبيانات المسربة عبر وسائل الإعلام وجهات أمنية عن تفاصيل تكلفة المرتزقة، رفضت الإمارات طلبات وسائل الإعلام الغربية للرد على تلك التسريبات.
لكن رسالة إلكترونية راجت في أوساط العاملين في الشركات الأمنية الخاصة، لشرح عقيدة المتعاقد في الشركات الأمنية (المرتزق)، ربما تفيد في تحديد تكلفة ما تدفعه الإمارات بشكل تقريبي نظير توظيف 20 ألف مرتزق.
ووفقا للرسالة الإلكترونية -التي يرجع تاريخيها إلى الحرب على العراق- التي نشرها المؤلف «روبرت ينج بلتون» في كتابه «المرخص لهم بالقتل: قتلة مستأجرون في الحرب على الإرهاب»، فإن أجر المرتزق لا يقل بأي حال من الأحوال عن 700 دولار في اليوم، إضافة إلي وجبة بقيمة 60 دولارا.
تكلفة باهظة
وبعملية حسابية بسيطة من خلال ربط أعداد المرتزقة الذين استعانت بهم الإمارات وورد ذكرهم في التقارير الإعلامية والأمنية السابقة، وعددهم وفقا لما سبق يقترب من 20 ألفا، مع ما جاء في الرسالة الإلكترونية، المنشورة في كتاب «روبرت ينج بلتون»، يتضح التالي :
تدفع أبوظبي للمرتزقة (بند أجر ووجبة فقط) حوالي 15 مليونا و200 ألف دولار في اليوم الواحد، و456 مليون دولار شهريا، 5 مليارات و472 مليون دولار سنويا.
وبالأخد في الاعتبار بداية تعامل الإمارات مع المرتزقة والتي تعود إلى 2010، وفقا للتقارير الغربية، فإن التكلفة قد تصل إلى 44 مليار دولار.