منقذ داغر- الوطن السعودية-
إن إجراء استطلاع للرأي في مناطق خاضعة لتنظيم "داعش" هو أكثر صعوبة من إجرائه في ظل ظروف عادية، إلا أن النتائج تمنح الثقة بأن الناس يُجيبون بآرائهم الحقيقية. وقد أعرب معظم الذين شملهم الاستطلاع عن كرههم للتنظيم، الأمر الذي يُشكل أمراً لافتاً. وعلى الرغم من أنّه لا يمكن اعتبار النتائج دقيقة تماماً، إلا أن كيفية إجابة الناس على الأسئلة نفسها مع مرور الوقت هي نقطة مثيرة للاهتمام إلى حد كبير.
في استطلاع أُجري في مطلع الشهر الحالي، وعلى سبيل المثال، قال ٥٥٪ من المستجيبين في "الموصل" إنّ حياتهم هي أفضل مما كانت عليه قبل عام ونصف، بينما أعرب ٢١٪ فقط عن مثل هذا التحسُّن عندما سُئلوا في يونيو ٢٠١٥. ولا يدل ذلك على أن سكان الموصل يستلطفون تنظيم داعش، حيث إن ٣٩٪ فقط قد اعتبروا التنظيم ممثلاً لآرائهم ومصالحهم. إلا أن هذه النسبة هي أعلى بكثير من نسبة الـ١٠٪ التي سُجلت في يونيو من ٢٠١٤. وبالإضافة إلى ذلك، في حين يفضل ٥٧٪ منهم رحيل تنظيم داعش عن الموصل، اختار ٣٩٪ بقاء التنظيم. ومن نسبة الـ٣٩٪ المذكورة هنا، علل ثلثهم دافعهم الرئيسي بالدعم لهذه الجماعة، في حين ذكر آخرون الخوف من سقوط ضحايا في صفوف المدنيين أو عدم ثقتهم بالولايات المتحدة، أو الجيش العراقي، أو القوّات الكردية.
وبتعمقهم بصورة أكثر بهذا الشعور، ذكر غالبية المستطلعين أن الولايات المتحدة تتآمر لدعم تنظيم داعش بزيادة بنسبة٥٠٪ مقارنة بما كانت عليه قبل 18 شهراً. كما اعتبر المزيد من المستطلعين أن ضربات التحالف هي الخطر الأكبر المحدق بأمن عائلاتهم (٤٥.٨٪)، في حين اعتبر ٣٧.٥٪ منهم أن داعش هو الخطر الأكبر. وعارضت الغالبية الضربات الأميركية، في حين أنّ ثلاثة أرباع المستطلَعين قلقون من "وحدات الحشد الشعبي" والميليشيات الشيعية الأخرى. وفي الوقت نفسه، لا يرى معظم السكان أنّ سياسيي الموصل أو السياسيين السنّة أو الحكومة العراقية المركزية يمثلون وجهات نظرهم ومصالحهم.
لا يزال غالبية سكان الموصل يرفضون داعش، إلا أنهم يفتقرون إلى البدائل الموثوقة. فهم لا يثقون بمؤسسات الدولة العراقية، وفي ذلك الحكومة المركزية، والجيش، والشرطة، والبرلمان، والمسؤولون المحليون، والسياسيون في بغداد. ويعتقدون أن المعارضة المسلحة ضد تنظيم داعش غير فاعلة.
ومن هذا المنظور، يبدو أن "داعش" استغل أخطاء الإستراتيجية العسكرية للتحالف. فجهود التنظيم في الحوكمة ليست السبب الرئيسي لازدياد الدعم المحلي الذي يحظى به أو ازدياد المعارضة العامة لنشاطات التحالف. غير أن الأضرار الجانبية هي الإثم الأكبر. ولكي تكون ناجحة، يتعيَّن على استراتيجية التحالف أن تضم الدعم الشعبي للسكان كمحور جاذبية، فتنظيم داعش لن يُهزم بالتدخل العسكري فقط.
وباختصار، تظهر الاستطلاعات في المناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم داعش استياءً محلياً من البدائل لهذه الجماعة. وفي حين أن أقلية فقط تفضل التنظيم، إلا أن هذه الأقلية آخذة في التزايد.