أشرف كمال - الخليج أونلاين-
في خطوة جديدة على طريق توسيع قاعدة الاستثمارات السعودية في السوق المصرية، استحوذت شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة على حصص في شركات حيوية ستعزز الحضور السعودي في الاقتصاد المصري.
وكان الصندوق السيادي السعودي قال في وقت سابق إنه يعمل على توسيع نشاطه في السوق المصرية؛ لكونها واحدة من الأسواق الواعدة في القارة الأفريقية، وبالمثل تفعل العديد من الصناديق الإماراتية.
وتقول الحكومة المصرية إنها تعتمد على عمليات البيع لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتدعيم الثقة بالاقتصاد الوطني، إلا أن كثيراً من الانتقادات توجه لعمليات البيع التي تتم غالباً عبر اتفاق بين طرفين وليس من خلال الطرح العام.
ففي (10 أغسطس 2022) قالت "الشركة السعودية المصرية للاستثمار"، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، إنها استحوذت على حصص في 4 شركات مصرية مدرجة بالبورصة مقابل 24.89 مليار جنيه (حوالي 1.3 مليار دولار).
وشملت الصفقة استحواذ الشركة على 25% من "إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية"، و19.82% من شركة "أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية"، و25% من "موبكو للأسمدة"، و20% من "الإسكندرية لتداول الحاويات".
وجاء الإعلان عن الصفقة الجديدة بعد أقل من أسبوع واحد على تأسيس "الشركة السعودية المصرية للاستثمار"، التي أُسست في 5 أغسطس 2022.
وقال الصندوق السعودي في بيان عند إطلاق الشركة إنها تستهدف الاستثمار في عدد من القطاعات، ومن ضمنها البنية التحتية والزراعة والصناعة والدواء والخدمات المالية.
شركات مهمة
وقالت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، في بيان (10 أغسطس)، إن الصفقات التي أبرمتها تتماشى مع استراتيجيتها الرامية للاستثمار في عدد من القطاعات الواعدة بمصر، بوصفها إحدى أهم الأسواق الاقتصادية في أفريقيا.
من جهتها، قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيسة مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، هالة السعيد، في بيان (10 أغسطس 2022)، إن الصفقة الأخيرة مع الصندوق السعودي تندرج ضمن خطة مصرية لتوسيع قاعدة الملكية وتحفيز المستثمرين الأجانب.
وفي مارس 2022، وقّعت الرياض اتفاقاً مع القاهرة لاستثمار ما يصل إلى 10 مليارات دولار في مصر عبر صندوق الاستثمارات العامة المملوك للحكومة السعودية.
وتقدّر الأصول التي يديرها الصندوق السعودي بـ620 مليار دولار، وهو السادس في الترتيب العالمي، وتطمح الرياض إلى الوصول بهذا الرقم إلى 2.6 تريليون دولار.
ويدير الصندوق أكبر عمليات الاستحواذ التي تقوم بها المملكة في أنحاء العالم بدءاً من شركات الألعاب الإلكترونية، مروراً بشركات الأدوية والذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى شركات الطاقة والمدفوعات.
في يونيو الماضي، قال رئيس مجلس الأعمال المصري السعودي، بندر العامري، لقناة "الشرق" السعودية إن الرياض تستهدف الوصول باستثماراتها في مصر إلى 50 مليار دولار قبل نهاية العام الجاري.
وخلال زيارة أجراها ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، للقاهرة منتصف يونيو المنقضي، أبرم البلدان 14 مذكرة تفاهم تصل قيمتها إلى 7.7 مليارات دولار.
ويقدّر حجم الاستثمارات السعودية في مصر بنحو ثلاثين مليار دولار وفق تصريح لوزير التجارة السعودي ماجد القصبي، على هامش زيارة "بن سلمان" للقاهرة.
صفقات مهمة للجانبين
يقول إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "مباشر كابيتال"، لقناة "الشرق" السعودية، إن الصفقات الجديدة "ستعطي إشارات إيجابية للسوق المصرية لأنها استثمارات طويلة الأجل وليست مجرد قروض".
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي المصري، عبد النبي عبد المطلب، أن الشركات محل البيع تعتبر من أهم الشركات العاملة في مصر وأنها تحقق أرباحاً كبيرة سنوياً.
وأضاف عبد المطلب، في تصريح لـ"الخليج أونلاين": "عندما يقوم أحد الملاك بطرح كافة أسهمه في البورصة، فإن هذا يعني انهيار هذه الشركة بالكامل في لحظة الطرح حتى لو كانت حصته 3% من الأسهم، ومن ثم فإن ما يجري ليس طرحاً، وإنما هو اتفاق بين القاهرة والرياض على بيع حصة الأولى التي تزيد عن ربع أسهم بعض الشركات".
ووفقاً للخبير المصري، فإن شركة "موبكو" هي رائدة تصنيع الأسمدة فى مصر، وتمتلك الحصة الكبرى من السوق المحلية، وقد بلغ صافي أرباحها عام 2021 نحو 4.79 مليارات جنيه (25 مليون دولار).
وقال عبد المطلب: "من الطبيعي أن تكون الشركة جاذبة لأي مستثمر يريد الربح، كما أن من يسيطر على "موبكو" سيضمن التحكم في سوق الأسمدة ويرسم خارطة الحياة الزراعية المصرية مستقبلاً".
أما شركة "إي فاينانس" فهي أهم شركات المدفوعات في مصر، وهي تستحوذ على كافة المدفوعات الحكومية، وقد حققت أرباحاً تزيد على مليار جنيه (52 مليون دولار) خلال العام الماضي، ومن المتوقع زيادة أرباحها خلال العام الجاري، وفق الخبير المصري.
وأضاف عبد المطلب: "من يستحوذ على هذه الشركة سيضمن مرور كافة المدفوعات الحكومية المصرية من خلاله، وهي مدفوعات بمئات ملايين الدولارات سنوياً".
أزمة سيولة
هذه الاستحواذات المتتالية تأتي في وقت تُجري فيه مصر منذ مارس 2022 محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، ويقول خبراء إن الصفقات الجديدة تدفع باتجاه تمرير القرض لكونها تعزز الثقة بالاقتصاد المصري.
تمثل الصفقة أكثر من خُمس الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال 2020-2021.
وفي أبريل الماضي، استحوذت شركة "Saudi Seventh Investment Company" التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصة إضافية تعادل 6.5% من أسهم شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية "راميدا" بقيمة 135.2 مليون جنيه (7 ملايين دولار).
وبعد هذه الصفقة زادت حصة الشركة السعودية في "راميدا"، وهي من شركات الدواء الرائدة في مصر، من 4.51% إلى 11.01%.
ويسعى صندوق الاستثمارات العامة إلى الحصول على حصة في شركة "وطنية" لتوزيع مواد الوقود، المملوكة للجيش المصري، والتي تعتبر أكبر الشركات المصرية العاملة في مجال توزيع منتجات الوقود.