متابعات-

تتمتع السعودية والأردن بعلاقة جيدة ومستقرة مؤخراً، مدفوعة بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، بحكم الجوار الجغرافي، وحجم الاستثمارات والتبادل التجاري الذي يتزايد خلال الآونة الأخيرة.

وفتحت السعودية صفحة جديدة في التعاون الاقتصادي مع الأردن أثناء الزيارة التي وصفت بـ"التاريخية" لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى عمّان، في يونيو الماضي، بتوقيع حزمة من الشراكات التي من المتوقع أن تعزز العلاقات بين أوساط الأعمال في البلدين.

وللسعودية ما يزيد على 14 مليار دولار من الاستثمارات بالسوق الأردنية في قطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة والقطاع المالي والتجاري والإنشاءات السياحية. وكانت قد أنقذت الأردن ذات مرة بضخ السيولة، لكنها أوقفت الدعم المباشر للموازنة، فهل تزيد من استثماراتها؟ وما العوائق التي تواجهها؟

تطلع أردني

يعمل الأردن جاهداً على جذب مزيد من الأموال إلى أراضيه، ويجد في السعودية أقرب الدول للحصول على مراده منها، حيث أعرب رئيس مجلس الأعيان الأردني، فيصل الفايز، عن تطلّعه إلى زيادة الاستثمارات السعودية في مختلف القطاعات.

وبحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، فقد التقى الفايز بمكتبه في دار مجلس الأعيان بالعاصمة عمّان، يوم الأحد الماضي، بسفير السعودية لدى البلاد نايف بن بندر السديري، وبحث الجانبان العلاقات الأخوية التي تربط البلدين.

وقال الفايز: إن "الأردن يعتز بالمستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية"، مضيفاً: أن "العلاقات الأردنية السعودية تقوم على أسس راسخة وثابتة، وعلى الاحترام المتبادل والتنسيق المشترك، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين".

وأشاد الفايز بدعم السعودية ومساندتها لبلاده في مختلف المجالات، معرباً عن تطلُّعه إلى زيادة الاستثمارات السعودية في الأردن بمختلف القطاعات.

14 مليار دولار

تعتبر السعودية من أكبر الدول استثماراً على الأراضي الأردنية، حيث كشف تقرير اقتصادي أن حجم الاستثمارات السعودية في الأردن بلغ نحو 14 مليار دولار أمريكي، وذلك من خلال نحو 900 مشروع.

التقرير أصدره اتحاد الغرف التجارية السعودي في يونيو الماضي (2022) بمناسبة زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، لعمّان، مشيراً إلى أن السعودية تعد أول شريك تجاري للأردن ومن كبرى الدول المستثمرة فيه، حيث تتركز استثماراتها بقطاعات السياحة والمالية والتجارة والرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم والخدمات اللوجيستية والنقل والطاقة والاتصالات وتقنية المعلومات.

وأكد التقرير أن العلاقات الاقتصادية السعودية - الأردنية تستند إلى قاعدة متينة من الأطر المؤسسية المتمثلة في اتفاقيات التعاون الاقتصادي، واللجنة السعودية - الأردنية المشتركة، ومجلسي التنسيق والأعمال، التي تمثل جميعها أدوات مهمة لتطوير مجالات وفرص التعاون بين البلدين على جميع الأصعدة.

وأوضح التقرير أن الاستثمار السعودي في سوق عمّان المالي يحتل المرتبة الأولى من بين الاستثمارات العربية والأجنبية في الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمّان بما قيمته 1.4 مليار دولار، مقابل 608 ملايين دولار استثمارات أردنية في السعودية، لافتاً إلى أن الصادرات السعودية للسوق الأردنية تبلغ 11.6 مليار ريال (3.09 مليارات دولار)، مقابل 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار) واردات أردنية.

خصوصية بين البلدين

يرى المحلل الاقتصادي الأردني نمر أبو كف أن "العلاقات الأردنية السعودية ذات خصوصية كبيرة، وذلك لاعتبارات كثيرة، وفي مقدمة ذلك امتلاك البلدين حدوداً طويلة بينهما، والترابط القبلي والعشائري".

ويؤكد أن الأردن يعاني من تضخم كبير في الاقتصاد، مشيراً، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن السعودية "معنية تماماً باستقرار الأوضاع في الأردن، على الرغم من بعض التجاذبات بين الجانبين".

