سليم محمد - الخليج أونلاين-
مثلت زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح إلى تركيا، يوم 7 مايو الجاري، في "زيارة دولة" هي الأولى له إلى دولة غير عربية بعد توليه الحكم، محطة هامة في مسار العلاقات بين البلدين.
وتأتي الزيارة بمناسبة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والأولى لأمير الكويت منذ 7 سنوات.
وبحسب السفيرة التركية لدى الكويت طوبى نور سونمز، فإن الزيارة "ليست فقط دلالة على الصداقة العميقة والتعاون بين بلدينا، ولكنها تمثل أيضاً أول زيارة رسمية لصاحب السمو خارج العالم العربي، وهي إشارة واضحة على القرب والاحترام المتبادل الذي يحدد العلاقة بين تركيا والكويت".
تعزيز العلاقات
وشهدت الزيارة جلسة مباحثات رسمية بين قادة البلدين، كما عبر أمير الكويت عن تطلعه لـ"تعزيز التعاون بين الكويت وتركيا في المجالين التجاري والاستثماري"، مضيفاً: "زيارتنا اليوم تعزز التعاون المثمر البناء بين البلدين، وتجسد حرص القيادتين على الارتقاء به في شتى المجالات، بما يخدم مصالح بلدينا ويحقق آمال شعبينا".
كما عبر عن اعتزازه بالتعاون مع الشركات التركية لتنفيذ مشاريع في بلاده، "نعتز بجهود شركة (ليماك التركية) التي تتولى تنفيذ مشروع مبنى مطار الكويت الجديد".
وعبر أيضاً الشيخ مشعل الأحمد عن تطلعه لعقد الدورة الثالثة من لجنة التعاون المشتركة على مستوى وزيري خارجية البلدين في دولة الكويت، وكذلك عقد الدورة الـ11 للجنة الكويتية - التركية المشتركة للتعاون الاقتصادي والصناعي والفني في أنقرة.
كما شهدت الزيارة التوقيع على 6 اتفاقيات، أبرزها اتفاقية في شأن عقود شراء الصناعات الدفاعية، وأخرى لإنشاء حوار استراتيجي مشترك بين وزارتي الخارجية.
وفي المجال الأمني تم توقيع مذكرة تفاهم بين الإدارة العامة للدفاع المدني الكويتية ورئاسة إدارة الطوارئ التركية (آفاد).
وفيما يتعلق بالجانب الاستثماري، وقعت هيئة تشجيع الاستثمار الكويتية والإدارة العامة للمناطق الحرة التركية، خطاب نوايا بشأن التعاون في مجال المناطق الحرة، ومذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، ومكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية، في شأن التعاون في مجال تشجيع الاستثمار.
كما جرى توقيع خطاب نوايا بين وزارة الدولة لشؤون الإسكان الكويتية ووزارة البيئة والعمران والتغيير المناخي التركية، في شأن التعاون في مجال الرعاية السكنية والبنية التحتية.
أهمية الزيارة
وعلى هامش الزيارة قلّد الرئيس التركي أمير الكويت وسام "الجمهورية"، وهو أعلى الأوسمة التركية، كدلالة على أهمية العلاقات بين البلدين.
يقول الصحفي التركي ورئيس تحرير موقع "وكالة أنباء تركيا" حمزة تكين، في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين": إن "اختيار أمير الكويت لتركيا كأول محطة غير عربية له منذ توليه مقاليد الحكم في الكويت، رسالة كبيرة وواضحة لأهمية الدولة وأهمية العلاقات معها وتعزيزها حاضراً ومستقبلاً، وهي رسالة كويتية للجانب التركي".
وحول نوعية الاستقبال يضيف "تكين" أن نوعية وأسلوب الاستقبال الذي حظي به أمير الكويت "كبير ومميز جداً، فعادة الرئيس أردوغان لا يستقبل ضيوفه في المطار، بل في المجمع الرئاسي بمراسم رسمية، وما حصل نادر جداً، حيث استقبله أردوغان عند سلم الطائرة فور وصوله إلى العاصمة أنقرة".
