عاد مرة أخرى، الدعم الخليجي إلى مصر، بعد توقف دام قرابة العام.
وأعلنت الإمارات، أمس، أنها قدمت وديعة مالية لمصر، قدرها مليار دولار، لدى البنك المركزى المصرى، تسدد على 6 سنوات، في إطار الدعم والتعاون والتنسيق الاستراتيجى بين البلدين.
وسبق إعلان الإمارات، تصريح من وزيرة التعاون الدولي المصرية «سحر نصر»، قبل أيام، قالت فيه إن «بلادها وقعت على اتفاقية مع السعودية قبل شهرين، للحصول على وديعة بقيمة ملياري دولار».
المساعدات السعودية الإماراتية، جاءت بعد توقف للدعم الخليجي لمصر منذ بداية العام، حيث أعلن «طارق عامر» محافظ البنك المركزي، الشهر الماضي، أن بلاده لم تحصل على أي منح أو مساعدات، هذا العام.
تأمين القرض
وجاءت هذه الودائع، بعد أيام من إعلان مصر موافقة صندوق النقد الدولي، على قرض بقيمة 12 مليار دولار، يتم استلامهم على 3 دفعات متساوية.
وقال الصندوق إن تنفيذ الاتفاق يتوقف على جمع مصر تمويلات إضافية من جهات أخرى غير الصندوق في العام الأول.
وقدر الصندوق المبلغ المطلوب بما بين 5 و6 مليارات دولار، من خلال اتفاقيات ثنائية في السنة الأولى من برنامج الإصلاحات، لتتمكن من الحصول على الدفعة الأولى من قرض الصندوق.
الشريحة الأولى البالغة 2.5 مليار دولار، والمقرر أن تصل مصر في سبتمبر/
أيلول المقبل، استلزمت سعى القاهرة نحو انهاء اتفاقها مع السعودية والإمارات، لتوفير جزء من هذا التمويل، بحسب مراقبين.
كما تنتظر القاهرة، الحصول على مليار دولار من البنك الدولي، كشريحة أولى من قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار بمجرد إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، فضلا عن حصولها قبل نهاية هذا العام، على الشريحة الثانية من قرض البنك الأفريقي للتنمية بقيمة 500 مليون دولار.
تعويم الجنيه
هذه الودائع، تأتي أيضا في إطار الحديث أن البنك المركزي سيتخذ قرارا بخفض قيمة الجنيه المصري إلى أن هناك حالة من إحجام المتعاملين عن بيع العملة الخضراء، لتوقعهم ارتفاع سعره خلال الفترة المقبلة.
وكان محافظ البنك المركزي، قد شدد خلال تصريحات سابقة له، على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه «كان خطأ» وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها، قائلا «لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة»، وأن «انخفاض الجنيه له إيجابيات لتنمية الصادرات، لا نستهدف سعرا معينا للعملة ولا نخضع لإملاءات الخارج».
من جانبه، قال «أحمد كوجك» نائب وزير المالية لصحيفة «المال» المصرية، إن صندوق النقد سيساعد مصر على جمع التمويلات الإضافية عن طريق مخاطبة دول الخليج والشركاء الأوروبيين.
علاقة غير مستقرة
الوديعة الإماراتية، الذي أعلن أنه ستكون بقيمة مليار دولار، تأتي منخفضة عما أعلن عنه سلفا في أبريل/ نيسان الماضي، عندما أعلنت أبو ظبي، أنها ستودع ملياري دولار في المركزي المصري، كوديعة.
هذا الانخفاض يأتي متسقا مع المواقف الإماراتية خاصة، والخليجية عامة، خلال الفترة الأخيرة، خاصة عندما نقلت الأسبوع الماضي، مصادر دبلوماسية إماراتية، قولها إن أبوظبي باتت تشعر بالقلق جراء تباطؤ الإصلاحات الاقتصادية في مصر.
كما أن إغلاق المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، الذي تموله أبوظبي، منتصف الشهر الجاري، جاء ليسير في نفس اتجاه المؤشرات السابقة.