وعن المصلحة التي تبحث عنها السعودية من خلال الاستثمارات، يقول أبو كف: "هناك مصلحة مشتركة بين البلدين حيث إن السعودية بلد لديها اقتصاد كبير وتبحث عن أي فرصة للاستثمار، وأحياناً تهدف لتحقيق أهداف سياسية من ورائه".

وعن الدوافع والعوامل التي قد تدفع الرياض للاستثمار في الأردن، أشار إلى أنه "ربما هناك توجيهات أمريكية لدعم الأردن، وتنشئة الاقتصاد إلى شكل معين".

ويضيف: "السعودية أيضاً معنية تماماً بنظام الحكم في الأردن، لأن الاستقرار في الأردن هو استقرار للسعودية، فهي تسعى لاستقرار الوضع السياسي والاقتصادي فيها حتى لا تتضرر هي من ذلك".

وتابع: "السعودية في النهاية تبحث عن مصالحها، ومن بينها ألا يتوجه الأردن إلى دول أخرى كإيران التي يعاني اقتصادها".

كما يؤكد أن السعودية تبحث عن تحالفات في المنطقة، والأردن- حسب قوله- "ضمن هذه التحالفات، خصوصاً لامتلاك الأردن جيشاً منظماً واحترافياً، ولعل زيارة الأمير محمد بن سلمان قد دفعت باتجاه تقوية العلاقات بين البلدين خصوصاً في المجال الاقتصادي".

وعن العوائق، يقول إنه بالنسبة للرياض ليس ثمة أي عوائق، لكن حسب رأيه فإن العوائق لدى الأردن، موضحاً: "الاستثمارات لن تحل كثيراً مشكلة الأردن الاقتصادية".

ويرجع ذلك إلى أنه في حال قدمت السعودية مزيداً من الاستثمارات "فإن المشكلة لن تحل بشكل كبير، بسبب أن هناك قضية أكبر وأعمق داخل الاقتصاد الأردني فهو بحاجة إلى ضخ مباشر  وإنعاش عاجل، فيما الاستثمارات طويلة الأمد ونتائجها ليست منظورة".

استثمارات جديدة واتفاقيات

ولعل السعودية غير مكتفية بما طرحته من استثمارات في الأردن، بل ترغب في مزيد من الاستثمارات خلال الفترة القادمة، وهو ما جاء من تصريحات على لسان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي الأردني للاستثمار عمر الور.

وقال، في يونيو الماضي، في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، إن حجم الالتزام العام للصندوق يبلغ 3 مليارات دولار للاستثمار المباشر في الأردن، مضيفاً أن المساهم الرئيسي هو صندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 92%، وباقي الحصة تأتي من 16 بنكاً أردنياً.

وذكر أن توقيع اتفاقية مشروع في قطاع الرعاية الصحية يأتي كشراكة حقيقية بين الأردن والسعودية لتأسيس منبر علمي للأردن والمنطقة بالشراكة مع مستشفيات جامعة كاليفورنيا، ومستشفيات جامعة لندن.

وخلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الأردن في يونيو، تم التوقيع أيضاً على اتفاقيات تطوير عقاري بين مجموعة الشغدلي لتطوير المشاريع السياحية والتجارية والخدمية والمقاولات الإنشائية السعودية وشركة المتحدون للقانون والتحكيم الأردنية، وأخرى بين هيئة الطاقة الذرية الأردنية ممثلة بالمفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب مع شركة النظائر الحديثة للتصنيع السعودية.

كما تم توقيع عقد بين شركة كيمياء ينبع للصناعة (كيميان) السعودية والشركة الهندية الأردنية لتوريد حمض الفوسفوريك لإنتاج مدخلات الأعلاف الحيوانية، واتفاقية بين شركة البركة للاستيراد والتصدير، مع مجموعة درة الهايل للمنتجات الورقية.

كما وُقعت اتفاقية تعاون لمعالجة نفايات وبقايا عصر الزيتون بين مصنع نقاء الزيتون السعودي وشركة الأخطبوط التجارية الأردنية، واتفاقية بين شركة أسمنت المنطقة الشمالية السعودية وشركة النجوم البيضاء لاستثمارات التعدين الأردنية.

كما تم توقيع اتفاقية بين شركة الكرم لصناعة السجاد والموكيت الأردنية، وشركة الموركي وبلخدر المحدودة السعودية. ووقعت شركة منصة عمرة واي السعودية مذكرة تفاهم مع شركة مدريد للحج والعمرة الأردنية.