حمدان خان/ مودرن بوليسي - ترجمة الخليج الجديد-
اعتبر حمدان خان، مسؤول الأبحاث في معهد الرؤية الاستراتيجية بإسلام آباد، أن تركيز دول الخليج العربية على تنويع اقتصادياتها بجانب النفط منح الصين نفوذا سياسيا ظهر في وساطتها الناجحة بين السعودية وإيران.
وفي 10 مارس/ آذار الجاري، وقّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) في بكين اتفاقا لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران وقنصليتها في مشهد، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.
خان أضاف، في تحليل نشره موقع "مودرن بوليسي" الأمريكي وترجمه "الخليج الجديد"، أن "بكين وجدت نفسها في وضع جيد بشكل فريد للتوسط في انفراج بين السعودية وإيران نظرا لعلاقاتها الودية مع البلدين، وهي ميزة تفتقر إليها الولايات المتحدة بسبب عداءها الطويل مع إيران".
وتابع: "منذ الارتفاع الهائل في أهمية الشرق الأوسط بسبب اكتشاف النفط، كانت الولايات المتحدة لاعبا قويا لا غنى عنه في المنطقة، لكنها سئمت من الاشتباكات العسكرية المستمرة منذ عقود في المنطقة والتكيف مع بيئة جيواستراتيجية عالمية متغيرة".
وأردف أن "واشنطن اختارت تقليص النفقات في الشرق الأوسط في محاولة لإعادة توجيه أولوياتها نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ لمواجهة نفوذ الصين المتزايد، ومؤخرا نحو أوروبا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (منذ 24 فبراير/ شباط 2022)".
تقدم صيني ثابت
في المقابل، "وبفضل طموحاتها الاقتصادية والتكنولوجية، كانت دول الخليج تقدم مبادرات إلى الصين لتوسيع علاقتها متعددة الأوجه، وهو اتجاه سرعته العلاقات الفاترة بين إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن وبعض الملوك العرب"، وفقا لخان.
وأوضح أنه "خلال العقود القليلة الماضية، حققت الصين تقدما ثابتا في الشرق الأوسط، فهي أكبر شريك تجاري واستثماري لدول الشرق الأوسط، وتشتري نفطا من المنطقة أكثر من أي دولة أخرى".
وتابع: "كما وقّعت جميع دول الشرق الأوسط تقريبا على مبادرة الحزام والطريق الصينية (التنموية)، وبما أن الملوك العرب يهدفون إلى تنويع اقتصاداتهم بعيدا عن الاعتماد على عائدات النفط، فإنهم يعتمدون بشكل كبير على الصين بفضل الاستثمارات المهمة والتحديثات التكنولوجية".
ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، مشروع بناء طرق ومرافئ وسكك حديدية ومناطق صناعية في 65 بلدا تُمثل 60% من سكان العالم، وتوفر حوالي ثلث إجمالي الناتج العالمي.
واستطرد خان: "وأسفر النفوذ الاقتصادي المتنامي عن نفوذ سياسي مهم للصين في الشرق الأوسط، لكن حتى وقت قريب كانت بكين حذرة بشأن المغامرة علنا بالدخول إلى الساحة السياسية".
لاعب سياسي مؤثر
خان قال إنه "في المخطط الصيني الأكبر للاقتصاد الجغرافي الذي تم تحديده من خلال مبادرة الحزام والطريق، يعد الشرق الأوسط من بين المجالات الجغرافية الأكثر أهمية، حيث يتطلع إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا".
وتابع أن "التنافس الحاد بين السعودية وإيران قوض طموحات الصين الاقتصادية في المنطقة، وبالتوسط في الانفراج بين البلدين لا تهدف بكين إلى تحقيق أهدافها الاقتصادية فحسب، بل أعلنت أيضا عن نفسها كلاعب سياسي مؤثر في المنطقة بديلا عن الولايات المتحدة".
وأضاف أنه "مع دخول الولايات المتحدة بالفعل في منافسة مريرة مع الصين في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، فإن الدبلوماسية هي مجرد جبهة أخرى، حيث تتنافس بكين لاقتطاع حصتها من الدبلوماسية الدولية، التي كانت تهيمن عليها واشنطن".