تحولت سلطنة عمان إلى وجهة سياحية مفضلة للخليجيين هذا الصيف؛ ليس فقط لجمال طبيعتها واعتدال مناخ العديد من مدنها، وإنما أيضاً بعد أن طوق الإرهاب العديد من المدن الأوروبية، وتزايد نسبة مؤشرات "الإسلامفوبيا" ضد العرب والمسلمين.
وتعّد سلطنة عُمان من أكثر الدول العربية اهتماماً بالبيئة، رغم التحديات التي تواجهها في هذا المجال، من جراء تغير نمط الحياة والصعوبات الاقتصادية، وهو ما جعلها مقصداً للسياحة البيئية، وأحد أهم البلدان التي تحظى باهتمام عالمي في هذا السياق.
ونتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها مسقط في هذا الإطار، نجحت في الانضمام إلى قائمة الدول المتقدمة في المجال البيئي من خلال محافظتها على الغطاء النباتي، وأيضاً الحد من صيد الأنواع النادرة من الحيوانات، وسن العديد من القوانين التي تسهم في الحفاظ على نقاء البيئة.
وما يجعل السائح الخليجي يتوجه صوب السلطنة، هو أن عُمان تعد واحدةً من أبرز دول المنطقة العربية والشرق أوسطية بشكل عام من حيث ازدهار السياحة، نظراً لما تحمله من إرثٍ ثقافي وتاريخي عريق، بالإضافة لقربها من العديد من البلدان العربية والآسيوية، إضافة إلى انفتاحها الثقافي التقليدي، وأماكنها التي يمتزج عمقها التاريخي والحضاري مع بساطة الحياة والعيش الخالية من التكلّف.
ومن أكثر المدن التي يقصدها السائح الخليجي مدينة صلالة، وهي ثالث أكبر المدن من ناحية عدد السكان، وتمتاز بجمال طبيعتها، فشواطئها الرملية البيضاء الخلابة تمتد لمسافات طويلة، ومنها شاطئ القرم جنوب صلالة، وشواطئ الخندق، وخور البليد في الجنوب الشرقي، وشاطئ الدهاريز، كما أن هناك عدداً من العيون والأودية على مقربة من المدينة باتجاه الجبل، وتعد من أجمل الأماكن الطبيعية الترفيهية مثل عين جرزيز، وعين رزات، وعين صحلنوت.
وتعزيزاً لدور المدينة السياحي، افتتحت عُمان في يونيو/ حزيران الماضي مطار صلالة الجديد، وهو ما سيعزز فرصة السياحة في هذه المدينة الواعدة التي تمتاز بطقسها المعتدل خلال شهري يوليو/ حزيران وأغسطس/ آب، حيث تنتشر المساحات الخضراء، بالإضافة إلى تساقط الأمطار الموسمية خلال هذه الأوقات من السنة.
محافظة ظفار، العاصمة الثانية لسلطنة عُمان، تعد من الوجهات السياحية المفضلة لدى السياح عموماً، والسائح الخليجي خصوصاً، فهي تقع على الساحل الجنوبي لسلطنة عُمان، وتتميز بالعديد من المقومات السياحية اللافتة، بالإضافة إلى اشتهار المدينة بأنواع عديدة من البخور واللبان وأشجار النارجيل الاستوائية، التي لها ثمرة تشبه ثمرة جوز الهند.
وخصصت العديد من الشركات السياحية في دول الخليج العربية برامج سياحية هذا الصيف لزيارة المدن العُمانية المختلفة، وباتت وجهة يقصدها السائح الخليجي؛ لتشابه العادات والطباع، بالإضافة إلى الخشية من السفر إلى أوروبا في ظل موجة الإرهاب، فضلاً عن اعتدال مناخ العديد من المدن العُمانية.
وفي ظل انخفاض أسعار النفط، وتوجه دول الخليج نحو مشاريع الطاقة البديلة بهدف تنويع مصادر الدخل، يخشى العمانيون من أن التغييرات القادمة نحو التنويع الاقتصادي قد يؤدي إلى اختلال بيئي يصعب ضبطه، خاصة إذا جرى التركيز على قطاعات المعادن والثروة السمكية والسياحة، وهو ما يستوجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وتواجه هذه المشاريع في الوقت ذاته مشكلة نقص الماء، وزيادة المباني السكنية، والأشجار الدخيلة كالمسكيت والكويتي التي تقضي على الأنواع الجيدة من الأشجار، إضافة إلى مشكلة الرعي الجائر.
مسقط أنشأت مؤخراً حديقة للنباتات العمانية، بهدف غرس أكثر من عشرين ألف شجرة نادرة، إضافة إلى غرس مليون نخلة، والتوسع في زراعة أشجار اللبان، وزيادة المحميات الطبيعية، لتكون بذلك إحدى أهم الوجهات السياحية الواعدة بالنسبة إلى دول الخليج والعالم.
وما يميز السياحة في السلطنة عن باقي دول العالم، والخليج خصوصاً، وجود أكثر من 1212 نوعاً من النباتات المحمية، وكثير منها غير موجودة في أي بلد في العالم، كما أن هناك أكثر من 90 نوعاً من النبات، منها 57 نوعاً غير موجود خارج محافظة ظفار، بحسب رئيس الجمعية العمانية للبيئة، حمد الغيلاني.
وفي وقت سابق، قال وزير السياحة العُماني أحمد ناصر المحرزي إن عُمان تهدف من خلال استراتيجيتها السياحية إلى أن تفتح فيها السياحة للاستثمارات الأجنبية، وتستفيد من موقعها بمضيق هرمز الهام كمرفق سياحي، متعهداً بتحويل البلاد إلى "نرويج الخليج".
وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بلغ عدد السياح القادمين إلى السلطنة مليونين و200 ألف زائر، وسجل شهر أكتوبر/ تشرين الأول وحده 213 ألف زائر، في حين بلغ إجمالي عدد الزوار المغادرين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 435 ألف زائر، وفق الإحصاءات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
واحتل الزوار الخليجيون من غير العُمانيين المرتبة الأولى، مشكلين بذلك نسبة 39.4% من إجمالي عدد الزوار القادمين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2015، حيث بلغ عددهم 84 ألف زائر، كما جاءت الهند وبريطانيا في المراتب الثانية والثالثة خلال نفس الشهر، مشكلين ما نسبته 11.4% و7.1% على التوالي.
وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، بلغ عدد الزوار الخليجيين 949 ألفاً و63 زائراً، وبلغ عدد الزوار من الهند 237 ألفاً و305، وبريطانيا 120 ألفاً و99 زائراً، والعُمانيين (المقيمين خارج السلطنة) 110 آلاف و393 زائراً، والألمان 77 ألفاً و345 زائراً.
ومن خلال المشاريع السياحية والاقتصادية في الخطة الخمسية الحالية، تسعى عُمان إلى تلبية كل متطلبات السائح الخليجي بصورة خاصة، وباقي دول العالم بشكل عام، حيث وضعت الحكومة برامج استثمارية واقتصادية تهدف إلى تعزيز دور السياحة، وذلك تماشياً مع خطة البلاد لتعدد مصادر الدخل.
ياسين السليمان - الخليج أونلاين-