طه العاني - الخليج أونلاين-
تكتسب الاستثمارات المتبادلة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي أهمية استراتيجية خاصة؛ بالنظر للموقع الجغرافي الحيوي الذي تتمتع بهذه هذه الدول، إذ تعد هذه المنطقة واحدة من أهم مناطق الإنتاج والتجارة والنفط في العالم.
وتسهم الاستثمارات المشتركة بين دول الخليج وإيران في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدان، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
استثمارات واعدة
وتسعى السعودية والإمارات لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران بعد سنوات من الخلاف السياسي، وسط رغبة مشتركة لتحقيق استقرار المنطقة وتنمية الاقتصاد.
وأعربت السعودية، على لسان وزير المالية محمد الجدعان، عن رغبتها في الإسراع بتدشين استثمارات للمملكة في إيران، في أعقاب الاتفاق الأخير الذي أعلنه البلدان، في 10 مارس 2023، من العاصمة الصينية بكين.
وكانت شركة العوجان القابضة المرخّصة من شركة "نيكولز" البريطانية لإنتاج شراب "فيمتو" واحدة من أبرز الشركات السعودية الصناعية التي تستثمر في إيران منذ عام 2005، وقدّرت استثمارات مجموعة "صافولا" السعودية في إيران بـ 7.36% من إجمالي استثمارات الشركة، وكانت تهيمن على 40% من حصة سوق زيوت الطعام الإيرانية.
وعلى صعيد آخر كشفت إيران، في مارس 2022، عن جذب استثمارات إماراتية جديدة بقيمة 300 مليون دولار، ويصل التبادل التجاري بين البلدين حالياً إلى 15 مليار دولار سنوياً، وفق وكالة "إرنا" الإيرانية.
وبحسب معهد دول الخليج العربية في واشنطن، بلغت قيمة استثمارات إيران في الإمارات عام 2015 نحو 200 مليار دولار، فيما تستعد الإمارات لاستثمارات كبيرة بمجالات النقل والموانئ والبنية التحتية في إيران.
ترحيب إيراني
وتعرب إيران عن استعدادها للتعاون الكامل مع المستثمرين الخليجيين، وتقديم تسهيلات لهم، في وقت تعاني فيه طهران من حصار غربي مشدد ومشاكل اقتصادية متفاقمة.
وأعرب نائب الرئيس الإيراني علي محسن رضائي، في أكتوبر 2022، عن ترحيبه بالاستثمارات القطرية في المجالات التجارية والزراعية والصناعية وغيرها.
ويخطط البلدان للوصول إلى تنمية تجارية بمليار دولار بينهما، تشمل توفير المواد الغذائية والمنتجات التي يحتاجها السوق القطري، وتوفير الأمن الغذائي، واستثمار قطر في قطاع الزراعة الإيراني، والتعاون الصناعي، وتصدير السجاد والحرف اليدوية، وغيرها من المنتجات، وإنشاء مركز أعمال في قطر وغير ذلك.
ويشير مراقبون إلى أن استثمار قطر في إنشاء ميناء ذكي مشترك في بوشهر جنوبي إيران، الذي كشف عنه في نوفمبر 2022، هو خطوة مهمة في التعاون الاقتصادي بين طهران ودول الخليج.
وتستعد سلطنة عُمان وإيران لتدشين مزيد من الاستثمارات الضخمة في القطاع الصناعي والصحي والسياحي، إضافة إلى القطاعين التعليمي والتعديني، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين عُمان وإيران 1.3 مليار دولار على أساس سنوي.
ومن المرجح ان يسهم التقارب الخليجي في استئناف الاستثمارات مع بقية دول الخليج وتوسيعها، حيث تتركز الاستثمارات الكويتية في إيران بحقول النفط والصناعة والزراعة، في حين دشنت البحرين في الماضي، شراكة مصرفية مهمة مع طهران من خلال بنك المستقبل الإيراني في المنامة، وغير ذلك من الشراكات.
فرص متنوعة
وتتوفر فرص استثمارية كبيرة بين الجانبين، حيث تمتلك إيران ودول الخليج الست موارد اقتصادية وطبيعية ضخمة، وتتطلع هذه الدول إلى استغلال تلك الموارد بشكل أفضل، وتحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية.
ويبلغ حجم السوق الإيراني أكثر من 90 مليون مستهلك، إضافة إلى عضوية طهران في تحالفات اقتصادية كبرى قوامها نحو 500 مليون مستهلك، ما يجعلها أرضية خصبة لاستثمارات متنوعة.
ويعد الاستثمار في القطاع الزراعي، خاصة في القمح والذرة، من الاستثمارات المهمة، حيث توجد أراضٍ جاهزة يمكنها توفير ما يزيد عن 5 ملايين طن من القمح، وهو ما يحقق الاكتفاء الذاتي للدول العربية والإسلامية، وفق تصريحات إيرانية رسمية.
كما تمتلك إيران ثروة طبيعية كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، وهذا يوفر لدول الخليج كثيراً من الفرص الاستثمارية الكبيرة في مجال الطاقة والصناعات التحويلية.
وفي المجال السياحي تعتبر إيران من البلدان الغنية بالتاريخ والحضارة والطبيعة، ويمكنها استقطاب السياح الخليجيين، ويمكن للشركات الخليجية الاستثمار في مجال السياحة بإيران.
كما توجد فرص استثمارية هائلة في مجال النقل واللوجستيات في إيران، حيث تتوفر فرص للشركات الخليجية للاستثمار في مجالات مثل الشحن الجوي والبحري والبري، وكذلك تطوير البنية التحتية للنقل في البلاد.
إلى ذلك يوجد كثير من المجالات الاستثمارية الأخرى في قطاع العقارات والصناعات الغذائية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة النظيفة، وغير ذلك.
انفتاح واسع
ويقول الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي: إن "التهدئة وعودة العلاقات الدبلوماسية والاتفاقات الاقتصادية ما بين السعودية وإيران ستفتح باباً كبيراً لزيادة الاستثمارات في منطقة الخليج العربي وإيران".
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن "الاتفاق الأخير يمهد للشركات الاستثمار في حقل الشمال الواصل ما بين قطر وإيران للغاز بنصفه الآخر، الذي يقع في المياه الإيرانية، والذي تسعى طهران بشكل حثيث للاستثمار فيه، بالإضافة إلى حقل الدرة النفطي المتنازع عليه ما بين إيران والسعودية والكويت".
ويرى الشوبكي أن "البيئة الاستثمارية في الخليج العربي ستكون أكثر أماناً مع الاتفاق الجديد الذي سيعطي موثوقية ودرجة ائتمانية أعلى للاستثمارات داخل منطقة الخليج العربي، خاصة السعودية، التي شهدت هجمات على حقولها النفطية، في سبتمبر 2019".
ويبيّن أن أبرز "الفرص الاستثمارية لدول الخليج في إيران يمكن أن تكون في حقول النفط والغاز وأنابيبها، وموانئ تصديرها، ووسائل نقلها، كالسفن الناقلة أو البنية التحتية، وكذلك هنالك فرص للاستثمار في البتروكيماويات وإنشاء مصافٍ في إيران من قبل شركات النفط السيادية في الخليج العربي".
ويعتقد الشوبكي أن "الاستثمارات الإيرانية في دول الخليج قد تكون محدودة نتيجة اختلاف التقنيات والتكنولوجيا المتقدمة التي تستخدمها دول مجلس التعاون في شركاتها، بينما تستخدم إيران تقنيات الشرقية في معظمها تقنيات أقل تطوراً".