طه العاني - الخليج أونلاين-
تتجه المملكتان السعودية والمغربية إلى تدشين صندوق استثماري مشترك، بهدف توسيع فرص التعاون الاستثماري وتمويل المشاريع المشتركة ورفع التبادل التجاري، بما يعزز التطوير الاقتصادي في البلدين.
وإلى جانب المنافع الاقتصادية الكبيرة، من المرجّح أن يسهم الصندوق المشترك في تنمية العلاقات الثنائية وتقوية أواصر التقارب بين البلدين.
نافذة موحّدة
وتقترب الرياض والرباط من إعلان تأسيس صندوق الاستثمارات المشترك بهدف دعم الشركات المتوسطة والصغيرة للتصدير والاستثمار في البلدين، ورفع حجم التجارة البينية.
ونقلت قناة "الشرق بلومبيرغ"، في 8 مايو 2023، عن رئيس مجلس الأعمال المغربي السعودي خالد بنجلون، قوله إن القطاعين العام والخاص من البلدين، يشاركان في تأسيس الصندوق بما في ذلك البنوك المغربية؛ "التجاري وفا بنك"، و"البنك الشعبي"، و"القرض الفلاحي للمغرب"، و"بنك أفريقيا"، إلى جانب البنك السعودي للاستثمار، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
وأوضح بنجلون، عقب اجتماع مجلس الأعمال في الدار البيضاء، أن الصندوق سيكون بمنزلة "شباك موحد لتسهيل الإجراءات التمويلية واللوجستية لدعم توجه الشركات للتصدير والاستثمار بين البلدين".
استثمارات سعودية
ويتيح المغرب كثيراً من الفرص الاستثمارية الجديدة للقطاع الخاص السعودي بقيمة تصل إلى نحو 3 مليارات دولار، موزّعة بين عديد من القطاعات، لا سيما الطاقة والمياه، وذلك بحسب تصريحات سابقة أدلى بها عجلان العجلان، رئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف السعودية لـ"الشرق بلومبيرغ".
وجاءت تصريحات العجلان على هامش مشاركته في "المنتدى الاقتصادي المغربي السعودي"، الذي انعقد في أكتوبر 2022 بالدار البيضاء، مؤكداً أن هناك "تشجيعاً ودعماً من قيادة البلدين لمزيد من الاستثمارات البينية والتبادل التجاري، والفرص هائلة ومتوفرة والرغبة أكيدة".
وكان وزير التجارة السعودي ماجد القصبي صرّح خلال مشاركته في المنتدى بأن إجمالي الاستثمارات السعودية في المغرب تبلغ نحو 6 مليارات دولار.
وانتهى المنتدى السعودي المغربي آنذاك بتوصياتٍ لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وسط تأكيد لأهمية استغلال الفرص الاستثمارية في الكهرباء، والمياه، واللوجستيات، والصناعة، والسياحة، والعقار.
كما أكّد المشاركون ضرورة تفعيل دور مجلس الأعمال السعودي المغربي، وتعزيز الشراكة بين المجلس والصندوق الاستثماري المشترك.
ويأمل رجال الأعمال وأصحاب الشركات في البلدين بأن يشكّل الصندوق المرتقب خريطة طريق جديدة تفتح أبواباً واسعة أمام الشراكة الاقتصادية بين الجانبين خلال السنوات القادمة.
التجارة البينية
وعلى الصعيد التجاري يرى البلدان بأن حجم التبادل الثنائي لا يزال دون مستوى الطموح، ولا يتناسب مع قوة العلاقات الثنائية بينهما.
وتكشف أرقام وزارة التجارة والصناعة المغربية عن أن التبادل التجاري بين البلدين عام 2021 بلغ نحو 1.7 مليار دولار، معظمها لاستيراد النفط ومشتقاته من السعودية.
ويسعى البلدان إلى مضاعفة التجارة البينية لتصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً، في ظلّ وجود رغبة لتذليل العقبات، خاصة بعد فتح ملحقية تجارية لسفارة المملكة في الدار البيضاء.
وشهد اجتماع مجلس الأعمال المغربي السعودي الأخير تحديد عدّة منتجات مغربية يمكن الرفع من حجم صادراتها إلى السعودية، منها النسيج، والصناعة التقليدية، وأجزاء السيارات، والمنتجات الغذائية، ومنتجات التكنولوجيا.
وفي المقابل جرى تحديد المنتجات الكيماوية والزيوت بجانب منتجات البلاستيك لتعزيز الصادرات السعودية إلى المغرب في الفترة المقبلة.
ونوّه بنجلون بهيمنة المحروقات والمنتجات الفلاحية على السلع المتبادلة بين البلدين، مؤكداً أن الهدف هو السعي نحو تنويعها بشكل أكبر من خلال تذليل العلاقات الإدارية؛ مثل الاعتراف المتبادل بالشهادات، وتسهيل عمليات التبادل من خلال إطلاق خط بحري مباشر.
الأسواق الأفريقية
ولا تقتصر أهداف البلدين عند حد تعزيز التعاون الاستثمار والتجاري فحسب؛ وإنما يخططان لدخول الأسواق الأفريقية من خلال إنشاء شركات مشتركة، بالاعتماد على وجود البنوك والشركات المغربية في عدد كبير من دول القارة السمراء.
من جانبها نوّهت صحيفة "هسبريس" الإلكترونية المغربية بحاجة الرباط إلى موارد مالية قوية لدفع مشاريعها، وتعد السعودية من الدول الخليجية، إلى جانب الإمارات وقطر والبحرين، التي تحرص على دعم تمويل المشاريع الكبرى والصغرى والمتوسطة بالمغرب.
ونقلت الصحيفة عن خبير اقتصادي قوله إن السعودية ستستفيد من الصندوق المالي المشترك مع الرباط، عبر بلوغ الأسواق الأفريقية الواعدة بالمنطقة؛ من خلال دعم الشركات المغربية الناشئة والتي وضعت أقدامها في المحيط الأفريقي.
تعزيز التبادل الاستثماري
وفي هذا الإطار يرى خبير الاقتصاد عامر الشوبكي أن أهمية الصندوق المشترك تكمن في تعزيز التبادل الاستثماري بين السعودية والمغرب، وهي فكرة رائدة على الطريق الصحيح، فضلاً عن كونها نهجاً جديداً لزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
ويلفت الشوبكي في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين منخفض نسبياً؛ فهو يصل إلى 1.7 مليار دولار، وهذا مبلغ بسيط، يذهب نحو مليار دولار منه فقط من أجل شراء النفط ومشتقاته من السعودية.
ويتابع بأن الباقي يذهب على شكل منتجات الخضار والفاكهة، في حين تأتي من المغرب مصنوعات يدوية، مشيراً إلى وجود خطط لإنشاء خط بحري مباشر، وزيادة في عدد الخطوط الجوية، مما سيسهل الحركة التجارية بشكل أفضل.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ضرورة زيادة وجود الشركات السعودية في الأراضي المغربية، وتوسعة نطاق المواد المستوردة من المغرب إلى السعودية.
ولفت إلى أن السعودية في صدد نهضة صناعية متطورة، وتحتاج إلى التكنولوجيا وقطع الغيار للمركبات والبضائع الأخرى التي سيتم استيرادها من المغرب، مبيناً أنه سيكون هناك في المقابل فرصة لتصدير المزيد من المواد الكيماوية والبتروكيماوية والبلاستيك إلى المغرب.