هيومن رايتس ووتش-
قالت "هيومن رايتس ووتش" إن المناهج الدراسية الدينية في السعودية تحتوي على لغة تحض على الكراهية والتحريض تجاه الأديان والتقاليد الإسلامية التي لا تلتزم بتفسيرها للإسلام السُني. النصوص تحط من قدر الممارسات الدينية الصوفية والشيعية، وتنعت اليهود والمسيحيين بـ "الكفار" الذين لا ينبغي للمسلمين أن يتعاملوا معهم.
كشفت مراجعة شاملة أجرتها هيومن رايتس ووتش لكتب دينية مدرسية في وزارة التربية والتعليم، للعام الدراسي 2016-2017، أن بعض المحتوى الذي أثار جدلا واسع النطاق عبر تعاليمه العنيفة وتعصبه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ما يزال في النصوص حتى اليوم، رغم وعود المسؤولين السعوديين بالقضاء على لغة التعصب.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "في المدارس السعودية، يتعلم الطلاب حتى منذ الصف الأول أن يكرهوا كل من يُنظر إليهم على أنهم ينتمون إلى دين أو مدرسة فكرية مختلفة. تزيد الكراهية في الدروس كل سنة عن سابقتها".
جاء هذا البحث كجزء من تحقيق أوسع حول استخدام المسؤولين السعوديين ورجال الدين خطاب الكراهية والتحريض على العنف، ضمن تقرير ستنشره هيومن رايتس ووتش قريبا. المنهاج الذي تمت مراجعته، وهو بعنوان "التوحيد"، يتألف من 45 كتابا مدرسيا لمستويات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي. لم تستعرض هيومن رايتس ووتش نصوصا دينية إضافية تتناول الشريعة، أو الثقافة الإسلامية، أو التفسير، أو تلاوة القرآن.
وزارة الخارجية الأميركية صنفت السعودية على أنها "بلد يثير القلق بشكل خاص"، بموجب "قانون الحرية الدينية الدولية"، بسبب انتهاكات خطيرة وقعت عام 2004. استمرت بهذا التصنيف كل عام منذ ذلك الحين. ينبغي أن تؤدي هذه الرؤية إلى فرض عقوبات، تشمل الاقتصاد، وحظر توريد الأسلحة، والقيود المفروضة على السفر والتأشيرات. لكن الحكومة الأمريكية امتنعت عن فرض هذه العقوبات منذ العام 2006. سمح هذا الإعفاء للولايات المتحدة بمواصلة التعاون الاقتصادي والأمني مع السعودية دون عائق.
واجهت السعودية ضغوطا لكي تصلح منهجها الديني في المدارس منذ اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول، وخصوصا من الولايات المتحدة، بعد أن كشفت الأخيرة أن 15 من بين الخاطفين الـ 19 هم سعوديون. قال المسؤولون السعوديون مرارا إنهم سينفذون الإصلاحات، رغم أن المراجعات السابقة للمنهاج على مدى السنوات العشر الماضية أظهرت أن هذه الوعود جوفاء. في فبراير/شباط 2017، اعترف وزير التعليم السعودي أن "إصلاحا أشمل للمناهج الدراسية" ما يزال ضروريا، لكنه لم يقدم موعدا محددا للانتهاء من هذا الإصلاح.
لا تسمح السعودية لأتباع غير الدين الإسلامي بالعبادة العلنية. أما الكتب المدرسية الدينية في المدارس الحكومية، فهي ليست سوى جانب واحد من نظام كامل من التمييز يعزز التعصب تجاه أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم "آخرون".
قالت هيومن رايتس ووتش إنه وبينما تتحرك السعودية لتحقيق أهداف "رؤية 2030" بغية تحويل البلاد على الصعيد الثقافي والاقتصادي، ينبغي لها أن تتصدى للخطاب العدائي الذي يواجهه المسلمون السنة المختلفون معها والشيعة والعاملون المغتربون غير المسلمين في السعودية.