وكانت مجلة «إيكونوميست» البريطانية، كشفت الشهر الجاري، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، سحبت مستشاريها الذين كانوا يعاونون النظام المصري، بعدما فقدوا صبرهم بسبب قصور الحكومة المصرية.
جاء ذلك في تقرير لها، بعنوان «تخريب مصر»، أشارت فيه إلى أن الداعمين العرب الذين كانوا يقدمون المال لـ«السيسي» فقدوا الصبر، على ما يبدو.
وأوضحت «إيكونومست»، أن السبب الذي دعا الإمارات لسحب مستشاريها، هو أن هؤلاء «المستشارين شعروا بالإحباط من البيروقراطية المتحجرة في مصر»، مشيرة إلى أن «القيادة المصرية، على ما يبدو، لا تريد النصيحة من الخليجيين المغرورين من أصحاب شبه الدول، الذين يتلاعبون بالمال مثل الأرز، كما قال السيسي ومساعدوه في أشرطة مسربة».
هذا التوتر، دفع الأكاديمي الإماراتي «عبدالخالق عبدالله» أحد مستشاري «محمد بن زايد» ولي عهد أبو ظبي، للكشف عن أن عواصم خليجية (لم يحددها)، نصحت «السيسي»، بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية في 2018.
إعلان «عبدالله»، جاء بعد اتهام مجلة «إيكونوميست»، لـ«السيسي» بأنه سبب خراب اقتصاد مصر.
البديل من وجهة نظر «عبد الله»، ذكره في تغريدة، قال فيها: «مصر فيها رجال محنكين وبصفاته زعامية والشعب المصري يقرر»، ما يمكن اعتبار أن الوديعة الإماراتية تأتي دعما لمصر وليس «السيسي».
وواصل «عبدالله» انتقاده لـ«السيسي»، مشيرا إلى أن حكومته تمتلك موارد لكنها تعاني من سوء الإدارة، وقال في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»: «في مصر 141 منجم ذهب و191 حقل نفط وعاشر أكبر احتياط غاز وثلثي آثار العالم وأكبر بحيرة صناعية الخ، لا يوجد نقص موارد بل سوء إدارة في مصر».
وتأتي هذه الخطوة، للتأكيد أن الموقف الإماراتي من مصر لا يمكن اختذاله في شخص «السيسي»، وإنما له ما هو أبعد في نظام ما بعد انقلاب يوليو/ تموز 2013.
هذا ما عبر عنه «السيسي» نفسه، في حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية، أمس، حين قال «العلاقة التي تربط مصر بالسعودية والإمارات مستقرة وثابتة».
صمت سعودي وتجاهل كويتي
السعودية من جانبها، ملتزمة الصمت تجاه مصر، منذ مغادرة الملك «سلمان بن عبد العزيز»، القاهرة في أبريل/ نيسان الماضي، وسط دفاع حكومي رسمي وإعلامي لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين.
مصادر خاصة، كشفت أن الملك «سلمان»، رفض خلال زيارته للقاهرة تقديم منح ومساعدات لمصر، وأصر أن يكون دعم المملكة لمصر في صورة استثمارات بمشروعات مدروسة ومحددة.
أما الكويت، فهي غائبة تماما في الأزمة الاقتصادية المصرية، حتى أنها لم يعد لها اسم يذكر منذ المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مارس/ آذار 2015، عندما أعلن عن تقديمها 4 مليارات دولار لمصر.
المليارات الكويتية، المقسمة بالتساوي بين الودائع والاستثمارات، لم تصل، ولا يعرف لها موعد وصول، في ظل ما تعانيه الميزانية الكويتية من عجز، وما يشهد مجلس الأمة الكويتي من معارضة للدعم الحكومي لمصر.
وقدمت دول الخليج مليارات الدولارات دعما للنظام المصري في أعقاب الانقلاب العسكري في 2013، على رأسها السعودية بـ8 مليارات دولار، تليها الإمارات بـ6 مليارات، ثم الكويت بإجمالي 5 مليارات، بحسب «البنك المركزي المصري».
إسلام الراجحي- الخليج الجديد-