ما كشفه أحد المسؤولين في مجلس الضمان الصحي التعاوني، عن زيادة الشكاوى ضد شركات التأمين العاملة في بلادنا بحوالي 122% عن العام الماضي، يعيد للأضواء الجدل حول دور شركات التأمين في تقديم الخدمة المناسبة ـ ولا أقول المثالية ـ لكافة المشتركين فيها.
ربما يرى البعض، أن هذه الزيادة تعكس حجم الوعي العام لدى المؤَمَّن عليهم بحقوقه المفترضة وفق وثائق التعاقد، وبالتالي المطالبة بها، وعدم الصمت أو القبول بالكثير من الممارسات التي يتعرض لها، ولكن هناك بالمقابل من يعتبر هذه النسبة إشارة واضحة إلى وجود العديد من الملاحظات والخلل في نوعية الخدمـات التي تقدمها شركـات التأمين بالمملكة، خاصة أن سوق التأمين الصحي بالذات يحتل ما نسبته 48% من إجمالي الحصة السوقية للقطاعات التأمينية الأخرى.
الإحصائيات التي جاءت على لسان المتحدث الرسمي في مجلس الضمان الصحي، الزميل الاستاذ ياسر المعارك، تقول: إن عدد مقدمي خدمات الرعاية الصحية المعتمدين بالسوق السعودية، يبلغ 3927 شركة تأمين صحي و8 شركات إدارة مطالبات، تقدم خدماتها لحوالي 12.5 مليون مشترك من المشمولين بنظام الضمان الصحي، فيما بلغ إجمالي أقساط التأمين الصحي 14.091.154.738 وذلك بنهاية الربع الثالث من عام 2016م.
الإحصائيات تقول أيضاً، أن المجلس تلقى فعلياً 5283 شكوى، منها 4562 شكوى ضد شركات التأمين الصحي، و468 شكوى ضد أصحاب العمل، إضافة إلى 249 شكوى ضد مقدم خدمات الرعاية الصحية وأربع شكاوى ضد شركات إدارة المطالبات لعام 1437هـ. موضحاً أنه تم تلقي نحو 457133 اتصالاً عبر قنوات الاتصال المختلفة، بين شكوى وملاحظة واستفسار، وأن 99% من هذه الشكاوى تم حلها وإنهاؤها وفق الإجراءات الرسمية، وهذا شيء جيد في حد ذاته.
لكن الأهم ـ في رأيي ـ هو وضع أيدينا على مجمل الخلل في أداء هذه الشركات التي تتعلق غالبية الشكاوى منها بعدم حصول المستفيد على المنافع الأساسية المتاحة والمحددة بوثيقة مجلس الضمان الصحي التعاوني، إضافة إلى شكاوى ضد أرباب العمل حيال عدم قيامهم بالتأمين الصحي على موظفيهم وأفراد أسرهم وشكاوى تتعلق بالمطالبات المالية.
هنا مربط الفرس، لأنه ليس العبرة هو الوصول إلى حلول للشكاوى بين الأفراد والشركات فقط، ولكن إلى وضع التزام صريح لهذه الشركات بالتقيد ببنود وثيقة التأمين، ما يضطر المستفيد من الخدمة للشكوى وانتظار حل لها.
ثم، أين دور الرقابة الحكومية وتفعيل جهود التفتيش على الخدمات التأمينية للتأكد من التزامها وجودتها؟ وبالتالي، هل يمكن انتظار شكوى للتحرك السريع بدلاً من المماطلة التي ربما تنهك المستفيد في ظرف صحي عاجل.. وما العقوبات الرادعة؟
أعتقد أن هذا ما يجب أن يجيب عليه المسؤولون دون مواربة أو تجاهل!
محمد الوعيل- الرياض السعودية-