تنتقد مناهج "التوحيد" في السعودية بشدة الممارسات والتقاليد المرتبطة بالشيعة والصوفية. في كثير من الحالات، تَسِم المناهج الدراسية الممارسات، مثل زيارة قبور الرموز الدينية البارزة، والشفاعة، التي يستدعي بها الشيعة والصوفية الله من خلال وسطاء، بـ "الشِّرك". بحسب هذه المناهج، يُخرج ممارسو هذه الطقوس من الإسلام ويقعون تحت اللعنة الأبدية.
يدين المنهج مرارا بناء المساجد أو الأضرحة فوق القبور، في إشارة واضحة إلى المزارات الشيعية أو الصوفية. يحتوي الكتاب الثالث في المنهاج الثانوي المكون من 5 أجزاء، على سبيل المثال، على قسم بعنوان "مخالفة الناس سنة النبي في القبور"، الذي يرى أنه "قد خالف كثير من الناس ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم وارتبكوا ما حذروا منه فوقعوا بسبب ذلك في البدع أو الشرك الأكبر... حيث بنوا على القبور مساجد وأضرحة ومقامات". كما يرد في النص أن الناس يستخدمون الأضرحة كمكان لارتكاب أعمال أخرى من البِدَع أو الشرك، بما في ذلك "الصلاة عندها والقراءة عندها والذبح لها ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم وصرف النذور لهم...".
يعبر نص الفصل الثاني من الصف السابع عن مشاعر مماثلة، قائلا إن "الذين يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد هم شرار الخلق عند الله تعالى ".
تقريبا عند نهاية أحد فصول كتاب المستوى الثانوي، يرد في مسرد قصير بعنوان "جهود المصلحين في بيان العقيدة الصحيحة والدفاع عنها"، ممارسات أولئك الذين انحرفوا عن الممارسة الدينية الصحيحة. يصف المسرد التصوف بأنه "مسلك منحرف بدأ بدعوى الزهد، ثم دخل في كثير من البدع والضلالات والغلو في الصالحين".
يوجه المنهاج أشد انتقاداته إلى اليهود والمسيحيين ومعتنقي الديانات الأخرى، وغالبا ما يصفهم "بالكفار".
في أحد كتب الفصل الدراسي الثاني من الصف الثاني، يدعو المنهاج اليهود والمسيحيين و"الوثنيين" بـ "الكافرين الأصليين"، ويعلن أن من واجب المسلمين تكفيرهم: "فتكفير هؤلاء واجب، بل إن من لم يكفّرهم أو شك في كفرهم فهو كافر".
في فصل يدرج علامات دنو الساعة، يقول أحد النصوص: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون".
يحذر درس متكرر ومثير للقلق في المنهاج من تقليد أو التعامل مع أو الانضمام إلى "الكافرين" في تقاليدهم وممارساتهم. ترفض إحدى الفقرات وتدين الممارسة الصوفية للاحتفال بالمولد النبوي، وتتهم الصوفية بتقليد المسيحيين، أي "الكافرين"، في احتفالهم بولادة المسيح.
في فصل آخر، " موالاة الكافرين"، يدعو النص المسلمين صراحة إلى اتباع الله، والنبي، وغيرهم من المؤمنين والتعبير عن العداء تجاه الكفار. ويحذر المسلمين من أنه من خلال تقليد "الكفار" أو حتى الانضمام إليهم في احتفالاتهم، يضع المرء نفسه تحت إمكانية اتباعهم، والأسوأ من ذلك، أن يصبح واحدا منهم.
التشهير الرسمي للحكومة السعودية بالمجموعات الدينية الأخرى، إضافة إلى حظرها الممارسة العلنية للأديان الأخرى، يمكن أن يرقى إلى التحريض على الكراهية أو التمييز. ويقتضي القانون الدولي لحقوق الإنسان من البلدان أن تحظر "أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف".
تنص المادة 18 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على ما يلي: " لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة."
قالت ويتسن: "على المسؤولين السعوديين التوقف عن تحقير المعتقدات الشخصية للآخرين. بعد سنوات من الوعود بالإصلاح، يبدو أن التسامح ضئيل في مدارس البلاد".