كما أشار الصحفي التركي إلى أن الرئيس أردوغان استقبل أيضاً أمير الكويت في المجمع الرئاسي، "أي إن الاستقبال كان مزدوجاً"، وهذا الأمر "نادراً ما يحصل في تركيا، ومن ثم هي رسالة تركية من حيث الشكل تقول للكويت ولأميرها إنكم تحظون بأهمية كبيرة جداً في تركيا وعند أردوغان".
كما اعتبر أن "الزيارة هي نقطة تحول كبيرة في العلاقات التركية الكويتية، ومن ثم سيكون ما بعد هذه الزيارة من علاقات تعاون وشراكة بين الطرفين مميزاً وكبيراً في كثير من الميادين".
زخم العلاقة
تتفق الكويت وتركيا في كثير من القضايا، لا سيما القضية الفلسطينية، فكلاهما يدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على غزة، وآخرها العدوان المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.
تقول السفيرة التركية في الكويت البلاد طوبى نور سونمز، في حوار مع "الجريدة" الكويتية، إن تركيا والكويت تشتركان في الدعوة إلى إنهاء العنف، ووقف الاحتلال الإسرائيلي الوحشي، وإنشاء دولة فلسطينية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وباعتبارنا شريكين متشابهين في التفكير، فإن قادتنا سيناقشون بلا شك الوضع الإنساني في غزة.
كما اكتسبت العلاقات بينهما زخماً من خلال الزيارات الرفيعة المستوى التي جرت في السنوات الأخيرة، والاتفاقيات العديدة التي وقعت خلالها.
حيث أجريت 5 زيارات على مستوى زعيمي البلدين في عام 2017 وحده، تبعتها الزيارة التي أجراها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح لتركيا، في 18 مايو 2018، للمشاركة في قمة "التعاون الإسلامي" الطارئة التي عقدت في إسطنبول حول القدس.
وعلى الصعيد الاقتصادي يعمل في تركيا أكثر من 400 شركة كويتية، في حين تنشط نحو 50 شركة تركية في الكويت، بينما زار 400 ألف سائح كويتي تركيا العام المنصرم 2023، بحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا".
وفقاً للإحصائيات الرسمية التركية في 2023، تصل قيمة الاستثمارات الكويتية في تركيا إلى 1.5 مليار دولار، في حين تبلغ قيم المشاريع التي تنفذها الشركات التركية في الكويت 6.3 مليارات دولار.
كما تعد تركيا وجهة سياحية مفضلة للمواطنين الكويتيين، وذلك حسبما تظهره إحصاءات وزارة السياحة التركية، حيث زارها خلال العامين الماضيين، مليون مواطن كويتي.
وفي هذا الصدد يقول الصحفي التركي حمزة تكين لـ"الخليج أونلاين": إن "العلاقات بين الجانبين عمرها 60 عاماً، أساسها الاحترام وتبادل المصالح المشتركة ودعم القضايا المحقق إقليمياً ودولياً، وخاصة في العالم العربي والإسلامي".
ويضيف أن "الدولتين وقفتا بجانب بعضهما البعض في أصعب الظروف، ونحن في تركيا لن ننسى وقفة الكويت القوية والمباشرة ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شاهدتها تركيا عام 2016، عندما نددت الدولة الخليجية منذ اللحظة الأولى بهذه المحاولة، ودعمت الشعب التركي والحكومة المنتخبة، هذا موقف كويتي تاريخي لن ننساه في تركيا".
كما يشير إلى أن "استثمارات الكويت حالياً في تركيا تتجاوز 5 مليارات دولار، وهناك عشرات الشركات الكويتية تعمل في تركيا، وعشرات الشركات التركية التي تعمل في الكويت، وعلى رأسها الشركات التركية التي تنجز حالياً مطار الكويت الجديد الذي سيكون تحفة في المنطقة".